العدد 2577
الأربعاء 04 نوفمبر 2015
banner
ظاهرة حان لها أن تختفي أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 04 نوفمبر 2015

يقول بهاء الدين، زهير قد طال في الوعد الأمد والحر ينجز ما وعد.. ووعد أتى يوم الخميس فلا الخميس ولا الأحد.
لن أتهم أحداً بالكذب خصوصا لدى بعض المسؤولين في الدولة ممن  يواجهون الناس يومياً، لكن أستطيع أن أجزم بأن هناك مسؤولين في الدولة يلتفون على وعودهم مثل التفاف الحبل على الصارية، فهم لا يعترفون بعجزهم ولا يبدون عدم قدرتهم منذ البداية ولا يفهمون معنى أن تقطع وعدا لمواطن أو ذي حاجة ولا يدركون ما الذي يعنيه أن تعد وتهرب من وعدك وأنت بمستوى مسؤول في جهاز من أجهزة الدولة، لهذا قلت لن أتهم أحداً بالكذب لعل وعسى يكون لديه حجة حقيقية أو مبرر للنكوص بوعده ولكن تتملكك الدهشة عندما ترى مبرره واهياً ويفعل العكس ضد الحجة التي يسوقها فتدرك أن هذا المسؤول لا يملك كلمة وعده الذي قطعه فماذا ترك للمواطن البسيط العادي الذي يقطع الوعود يومياً ومع ذلك يوفي بها.
ان الحياة قصيرة بقدر ما نعبرها بالكلام، وطويلة بقدر ما ننجز بها من أعمال، والإنسان الذي يعيش ليعمل وينجز لابد أن يأتي الوقت الذي يدرك فيه أن العمل ليس بالكلام، والإنجاز ليس بالوعود، فإذا كنا اليوم أمام وطن تحاصره التحديات من كل جانب وتحيط به الأخطار من كل الجهات والعالم لا يرحم والدنيا سباق والنتائج تقاس بالدقائق وليس بالساعات فإن الذين يظنون أن الوقت ملكهم والمصالح تنتظر الوقت والوعود تقطع ولا يوفون بها، فالزمن لا يتوقف ولا يرحم فهنا تكون الغرابة من أولئك الذين لم تحركهم الأزمات والمحن، يعبثون بالوقت والمصالح والآخرين ويعتقدون أنهم أحرار في قطع الوعود وعدم الوفاء بها.
لا أعني مسؤولاً بذاته، ومن على رأسه ريشة كما يقولون يتحسسها ولا يفكر بشيء سوى أن المكان الذي فيه، والكرسي الذي يجلس عليه والوظيفة التي يتشرف بتبوئها تفرض عليه الصدق والوفاء والالتزام، وأشد ما يدهشني كثرة الكلام والوعود التي يقطعها بعض المسؤولين ويخلفونها وراءهم فقط لتكون مادة للاستهلاك الاعلامي اليومي، هذا الوضع يتناقض مع الظرف الدقيق والحساس الذي نمر به وفي نفس الوقت يفرض على هؤلاء الذين وضعوا على سدة المسؤولية أن يدركوا أنهم محاسبون أمام وعودهم، فإما أن يعتذروا منذ البداية إذ لم يكن باستطاعتهم الوفاء بوعودهم أو يتخلوا عن الكلام والمزايدة وأن يتوقفوا عن قطع الوعود، أما الحجج والتبريرات اللاحقة والهروب والتخفي فإنها أمور ليست من شيم المرء فما بالك لو كان مسؤولاً  في الدولة؟
قصص كثيرة ومواقف اكثر يعيشها المواطن مع مثل هؤلاء المسؤولين الذين قدر لنا أن نتعايش معهم ونتفرج على أدائهم ونضحك من اسلوبهم القائم على اللف والدوران والهروب من مواجهة العهود التي يقطعونها كل يوم ولا يتعلمون من كل مرة أخذوا من هذا الأسلوب طريقة للتعامل مع البشر، أنا شخصياً لا أجرؤ على قطع وعد مع شخص حتى لو كان حفيداً لي لا يتجاوز عمره الأربع سنوات ما لم التزم به خشية أن يفقد هذا الحفيد ثقته في جده وهي مصيبة لو حدث ذلك فما بالك بشخص يتبوأ المسؤولية الوطنية ودرج على قطعه الوعود وتهرب من الوفاء بها؟ لابد أن نعيد النظر في مثل هذه الظاهرة فهي عيب أولاً بحق المسؤول ذاته وهي عيب ثانياً بحق الكرسي الذي يجلس عليه وهي عيب أكبر بحق الوطن الذي ابتلي بمثل هؤلاء، ولا أملك سوى الاستشهاد بقول الشاعر:
ولا خير في وعد اذا كان كاذباً
ولا خير في قول اذا لم يعد
فلا تعد عدة الا وفيت بها
واحذر خلاف مقال للذي تعد
أتمنى أن تختفي ظاهرة الوعود الهوائية من صفحة حياتنا اليومية، وكل وعد وأنتم بخير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية