العدد 2584
الأربعاء 11 نوفمبر 2015
banner
سؤال اختبار؟ أيهما أخطر الإرهاب أم الوشم؟ أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 11 نوفمبر 2015

اللوم الذي يتعرض له اليوم النواب وأعضاء المجالس البلدية بسبب أدائهم الفقير وعدم انسجام هذا الأداء مع رغبات وطموحات الناس، وأضع كلمة “الناس” بين مزدوجين لأعود لها فيما بعد لأنها أساس مقال اليوم، هذا التوبيخ حينا والغضب حينا آخر والتعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تصب كلها على النواب وأدائهم، لا يقع اللوم على النواب، وأقولها باختصار للوقت والكلمات، لا أريد أن أضيع وقت القارئ، نعم اللوم لا يقع على النواب مهما قالوا ومهما فعلوا حتى لو استصدروا مشروعاً بشنق المواطنين لا ألومهم لأن الملوم بالدرجة الأولى هم “الناس”، وها قد عدت لهذه الكلمة.
الذين انتخبوا هؤلاء ألا يعلمون أن المسؤولية ستقع عليهم فيما سيؤول إليه حال النواب؟ ألم يدركوا انهم باختيارهم هؤلاء النواب سيكون مصيرهم بيدهم؟ هذه الحقيقة لابد أن يتعلم منها المواطن خلال السنوات التالية وعليه أن يدرك أن هذه المسؤولية سوف يترتب عليها موقف المواطن ذاته، فهو عندما يتوفر له الاختيار لا يفكر ولا يتعب نفسه ولا يبحث في خلفية هذا المرشح وقدراته وثقافته وقوته واستقلاله وكل ما له صلة بأدائه، كل ما يهمه أي هذا الناحب ساعتها الوعود وربما بعض الخدمات وبعض “الدهن” وانتهى الأمر، هذا ما يحدث وقتها ثم تذهب السكرة وتأتي الفكرة، ويبدأ هذا الناخب يشتكي من نائبه الذي انتخبه، يا أخي أو يا أختي أنتم من اخترتم هؤلاء وأنتم من أوصلتموهم بأصواتكم للبرلمان كما هي القواعد، فأية شكوى وأي تقصير وأي لوم يقع بالدرجة الأولى عليكم، وهذا يحملكم مسؤولية في المرة القادمة لتحسنوا الاختيار، في كل دول العالم التي تبحث عن الكمال والازدهار والرقي أول ما ينظر للإنسان سواء كان وزيراً أو نائباً أو عضواً في أية هيئة، هو النظر لتاريخ الرجل وصدقه وكفاءته وثقافته، أما هنا فأول سؤال يطرح لدى الناخب، هل فلان يصلي؟
المسألة يا جماعة الخير ليست الصلاة مع الاحترام للسؤال، لكن المسؤولية تختلف عن مجرد السؤال؟ الكل يصلي والكل يذهب للمسجد والكل مسلم لكن المسألة تتعدى الدين وتدخل في المسؤولية الوطنية وتحمل عبء المرحلة التاريخية التي يمر بها الوطن، خصوصا أن البحرين بصغرها وقلة امكانياتها المادية تواجه هذه التحديات الجسيمة من ارهاب وتهديدات خارجية وطابور خامس في الداخل يتحين الفرص، بمثل هذه الظروف يتحمل الناخب مسؤولية اختيار نائبه الذي لا يمثله فحسب بل يمثل الشعب بأكمله والمشكلة هنا أن النواب يمثلون مناطقهم وحتى هذه لا يمثلونها بحسب ما يشتكي منه المواطنون اليوم، اذا كما رأينا المسألة ليست في التقوى والفضيلة فهذه صفات يفترض ان تتوفر في كل انسان من دون السؤال والبحث عنها، المفترض خلال فترة الانتخاب أن يتأمل المواطن المرشح أمامه ويبحث في تاريخه ويناقشه ويستفسر منه وعن برنامجه، هناك نواب فازوا بالصدفة حتى أنهم لم يصدقوا وقت اعلان النتائج، هل يجوز ذلك في العرف والقواعد الديمقراطية التي لا أعرف من أين جاءتنا الفكرة؟
مقالي اليوم استخلصته من كل هذا الكم من اللوم الذي يسوقه المواطن تجاه النائب والشكوى التي يشوكها منه، بل استغربت من توقف المواطن لدى موضوع الوشوم التي ركز عليها النواب ونسوا ما تتعرض له البلاد من ارهاب، وسؤالي للناخب:
عندما انتخبت أيها المواطن الطيب نائبك للبرلمان ألم تعلم مستوى من انتخبت أو قدراته أو ثقافته؟ إذا كان الجواب لا فهي مصيبة، وإذا كان الجواب نعم فالمصيبة مصيبتان، ومن هنا حان الوقت للتأمل والدراسة والبحث مستقبلاً عن نواب يعرفون قيمة المرحلة التاريخية ويميزون بين الوشوم والإرهاب وأيهما أخطر على البلاد والعباد؟ ولا يكفي السؤال عن الصلاة فقط لاختيار النائب الذي ترضى عنه، وأختم مقالي بالمثل الشعبي “خبزٍ خَبزته أكله”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية