العدد 2630
الأحد 27 ديسمبر 2015
banner
لماذا خسرنا موقعنا؟ أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 27 ديسمبر 2015

اليوم الكل يتباكى على الاقتصاد وبالأمس كان نفس الذين يتباكون على الاقتصاد يغرقون في السياسة والفضيلة المزيفة، بل هم سبب رئيس في الركود الذي نشهده اللحظة، وليست أزمة النفط، فلو سرنا على نفس البرنامج قبل المشاريع السياسية العقيمة لوصلنا لما وصلت له دول المنطقة في تنويع مصادر الدخل التي وقف المتباكون بالأمس على الفضيلة يتباكون اليوم على الاقتصاد، ومازلت اذكر ذاك النائب الديني المغوار الذي وقف في برلمان 2002 وقال لا للسياحة حتى لو خسرنا رواتبنا وهو اليوم لا ينفك يردد ذات الثرثرة ولكن بأسلوب مغاير بعد أن تغير موقعه، كان هذا النائب واحدا من زمرة احتكرت يومها الفضيلة لها وحدها فماذا كانت النتيجة اليوم، يعين في موقع أخطر من الموقع الأول وتقولون لماذا تراجع اقتصاد البحرين، تراجع بفضل السياسة العقيمة هذه.
الحديث والصخب الدائر اليوم في كل الصحف والمنتديات والشارع حول الوضع المالي والاقتصادي، أمر جديد على دولة كالبحرين ظلت طوال تاريخها الحديث مستقرة مالياً واقتصادياً حتى اثناء الأزمات العالمية الدورية التي تأتي وتذهب، فقد ظلت البلد بعيدة الى حدٍ ما عن هذا المشهد الذي يجري اليوم ويثير الفزع في صفوف المواطنين ويكاد يؤرقهم ويقلب احلامهم في الرخاء الى كوابيس، ما سبب هذه الحالة؟ ولماذا يشعر المواطن بالخوف؟ هل الحالة فعلاً تستدعي مثل هذا الخوف والفزع؟ هناك من يفترض بهم طمأنة المواطن وشرح وتفسير الوضع له، وأن يأخذوا منحى غير الطريقة الحالية التي تجري فيها التصريحات بين مختلف الجهات من دون تنسيق أو تفاهم بحيث يخرج الكلام من كل طرف موحد بدلاً من هذه الحالة التي يقول فيها هذا الطرف “يوش” فيرد الآخر الذي يسكن معه في الغرفة “دامن”.
قبل فترة أتعستنا السياسة لدرجة اننا فقدنا معها كل بريق السنين الماضية في المجالات الحيوية، وكان الجميع مشغولين بالسياسة من اعلى  المسؤولية حتى ادناها، قلة كان همهم على الأمن والاقتصاد، كان الجميع منساقين بجنون وراء الديمقراطية الودرة وحقوق الانسان وانشغلنا بالدستور وتغييره وحرية التظاهر والحوار الفارغ وغيرها من الأمور العبثية ونسينا ان نفكر بالتنمية وتأهيل البلد لمثل الوضع الراهن واليوم نفس الذين انشغلوا بالسياسة هم من ينوحون على الاقتصاد، وأذكرهم فقط أن مجالسكم النيابية كلها منذ الأول حتى الأخير، كانت حتى الأمس تحتكر الفضيلة والسياسة وتحرم الانفتاح والسياحة والخدمات الملحقة بها واليوم تبكون،  فبعد ان كان الانفتاح في هذا البلد مضرب الامثال تستوحي منه دول المنطقة خطواتها في هذا الطريق، اصبحنا نقرأ ونسمع ما يتم تحضيره في الجوار من فعاليات سياحية تحاكي ما يجرى في استراليا وماليزيا وأوروبا ولم يعد أمامنا الا ان نكافح ونتمسك بما تبقى من مشاريع قبل أن تلحسها منا قبضة التزمت والتشدد والتدروش التي أغرقت بلادنا في هذا الجو الكئيب.
 هناك اليوم تحديات كبيرة وهائلة تواجه المجتمع البحريني وتهدد بزيادة المصاعب والمشكلات من خلال تعقد الحياة المعيشية، وبينما المفترض ان تكون هناك من الآن دراسات وبحوث واستراتيجيات، لكنه للأسف الشديد في خضم هذا المحيط الهائج بالتحديات لا نرى سوى المزيد من التصرفات التي تربك اقتصادنا واستقرارنا.
إن التركيز في هذه المرحلة على الاقتصاد هو الطريق الصحيح الذي على البحرين ان تختاره بعد تجربة الطريق السياسي البحت الذي جرى خلاله تسييس كل الملفات حتى تحولت حياتنا اليوم الى ساحة لتصفية الحسابات ونسينا ان الرخاء والرفاه طريقه الاقتصاد الصحيح والصحي الخالي من الثغرات.
إن اقتصاد البحرين كان ولا يزال من الاقتصاديات القوية في المنطقة ويرتكز على قاعدة قوية وصلبة لولا بعض الثغرات التي افرزتها السياسة والإغراق فيها من دون وعي ومسؤولية وبالتالي اصبح من الواجب للسير بالبلاد في الطريق السليم الالتزام بالرؤية السياسية التي برزت خلال العقود الماضية ووضعت حينذاك وقبل الديمقراطية والبرلمان وحقوق الانسان برنامجا شاملا لتنويع مصادر الدخل من علاماته ألبا والحوض الجاف والبتروكيماويات ولولا اقحامنا في السياسة لاستمر هذا المنهج واتسع وتنوعت مصادر الدخل في جو مستقر، لكن العقول الفاشلة والسياسات واللغو الزائد عن الحاجة ادخل البلاد في الركود الاقتصادي حتى قبل ان تنخفض اسعار النفط.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .