العدد 2472
الأربعاء 22 يوليو 2015
banner
مَنْ يسامح مَنْ؟ أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 22 يوليو 2015

أسامحهم، لطفاً من يسامح من؟ هل سمعتم عن جلاد يسامح الضحية؟ عادة وهذا نادراً، ما نسمع ونرى أن الضحية تسامح الجلاد إذا ما كان صدر الضحية واسعاً، ولكن جلاد يجلد ضحيته ويقول لها أسمح، هذه والله نكتة الموسم واستغرب كيف فات الجميع هذا التصريح الذي أطلقه أحد “أبطال” انقلاب الدوار الفاشل، وهو يخرج من سجنه بسبب ما اقترف في حق البحرين وشعبها ويعلن أنه يسامح، وسؤالي: يسامح من؟ يفترض نحن الذين نسامح ويفترض نحن الذين عانينا الخراب والدمار والحرق والقتل واحتلال الشوارع وتدمير المدارس واغتيال رجال الأمن الشهداء، يفترض الأمهات الخائفات والأطفال المرعوبين والخوف والفزع الذي ساد الشوارع والبيوت، هؤلاء هم من يسامحون، هل يضحك على نفسه أم إنه في حالة عدم التوازن؟ أو هو تقليد أعمى لنيلسون مانديلا الذي أطلق العبارة على مجتمع جنوب إفريقيا العنصري فاقتبسها الرجل وجعل منه “كوبي بيست” متخيلاً نفسه مانديلا.
من يسامح من؟ أليس هو وزمرته من طالبونا بالرحيل عن الوطن؟ أليس هو وحاشية ولاية الفقيه من علقوا المشانق لقادة البلاد وللكتاب والصحفيين وأنا أحدهم في قائمة العار المهزلة يأتي بعد كل ذلك ويقول أسامحهم!
أنا عن نفسي وعن آلاف من شعب البحرين، عن الأمهات الثكلى والأطفال والشيوخ المرعوبين والمفزعين في تلك الأيام السوداء الله لا يعودها، أقول وبفم مليان لن أسامحكم.
لن أسامحكم على ما فعلتم بالبحرين وشعبها، ولن أسامحكم على قائمة العار التي كانت دعوة وتحريض على قتلنا، ولن أسامحكم على إعادة البحرين واقتصادها وازدهارها سنوات للوراء بفضل انقلابكم المدعوم من ولاية الفقيه، ولن أسامحكم على شهداء رجال الأمن الشرفاء وأطفالهم اليتامى وزوجاتهم الأرامل. من سيسامحكم؟ حتى لو سامحتكم الدولة وحتى لو صافحكم مسئولون فيها ومدوا أيديهم لكم، فلن يسامحكم شعب البحرين على كل الفوضى التي جررتم إليها البلاد.
التسامح له قواعد وشروط وأصول وعادة ما تكون الضحية هي من تسامح وليس الجلاد، وأنتم من جلد البحرين، والبحرين وحدها من تسامحكم، ولا أظن أنها مستعدة اليوم لمسامحتكم، فالوقت مازال مبكرا، وأنتم اثبتوا أنكم على موقفكم لم تعتذروا، ولم تتغيروا، ولم تفكوا علاقتكم بولاية الفقيه، ولم تخرجوا من عباءة إيران، ومازلتم حتى الأمس واليوم تفجرون العبوات الناسفة في المناطق الآمنة، وتستهدفون رجال الأمن البواسل، فأي تسامح تتحدثون عنه؟
والله والله لو سامحكم ألف مسئول في البلاد، فلن تسامحكم زوجات شهداء الأمن الشرفاء، ولن يسامحكم أولادهم اليتامى، قال أيه؟ قال أسامحكم.
لا .. وفوق هذا وذاك يخرج علينا آخر من نفس الزمرة والفصيلة ويصرح بأن الحل سياسي، (من وين ظاهرة الشمس اليوم)؟!
الأولى لكم العودة إلى العقل والصواب، والبحث عن إرادة عقلانية، وأنا أشك هنا في أن الجمعيات السياسية المرافقة للوفاق بإمكانها الاستفادة من المرحلة الجديدة، ولكن نصيحتي لأعضاء هذه الجمعيات أن يستخدموا حقهم المشروع في تغيير قيادات هذه الجمعيات؛ لأنهم ليسوا ملزمين في كل مرة بتحمل أخطاء فادحة يرتكبها هؤلاء المغيبون وراء الوفاق، هل بقي شيء من جمعيات المرحلة الوطنية كما تسمى أو يطلق عليها؟
استغرب كيف يحتمل أعضاء هذه الجمعيات الصبر على ما آلت إليه هذه الجمعيات لتلتحق اليوم بذيل جمعيات دينية تراهن على منهج غيبي كولاية الفقيه؟
إذن قبل أن يقع الفأس في الرأس، وأنا أرى السيناريو القادم يطل بوجهه منذ الآن، على الدولة أن تدفع فاتورتها هذه المرة كاملة، فهؤلاء مازالوا يتمسكون بأجندة لعبة إسقاط النظام. لن نسامح حتى لو سامحت الدولة، لا يهمنا الثمن طالما يخرج الوطن منتصرا، ولا تهمنا التضحيات طالما حفظنا الوطن سليما معافى، ومن هنا نقدر الخطوات التي اتخذت وتتخذ لحماية الوطن، فلن نعود للمربع صفر.
إن البحرين فيها رجال قادرون على حمايتها، ولقد أثبتت الأحداث والمحن والتحديات على صلابة هؤلاء الرموز الذين ما خيبوا ظن شعبهم أبداً، ونحن اليوم معهم مثلما كنا معهم دائما؛ من أجل البحرين وأقولها بصوت عالٍ، لن تكون هناك جسور، ولن يكون تسامح، وللذين يلعبون في الوقت الضائع لعبة المصالحة واللحمة الوطنية، أفيقوا لقد انتهى وقت الصلاة السياسية، فالتفجيرات مستمرة من الإرهابيين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية