العدد 2504
الأحد 23 أغسطس 2015
banner
درس من ليبيا يا أهل التعاون أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 23 أغسطس 2015

من دون مقدمات، الأمن في المرتبة الأولى عن أي شيء آخر، انظروا فقط لليبيا واستغاثة الشعب الليبي التي وصلت لحد الندم على إسقاط نظام القذافي بعدما رأوا بأم أعينهم ما آلت إليه الحالة هناك والتي كانت تسمى من قبل دولة، وأضحت اليوم أرضا قاحلة تتقاتل عليها المليشيات، بل بلغ الأمر قتل النساء والأطفال واحتلال المستشفيات، ودمرت البنية التحتية بالكامل، ما استدعى من قائد ما تبقى من الجيش الليبي خليفة حفتر مناشدة العالم بمن فيه الجامعة العربية، إنقاذ ليبيا التي فككها حلف الأطلسي “الناتو” بالقنابل والقصف لتكون النتيجة ان العالم يتفرج والشعب يذبح كالنعاج، هذه نتيجة الاستهتار بأمن الوطن، من يتحمل المسؤولية هناك مع حلف الناتو الشعب ذاته الذي يبكي اليوم حرقة حينما اختار أن يركب موجة الثورات الغبية ويصدق كذبة الربيع العربي “الزفت”، فهذه هي النتيجة وللحمدلله لم نصدق نحن ذلك، فالبحرين تعافت وهذا هو المهم ولكن البعض نسي الأيام الصعبة ونسي ما مررنا به، وأنا هنا أشير الى أولئك الذين لم يتعلموا من التجربة المرة التي مررنا بها والتي جعلت من حياتنا ملحمة تاريخية جسدتها الفزعة الوطنية لحماية البحرين وتكاتف الناس وحماية بعضهم البعض، والتي تمثلت في صور رائعة مثلها الشباب وحتى الأطفال الذين خرجوا الى الشوارع في الأيام الأولى وسدوا الطرق والممرات وأقاموا نقاط التفتيش الأهلية لحماية الأحياء والقرى والمدن من أية اعتداءات عشوائية، كما جسدتها الفزعة الوطنية الشعبية، لذا أقول وأكرر الأمن ثم الأمن ثم الأمن، هذا الكلام أسوقه اليوم وكل يوم لأن هناك بعض المسؤولين وبعض الذين بيدهم الملفات انشُغلوا عن الناس وعن البحث عن المخلصين وانخرطوا في الروتين اليومي لما قبل المحنة التي مرت ولم تمر، فنحن حتى الآن مازلنا في دائرة الخطر ومازال المتآمرون في الخارج يتحينون الفرصة حتى يوقظوا الخلايا التي لم تظهر ولم تنكشف، وحان الوقت لتظل عيوننا وعقولنا مفتوحة أكثر من السابق، فما وقع قد وقع وتجاوزناه ومن يعلم بما سيقع من مفاجآت إن عدنا للنوم مرة أخرى، ويبدو أن البعض عاد للنوم.
لنعد إلى أرض الواقع ونبحث قليلاً في مجريات الأمور لنرى ماذا قدمنا حتى الآن لمواطنينا المخلصين وأعني الغالبية الصامتة من الفقراء والمعدمين وهم الذين كانوا أخلص وأحرص الناس على البلد والقيادة وهم الذين قلبوا موازين الحدث الجلل الذي مر من هنا.
وهذا لابد أن يواكب من جهة أخرى استراتيجية ترتكز على الأمن بصورة حاسمة لا مساومة عليها فما حدث لليبيا كان نتيجة إفراط الناس في الانخداع بالثورات التي صدقوا من سوقها لهم ومن ثم استهتروا بالأمن حينما طالبوا حلف الأطلسي بقصف بلادهم لإزاحة الدكتاتور كما أطلق عليه ليأتي عشرات الدكتاتوريين من قادة المليشيات المختلفة، لم يتحملوا دكتاتوراً واحدا كانت البلاد خلاله مستقرة فجاءهم مئة دكتاتور فككوا البلاد وفتتوها.
من هنا لنفهم كل ما يدور حولنا وألا ننخدع بالمظاهر، عندما نعرف أن أمن هذه المنطقة لا يقبل اللعب به ولا الدعوات المشبوهة لتفاهمات مع ايران وطوابيرها الخامسة في المنطقة وأقول هنا بملء الصراحة على بعض دول مجلس التعاون التي تلعب بالنار في مسألة أمن الوطن وتفتح أبوابا لا يمكن القبول بفتحها أن تكف عن هذه اللعبة حتى لو جاءت بتزكية أو أوامر من الدولة العظمى في العالم فهذه الدولة لا تريد سوى الخراب للمنطقة، فيا إخوان كونوا مع عاصفة الحزم التي قدمت الشهداء حتى الآن لا من أجل اليمن وحده بل من أجل سلامة واستقرار المنطقة وكفى لعباً بالنار... تعلموا مما يحدث اليوم في ليبيا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .