العدد 2539
الأحد 27 سبتمبر 2015
banner
لا أعرف غير وجه واحد أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 27 سبتمبر 2015

حاولت أن لا أدخل في الشأن الوطني هذا الأسبوع باعتباره إجازة العيد والناس مشغولون بالتهاني ومعهم بعض القلق مما يدور من شكوك حول التصريحات المتواصلة من بعض المسؤولين حول الشأن الوطني لكنني لم أستطع الإفلات من هذا النمط من الكتابة، لا أريد أن افسد على الناس فرحتهم بالعيد ولكن ما في القلب لا تتسع له الكتابة يومين في الاسبوع، فسامحوني أيها القراء الأعزاء على حشركم دائماً معي في الشأن الوطني فلا أملك سوى حبي للبحرين ولا أحتمل أن أرى من يلعب بها وأكتفي بالإجازة، فالإجازة في ظني للكسالى، لأن المرء وسط الشدائد لا يعرف الإجازة فالعمر قصير والبحرين مازالت تحت تهديد داخلي وخارجي وأستغرب من بعض المسؤولين الذين يقولون بالفم المليان نحن في اجازة.
على العموم وبمناسبة الحديث عن المسؤولين، جاء في بالي البعض ممن ينظر للعمل من أجل البحرين نظرة غريبة جداً لا تخلو من مفارقة، وفي الوقت الذي يقترح البعض خططا وبرامج للإصلاح كما لو كان ينقصنا الاصلاح يغرق هو نفسه في الفوضى من حيث لا يعرف ماذا يريد بالضبط بالرغم من أن الأمور واضحة ولا تريد كل هذه اللفة الطويلة، فقبل أشهر فقط استحدثنا وزارة للشباب، ثم بعد أشهر نطرح تقليص الوزارات، غير ذلك، نعين وزيرا في منصب جديد ثم نعين الوزير السابق في منصب آخر جديد، نستحدث هنا ونلقي هناك، نأخذ على بعض ممن هم في الشورى نتيجة مواقفهم غير الواضحة والمتأرجحة من البحرين ثم نفاجأ بهم في مراكز أكثر حساسية، غير ذلك نرى كثيرا من الوجوه الغريبة عن الكفاءة يتكرر تعيينها في أكثر من منصب، ولا أقول غير، ولله في خلقه شؤون.
الآن وبعد أن انفض السامر كما يقولون وجاء وقت المحاسبة نبكي على اللبن المسكوب رغم وضوح كل شيء. ما هو الواضح وما هو غير الواضح؟
في اعتقادي مرة أخرى، الواضح أن البحرين بخير ولله الحمد ولكنها تريد فقط مواقف ورجال مرحلة، بمعنى رجالا مخلصين لا ينافقون ويعملون من أجل البحرين وليس من أجل أشخاص، ومواقف تكون حازمة في وجه المؤامرات الداخلية والخارجية، هل هناك أوضح من ذلك؟ وغير الواضح نريد وجها واحدا نعمل به طوال الوقت.
مهما كان حجم الأزمة المالية، فهي عالمية، والأوضاع العالمية تتغير هذا ما يحدث في كل مرة، فالأوضاع في مجلس التعاون هي الأقوى بشهادة المجمعات المالية الدولية التي تعزو هذا التفاؤل الى البنية النامية في هذه الدول وإلى كون هذه المنظومة من الدول الجديدة في مجموعة دول العالم التي بدأت التنمية فيها في منتصف وأواخر القرن الماضي بعكس الدول القديمة التي شاخت لمرورها بحقبة من الثورات والانقلابات وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي بالإضافة الى كونها تأرجحت في منتصف القرن الماضي بين التجاذب الاشتراكي والرأسمالي وتعرضت لاختطافها من قبل التوجهات الآيديولوجية التي اثرت عليها بعكس دول التعاون التي شهدت طوال تاريخها الحديث ومازالت حقبة طويلة من الاستقرار السياسي، ورغم الأخطاء والثغرات الا ان دول الخليج تمكنت من بناء نظام مالي واقتصادي جعل المنطقة تمر بمرحلة ازدهار ورخاء وهذا ما يكفل لها اليوم في ظل الأزمة المالية العالمية بعض الاستقرار النقدي والمالي الذي تفتقده الكثير من الدول.
لاشك أن العالم يتغير والمفاهيم تتغير والبقرة الحلوب التي كانت قبل سنوات تمنح بركاتها لم تعد اليوم، وفي ظل المتغيرات الدولية والأزمات المالية والأحوال الراهنة، ولكن يبقى التحدي الأساسي هو الإرهاب الداخلي المدعوم خارجياً ومع ذلك يحاول بعضهم لعب دور سياسي في تشويه أداء الحكومة بمناسبة وبدون مناسبة فقط لأنه لم يعد بحاجة لها لأنه اكتشف طريقاً آخر أقصر وأسهل وبالتالي لا يهم كيف استفاد بالأمس من الحكومة، المهم أن يظهر بصورة المعارض لها.
من حقنا اليوم ومن أجل التاريخ والحقيقة أن نقول لهؤلاء وفي هذا الوقت بالذات والبحرين بحاجة لأبنائها المخلصين المجردين من أية مصالح ضيقة، رحمة بهذا الوطن وترابه، اذ ان التاريخ لا يرحم الناكرين للجميل، ان منجزاتنا ومكتسباتنا من الصعوبة بل من المستحيل محوها أو تشويهها مهما تغيرتم أو تلونتم أو خادعتم فالحقيقة لا تعرف سوى وجه واحد. وسامحونا على إفساد إجازتكم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .