العدد 2588
الأحد 15 نوفمبر 2015
banner
الشياطين وكيف يتسللون؟ أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 15 نوفمبر 2015

التفكير الإيجابي هو ذلك الذي يتحلى به الإنسان وقت الشدة، فعندما ترى الشياطين يحيطون بك أو بأسرتك أو وطنك أو منطقتك، وتكتب متفائلاً فهذا هو التفكير الايجابي، لأنك ببساطة قادر على التعامل مع هذا الخطر ومتمكن من دحر الشياطين وكانت لنا تجربة عظيمة في دحر الشياطين منذ سنوات طويلة ليس منذ 2011 وإنما قبل ذلك بكثير حينما تعرضنا للخطر كنا نخرج منه منتصرين، وحينما نتعرض لأزمة مالية أو اقتصادية نعبرها أقوى منذ قبل، ولم نر في المراحل السابقة هذا البكاء وهذا العويل لدى الكثير من الناس على الوضع الذي نمر به اليوم رغم الضيق والعسر والأزمات التي تحاصر المنطقة والبحرين، ولكن كان وقتها، الرجال يشدون بعضهم، يقذفون بالتشاؤم وينبذون الرثاء وجلد الذات ويعبرون الأزمة بثقة وصبر وعمل وليس بالبكاء كما يحدث اليوم.
لا أقول لا نعمل، ولا أقول لا نتحرك أو نزيد من قوة الانتاج والبحث عن المخارج وتحفيز القوة الكامنة بداخلنا كشعب ودولة وقيادة، ولكن ما أراه اليوم نحيب أكثر من العمل وتفكير سلبي أكثر منه تأمل الحالة وتتبع الحلول والبحث عن مكامن القوة في جسد الأمة، فالأمة التي تنتحب كالنساء ولا تعرف ماذا تفعل وقت الشدائد هي أمة كتب عليها العجز والرضوخ وستبقى في الصفوف الخلفية ويسبقها حتى جيرانها ما لم تنتفض وتعرف أين تسير؟ ومن يقرأ هذه الأيام وجوه البعض وكلمات الرثاء في الوضع الحالي يخيل له بأننا فقدنا البوصلة ولا نعرف أين نسير؟ وأتحنا الفرصة لتسلل الشياطين والمخربين ومن هذه الثغرة يتسلل الشياطين، حتى بعض مسؤولينا انتحبوا وفقدوا التفكير الايجابي وساهموا في توصيل الحالة السلبية للمواطن من خلال الانتحاب، والمواطن غير ملوم وهو يتجه للبكاء والخوف والقلق على مصيره وهو يرى بعض مسؤوليه المكلفين بمعالجة الأزمات وفك الخوف خائفين أكثر من المواطن نفسه، فماذا تتوقعون من البسطاء من الناس أن يواجهوا التصريحات السلبية التي تؤذن بأيام سوداء بدل أن نرى مسؤولين ينفضوا الغبار عن أنفسهم وينزلوا الميدان ويعالجوا الأزمات وخوف الناس بالعمل والتفكير الايجابي واستعادة روح الامة التي كانت دائماً  تواجه الشدائد بالقوة والعزيمة لا بالذعر والتوتر، وهذا ما ألحظه في تصريحات النواب وبعض الوزراء والمسؤولين الذين جزعوا حالما جرى الحديث عن أسعار النفط والتقشف وشد الأحزمة وأرقتهم أزمة اللحوم ولم يحركهم خطر الارهاب واكتشاف الاسلحة والمتفجرات بكميات تكفي لتدمير مدن البحرين، أليس غريبا أن نزرع في الناس الخوف من تدمير المدن بهذه الأسلحة وهي التصريحات المتكررة وبذات الوقت لا نعرف كيف نوقف تسلل وتهريب الاسلحة؟ أليس غريباً أن نحذر الناس من المجاعة القادمة بسبب تحطم اسعار النفط ولا نطمئنهم بوجود خطط بديلة لمواصلة مسيرة التنمية والحفاظ على نمط حياة المواطن المعيشية؟ أليس الأجدر بصحافتنا وبعض كتابنا تحفيز الدولة على الخروج من حالة الصمت أو التفكير السلبي ومواجهة الأمر بثقة وعزيمة من لا يخشى من أي مستقبل مظلم مادامت هناك عزيمة للرجال ولا أقول النساء مع الأسف لأن الكثير من النساء ينتحبن هذه الأيام.
هذه الأمة بحاجة للخروج من حالة النحيب ولا تفسير لجلد الذات كل يوم وكل ساعة وخلق الذعر في نفوس الناس من المستقبل، كيف نصنع المستقبل ونحن خائفون منه؟ كيف نوقظ الناس ونحرضهم على العمل والإنتاج وفي ذات الوقت نصور لهم الحالة السوداء التي تنتظرنا؟ كيف نجعل الناس سعداء ونهددهم في حياتهم المعيشية؟ إلا إذا كان الوضع قد وصل لطريق مسدود والحالة ميئوس منها، اخبرونا بذلك حتى ننتحر ولا نبقى نموت كل يوم من الخوف والقلق.
عندما يقول مسؤول في الدولة سوف تشهد الفترة القادمة اجراءات أكثر تقشفاً وشداً للحزام ولا يقرن ذلك بأي تفكير ايجابي لكيفية حفظ المكاسب التي تحققت وتعزيزها، فماذا تنتظر من خلق الله أن يواجهوا غير الذعر؟
ليت بعض هؤلاء يكتسبون شيئاً يسيراً من حكمة سمو رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه وهو لا يكل كل يوم عن طمأنة المواطن على مستقبله ومستقبل شعبه.
الحكمة تقول، الأصابع في اليد كالإخوة، ولكنها ليست متساوية!.

تأمل: وداعاً يا صديق العمر والطفولة والقلم والألم خالد البسام.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .