العدد 2518
الأحد 06 سبتمبر 2015
banner
بدون أقنعة نكتب أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 06 سبتمبر 2015

ضمير الكتَّاب الوطنيين في البحرين، والذين يشيد بهم دائماً، وفي كل المناسبات سمو رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه هو ضمير هذا الوطن ورئته التي يتنفس من خلالها، وإذا كانوا في كل مرة يقسون بكلماتهم هنا أو هناك، أو يعبرون بمرارة عن حال الدولة، وما تتعرض له، وكيفية مواجهتها للإرهاب والمؤامرات، فإن هؤلاء الكتَّاب ينطلقون من وعيهم وحرصهم وغيرتهم على الوطن، وقد تعهدوا منذ 14 فبراير 2011 المشؤومة حتى اللحظة بعدم المجاملة وعدم الارتهان للف والدوران، والدفاع عن الوطن وسيادته وأمنه واستقراره مهما كان الموقف، ومهما كانت الصورة، شريطة ألا يدخل ذلك في الخروج عن الأعراف واحترام الآخرين، هؤلاء كتَّاب الأعمدة تبنوا الدفاع عن الوطن حتى من خلال التنازل عن مصالحهم الطبيعية، وعن وظائفهم، وعن مواقعهم؛ من أجل أن تأتي الكلمة من دون ضغوط، ومن دون تشذيب، كما تريد هذه الجهة أو تلك خاصة بوجود بعض الصحف التي يزايد فيها مالكوها على الدولة، وعلى المسئولين، ولهذا يقع الكتَّاب بين المطرقة والسندان، فبعض الجهات الرسمية تنظر لهم على أنهم تجاوزوا الصراحة؛ لأن قلوبهم مثل بقية المواطنين تحترق على الوطن، وهم يرون الأرهاب واحتلال القرى والسيطرة على أهلها والتراخي وعدم الحزم وتخفيف الأحكام وإصدار العفو العام بين وقت وآخر، في الوقت الذي يسقط فيه شهداء الواجب، وفي الوقت الذي يرون فيه أن هناك أكثر من نصف مساحة الوطن محتلة، ولا يستطيعون لا هم ككتَّاب ولا بقية المواطنين من دخول تلك المناطق التي تشبه جيوب حزب الله في لبنان.
هؤلاء الكتَّاب في حقيقة الأمر لا يبتدعون مقالاتهم ولا يؤلفونها من فراغ، وإنما هم وسط المواطنين، وفي مواقع التجمعات والمجالس والمقاهي، وفي الشوارع يلتقون الناس ويسمعون أنينهم ومعاناتهم وآراءهم، بل وحرقتهم التي لم يطفئها حتى الآن الرد الحاسم على توالي الشهداء من رجال الأمن.
بذمتكم، أخبروني عن دولة في العالم، دولة واحدة فقط من الشرق حتى الغرب أو من الشمال حتى الجنوب يستشهد فيها رجال الأمن كل يوم، ولا يسقط فيها واحد من الإرهابيين، ففي كل العالم عندما يسقط رجل أمن واحد يلحق به عدد من مثيري الشغب، بل أحياناً يسقط فيها قتلى أبرياء من السود مثلما حدث في أمريكا التي يحكمها أوباما، إلا البحرين كأنها المدينة الفاضلة الخيالية، هذا ما يفزع ويخيف ويدفع بنا للتساؤل:
هل يجب أن ينام ضمير الكتاب ويهدأ ويغط في إجازة؛ لأن الحقيقة المرة لا يجب أن تقال، وهي أن البحرين متساهلة أكثر من اللازم مع الفوضى، هل يقبل الكتَّاب الوطنيون والذين واجهوا المؤامرة منذ العام 2011 وحتى قبلها بسنوات منذ جاءت الديمقراطية الغبرة أن يناموا؟ إن الذي حفظ البحرين بعد الله تعالى هم الشعب والقيادة الحازمة والكتَّاب الوطنيين الذين عبروا فوق الأشواك، وتحدوا الخوف والتهديدات والتعرض بالإرهاب، وكانت في كثير من الأحيان مكافأتهم هي الإقصاء وسلب حقوقهم ومحاكمتهم، وهم يدافعون عن الوطن والتهميش، بل والتهديد لولاء القلب الكبير والحضن الدافئ لسمو رئيس الوزراء الذي يمتص معاناتهم بوقوفه الدائم وإشادته المستمرة بعطائهم، وهو الذي يعزيهم وهم يدوسون على الجمر؛ من أجل أن يبقى هذا الوطن شامخاً.
لقد حورب بعض الكتاب في رزقهم، وتم التضييق عليهم، وسلبهم مصالحهم الطبيعية، والتي من حقهم مقابل صراحتهم، ولكن يبقى الوطن فوق كل شيء هو شغلهم الشاغل، والذي لن يتنازلوا عن الدفاع عنه في وقت يضرب فيه الإرهاب أوصال هذا الوطن الغالي، والذي أدركنا جميعاً أهميته حينما كدنا نخسره في ساعة من الزمن.
كل ذلك أراه ويراه الكتَّاب الوطنيون، ونحن نشاهد صورة جثة طفل عربي من الوطن العربي الكبير تلوث على الساحل، جرفتها الأمواج بعد غرق سفينة اللاجئين من دون وطن نتيجة عفن العنف والفوضى والإرهاب التي كانت تستهدف بلادنا مثل تلك الأوطان، وكان مقدرا لا سمح الله أن نكون منهم لولا إرادة القدير والشرفاء ورجال الدولة المقدر لهم حمايتها بحزمهم، فهل كثير على الكتَّاب أمام الحقيقة المُرة أن يدافعوا من دون حساب يذكر مقابل شموخ الوطن؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .