العدد 2465
الأربعاء 15 يوليو 2015
banner
في نفس الوظيفة وأخطر؟! أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 15 يوليو 2015

هناك سؤال بسيط حيرني واحتار معه شعب البحرين كله: هل الدولة جادة فعلاً في الخروج من نفق 2011؟ وجادة في عدم تكرار محنة الدوار الدمر؟ هل تعلمت الدرس؟ وعرفت الأسباب وعالجتها؟
الجواب بالطبع لا، وألف لا، وإليكم الأسباب التي كادت تضيع معها البلاد من قبل وهي أسباب مازالت قائمة بل تفاقمت.
هل يعقل وبأي منطق تعيد الدولة الذين خانوا الوطن وأعلنوا تعاطفهم مع الانقلابيين، اليوم يتم تنظيفهم وتلميعهم وإعادتهم للمناصب والمراكز الحساسة جداً، بل إلى مناصب أخطر من تلك التي تولوها من قبل وخانوها؟ لو كانوا على الأقل من أصحاب الكفاءات لبلعنا الأمر وتقبلنا المرارة ولكنهم غير مؤتمنين على المنصب وبذات الوقت معدمو الكفاءة، يا للهول.
وفي نفس السياق يتم إبعاد وتجميد الكفاءات الوطنية التي غيرت موازين القوى حينذاك وهنا تكمن الأسباب وراء مصيبة الدول التي لا تقرأ الأسباب وتعالجها.
وحتى أذكر والذكرى تنفع المؤمنين، هناك كثير ممن قدم التضحيات وهناك الكثير ممن سهر الليل يحرس البحرين ويدافع عن الأسر والعائلات وهناك من كان مستعداً لفداء البحرين بحياته عند أية مناسبة تستدعي ذلك، بل هناك فعلاً من افتدى البحرين من رجال الأمن الشهداء، فأين كل هؤلاء اليوم؟ أخشى ألا يكونوا تواروا في النسيان وأخشى ألا نكون قد انتهينا منهم وإذا حدث ذلك فاسمحوا لأقول هذا عار علينا.
وقت الشدائد والأزمات يعرف المرء صديقه من عدوه وهذه طبيعة في البشر وغريزة تولد مع الإنسان، فالبعض يفضل الهروب والتواري والبعض يعشق المواجهة والتحدي وعلمتنا تحديات الماضي ومحنه العديدة وخصوصا المحنة الأخيرة التي مررنا بها في العام 2011 بأن معدن الرجال يختبر وقت الشدائد والشرفاء والخونة يعرفون وقت الأزمات الدامية، وتعلمنا في البحرين خلال خمس سنوات مضت ما لم نتعلمه خلال خمسين سنة مرت وهذا ولاشك من أفضال الأزمة الإيجابية، أن تعرف وتتعلم وتتجاوز وتأخذ بأسلوب المواجهة وركوب التحدي والحسم هي الصفات التي يتمتع بها الرجال الأشداء.
عندما تولى الحجاج العراق مع تحفظنا على الرجل في بعض المواقف وتولى الولاية على العراق “لم يرض أحد غيره توليها آنذاك من شدة أهلها، وقف على المنبر ليخطب بأهلها ووقف لوقت طويل دون أن يتكلم فملّ الناس وأخذوا يرمونه بالحجارة، فبدأ خطبته الشهيرة بهذا القول “يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق، والله إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها”.
هذه الرواية التاريخية تنفع اليوم لطرفين، للدولة ولرعاة الإرهاب والتخريب، من جهة هؤلاء الذين لم ينفكوا منذ خمس سنوات وهم يحرضون ويخربون لا ينفع معهم إلا أسلوب الحجاج لكل من هوايته الفوضى والتخريب والتحريض، لا ينفع معه سوى أسلوب هذا الرجل، ومن جهة الدولة أن تعالج الأسباب وراء الأزمات التي تمر بها وتستفيد من الأخطاء، واسمحوا لي هنا أن أذكركم حتى بريطانيا وأميركا وفرنسا عندما تشك في ولاء موظف رسمي لها تبعده طوال حياته عن أية وظيفة كانت حتى لو كان مراسلا مع احترامي لجميع الوظائف، أما هنا عندنا فحدث ولا حرج ولا أريد أن أدخل في التفاصيل ولا أريد احراج أحد ولكن البحرين وسلامتها واستقرارها تستحق منا النقد والمصارحة وعدم السكوت على الأخطاء الكارثية التي لا تقع فيها الدول التي يهمها الأمن والاستقرار لشعوبها. من هنا لن نسكت على كثير من الأمور التي تؤلم وتزيد مرارتنا ونحن نسترجع الأخطاء التي وقعنا فيها بالسابق وهذه المصارحة تأتي في وقت نجد فيه إصرار القوى الإرهابية على استهداف البحرين بنفس المنهج وبذات الأساليب، فبالأمس على سبيل التدليل سمعنا خطباً وبيانات ذكرتنا بفترة المحنة في الدوار المشئوم، فهل يعقل مع وجود هذا المنهج المنظم في استهداف البلاد نعود ونزرع أعداء الوطن ذاتهم في نفس الوظيفة وأخطر؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية