العدد 2591
الأربعاء 18 نوفمبر 2015
banner
فرق الموت صناعة غربية! لا تتعجبوا أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 18 نوفمبر 2015

لا أنسى أبداً أن الإعلام الفرنسي مع الإعلام الغربي عامة أول من أطلق عبارة الربيع العربي على الدماء التي سالت في مصر وليبيا وسوريا والبحرين، لا ننسى ذلك، والآن ماذا سيسمي هذا الإعلام ذاته الدماء المروعة التي سالت في فرنسا هذا الأسبوع؟ الإعلام الفرنسي والغربي عموماً أسرع بتصديق حبكتهم ضد العالم العربي بأنه تغيير وثورات وشباب يتوق للحرية ومن هذا الكلام، وبعد كل هذه السنوات وكل الدمار والخراب الذي عم العالم العربي هل وصل الغرب لقناعة بأن ما جرى في فرنسا من ارهاب هو تكملة مخيفة جداً ونسخة من الارهاب الذي أشاعه الولي الفقيه في البحرين وهو نسخة إن اختلف الطابع الديني لها لكنها تصب فيما يفعله التشدد والتعصب الطائفي والديني ولا فرق في قتل الأبرياء في البحرين وقتل الأبرياء في فرنسا رغم اختلاف اللون.
 سحابات قادمة وربما دماء تتواصل وتوقعات بانفجارات مرعبة قد تعم العالم بأسره وكلها بسبب الغباء الغربي الذي ظن بأن تدمير الأنظمة العربية المستقرة سوف يجلب السعادة للشعوب الغربية التي ستستفيد من الثروات العربية التي ستسيطر عليها، ظن الغرب وعلى رأسه أميركا ورئيسها المفتون بالثورات العربية أن دمار الدول العربية سوف يزيد ثراء الغرب، حتى الآن دفع الغرب فاتورة هذا الظن الأحمق ومرشح لدفع المزيد لو ظل يسير بنفس الاعتقاد، وهناك مؤشرات كافية تدل على أنه يسير في هذا الاتجاه بدليل استمرار هذا الغرب يماطل في تسليح الجيش الليبي الفقير والمهلهل ليواجه عصابات التطرف وفرق الموت الليبية التي مازال المبعوث الفرنسي ذاته في ليبيا يسمي هذه العصابات بالفعاليات السياسية ولا يتوانى عن دعوتها للحوار مع بقايا الدولة الليبية التي تحاول جاهدة استرجاع صورة الدولة.
 لقد تعب الجسد العربي وهو يواجه المؤامرات الغربية عليه حتى تفكك وانتشرت شظاياه على شكل داعش والحشد الشعبي في العراق والقاعدة والنصرة وغيرها من كتائب الموت المنتشرة اليوم نتيجة تفكك النظام العربي، وهو المشروع الذي رعته أميركا، والغرب عموماً، لن نشمت في الضحايا، محال ذلك، ولن نحاسب الغرب على غبائه وهو يقع في ذات الفخ الذي نصبه لنا، ذلك غير إنساني وغير حضاري رغم تعامل هذا الغرب نفسه معنا من غير انسانية، فعندما يسمى استشهاد رجال الأمن عندنا سياسة وتعبيرا عن مطالب فهو هنا يقع في ذات الفخ الذي نصبه، لن نشمت، معاذ ذلك، ونقول ليشرب من نفس الكأس ولكن عليه أن يتغير ويدرك ويتراجع ويعترف بحمقه، هل يفعل ذلك بعد هذا الدم البريء الذي سال على أرض فرنسا؟
لقد سالت دماء عربية بريئة توازي نهراً منذ تفتق المشروع الغربي بما زعمه بالربيع العربي، فهل ما يجري اليوم على الساحة الغربية من نتائج هذا الدمار هو الربيع الغربي، تصوروا الوحشية التي سيتهمنا الغرب بها لو اطلقنا على ما جرى عندهم بالربيع الأوروبي؟ وهو يواكب ربيع الدم عندنا، ضحكوا علينا حينما أسموه ربيع العرب وهو الاسم الغريب الآتي من الغموض، فلابد من إدارة اللعبة من جديد ولابد من تغيير الاسم فقد اكتفينا من الدم ولم نشهد بعد الأزهار.
كل الخراب.. كل الدمار الذي حل بالعرب منذ خمس سنوات حتى اليوم، سببه هذه الإدارة الأميركية الغربية الانتحارية التي ارتدت حزاماً ناسفاً وراحت تجول في الشوارع والميادين العربية حاملة كأس الدم ترفعه تحتفي به كلما دمر وطناً عربياً، وللأسف الشديد الشعوب العربية لاهية بصراعاتها الداخلية وهي لا تعلم أن الغربي والأميركي يستخدمها وقودا لمشروعه اللاهوتي الإخواني الصفوي.
غفت باريس ليلتها على تلك الصورة الوحشية في قتل الأبرياء فهل وصلت الرسالة واضحة لهم أم مازالوا مأخوذين بتدمير النظام العربي؟ وليثبتوا غيرذلك... ليسلحوا الجيش الليبي الوطني ليواجه فرق الموت هناك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .