العدد 2581
الأحد 08 نوفمبر 2015
banner
حذار من تسييس تقرير الرقابة أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 08 نوفمبر 2015

البحرين هذا الاسم الجميل الرائع، الكلمة العذبة التي تتغنى بها القصائد وتحلم بها الأرواح، وتشهق من خلالها الألسن، للأسف هناك من يريد أن يشوهها ويمحي صورتها المزدهرة وينزع عنها بريق الجمال لمجرد المزايدات السياسية، ولأجل الظهور بمظهر المدافعين عما يسمونه الشفافية وهي كلمة أكرهها كرهاً لشدة استخدامها المبتذل وشدة توظيفها الخاطئ والمغلوط بالإضافة لارتباطها بالمحاولات الانقلابية الفاشلة التي جرت في حق البحرين طوال العقود الماضية، لذلك أستغرب من فزعة النواب وبعض الكتاب وحتى الصحف المحلية في استقبال تقرير الرقابة المالية وكأنه إعلان حرب عالمية على البحرين وعلى تاريخها الحضاري وعلى مكاسبها ومنجزاتها التاريخية وما حققته من ازدهار لمجرد أخطاء وتجاوزات تحدث في كل الدول حتى تلك التي تدعي الفضيلة والكمال لا تخلو من هذه الأخطاء، لكن أن نجلد نفسنا ونوظف صحفنا وإعلامنا ونوابنا في فزعة كنت أتمناها أن تصب في وقف الإرهاب والتخريب المستمر الذي مازال يطول البلاد، لا يجب أن ننسى كل هذا التخريب ونعلق شماعة تقرير الرقابة على كل ما حولنا بل ونصور الأمر وكأنه نهاية البحرين، فماذا تركنا إذا لأعداء البلاد الذين يتصيدون في الفاضي والمليان لاستهداف البحرين؟
من هنا عندما نقول إن البحرين خسرت كثيراً من لعبة السياسة التي فرضت نفسها على حساب الاقتصاد والثقافة والحضارة، وسوف تدفع بنا لمزيد من الخسائر خلال السنوات القادمة إذا لم نتراجع أو نفكر بعقلانية وإذا ما فرضت علينا المصالح الخاصة والأنانية سياستها في الساحة السياسية التي تموج اليوم بكل الوان البضائع التي تصب في خانة الهجوم على البحرين، أنا لا أقلل من أهمية هذا التقرير لكن لا يجب أن ننسى أنه مجرد تقرير للأخطاء والنواقص وسيتم التعامل معه على هذا الأساس، لكن ان نجلد أنفسنا ونقدم بأيدينا مادة دسمة لأعدائنا للاصطياد في الماء العكر فهذا خطأ يوازي ما جاء في تقرير الرقابة، نعم هناك تجاوزات ستأخذ طريقها عبر القنوات المناسبة لكن أن نرى نوابا وكتابا وصحفا وعناوين هائلة ومفجرة وكأنها نهاية العالم فهذا والله من المزايدات للاستهلاك الإعلامي خصوصا أن هناك من يريد أن يسيس هذا التقرير لأغراض تصب في استهداف البحرين، فلا يجب أن ننزلق بمشاعر عاطفية أو دعايات سياسية فقط لنكسب نقاطا في لعبة السياسة على حساب البحرين وسمعتها الحضارية.        
حينما اشدد على ان لعبة السياسة لعبة خاسرة لا أعني ألا نمارس السياسة وأن نبتعد عنها، فذلك أشبه بالمستحيلات، فلا وجود في عالم اليوم الى ما ليس له علاقة بالسياسة حتى الماء والهواء من حولنا هو السياسة ولكن الفرق في الممارسة والعمل والنتائج.
تقرير الرقابة تقرير عادي، ويجب التعامل معه على هذا الأساس، ومن خلال القنوات الرسمية التي ستعالج الثغرات ولا يجب أن يسود الرعب والمبالغة لتسييس التقرير ليتحول لمادة لأعداء الوطن فحذار يا نواب وصحافة وإعلام من الانزلاق في هذا الفخ.                                                              
السياسة لعبة صنع الرفاهية لا الخراب، والسياسة في قاموس الدول الحضارية والعقلانية فن صناعة الرخاء بأسلوب المنافسة بينما مختلف الفعاليات التي تتسابق على سباق من يكسب أكثر ومن يكسر أكثر ومن يحطم الآخر أكثر ومن يعزل الآخر ويتسيد هو وحاشيته ومن يخرج من المولد بكل الوان الأكل وليس فقط بالحمص. 
كما قلت في البداية وأختم في النهاية مجتمعنا خسر حتى الآن الكثير ومرشح للخسارة أكثر مما نتصور إن تسيدت المزايدات والمبالغات وجلد الذات، بما لا يحتمل هذا الوطن الصغير الذي لم يعد يلبي متطلبات وطلبات الجميع فالكل تقريباً لديه حاجة ومطلب، السنة يريدون والشيعة يريدون والتجار يريدون والسياسيون يريدون والإرهابيون!! يريدون وتقريباً الجميع يريدون، فهل يكفي ما في هذا الوطن لتلبية كل هذه الطلبات؟.           

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية