العدد 2448
الأحد 28 يونيو 2015
banner
الحل بتطبيق القانون فقط أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 28 يونيو 2015

هذا الوطن وجد منذ الأزل ليبقى للأبد بيد الشرفاء، وكل من تسول له نفسه اللعب بالألفاظ والكلمات عليه أن يدرك أنه “يأكل التمر ونحسب له الطعام!”.
كثيراً ما أسمع، هذه الأيام بالذات، من يردد عبارة الحل السلمي، وهناك من يردد الحل السياسي، حتى بعض المسؤولين دخلوا على الخط والتقطوا العبارة ورددوا الحل السياسي، وهي عبارة مقززة وتحمل الكذب والخداع والتضليل، لأن الحل السياسي مع الإرهاب والعنف والإرهابيين لا ينفع ولا توجد دولة في العالم انتهجت الحل السياسي مع من يهدد كيانها، فكفاكم هذه العبارة واتركوا القانون يفرض الحل وهذا ما أثبتته كل التجارب منذ أيام مارغريت تاتشر حتى المشير عبدالفتاح السيسي.
الأمن والاقتصاد مسألتان لا مساومة عليهما ولا خيار إلا بتوفيرهما والأمن هو من يفرض الاقتصاد ويحميه، ومن دون هذين الأمرين لا يمكن لمجتمع أن ينهض ويستمر وينمو بل لا يمكن لحياة أن تبقى على السطح من دون الأمن والاقتصاد ولهذا جندت الدول طوال تاريخها كل الوسائل والأساليب والإمكانيات من أجل العمل على تحقيق الأمن والاستقرار للاقتصاد، العنصران يكملان بعضهما البعض وبالتالي لابد من وقفة تأمل مع الجميع سوى جماعة الإخلال بالأمن وجماعة الحل السياسي، وإرسال رسالة واضحة دون لبس، إن لم يتوقف الإرهاب والعنف وإن لم يرفع الغطاء السياسي عنه، وإن لم تتنصل من التحريض عليه بل ومساندته فلا حل سياسي و”بسكم جعجعة”.
في تصوري وتصور كثير من المتابعين لمجريات الأحداث في الشارع، السيناريو القادم هو ذات السيناريو السابق مع بعض التعديل الذي يواكب المرحلة والظروف، فمادامت الوفاق ماضية في اللعبة التصعيدية غير مدركة خطورة الوضع الراهن وغير مستفيدة من الدروس السابقة فإننا نوشك على البدء بمرحلة السيناريو القادم ولكن باختلاف في التفاصيل، فالجمعيات الخمس المؤزمة لم تستفد من التجربة المرة التي مررنا بها وكذلك الدولة لم تستثمر الدروس التي حصدتها من هذه التجربة وبالتالي فإننا أمام سيناريو جديد سوف يستنزف مرة أخرى الطاقات والإمكانيات وسيؤجل التفرغ لمرحلة التنمية التي عقدنا العزم على المضي بها.
لماذا تصر الجمعيات الخمس المؤزمة على الإغراق في السلوك الدراماتيكي والانغماس في لعبة التصعيد حتى حافة الهاوية لتعود مرة أخرى إلى أرض الواقع، ها هي تكرر نفس الخطاب وتكرر ذات اللهجة المهترئة وهي تتحدث عن مد الجسور، مد الجسور مع من؟ مع من قمتم بتعليق المشانق لهم في الدوار الزفت؟ أية جسور وأية كهوف تتحدثون عنها؟
لو تذكرون فقد فوجئنا بأحداث الدوار وتداعياتها والحجم الذي كانت عليه والصورة التي وقعت بها والمسار الذي أخذته حتى أن هناك مسؤولين كبارا اعترفوا بأنهم لم يتوقعوا تلك المسارات التي أخذتها الأحداث فهل سيطل علينا وقت سنؤخذ بمثل ما أوخذنا به من قبل؟ وهل الدولة والأغلبية التي وقعت في فخ المفاجأة استوعبت الدرس من الأحداث؟
هل نقول عادت حليمة لعادتها القديمة، كررت هذه العبارة كثيراً في مقالاتي غير أنها اليوم تتجسد بحرفية في الشارع وتفرض نفسها على من يردد عبارة الحل السياسي، نعم عادت حليمة لعادتها القديمة، عادت الأوضاع إلى ما كانت عليه من قبل وعادت المشاعر الملتهبة تتحكم في النفوس خصوصا لدى المكون الآخر وبدأ الشحن وبدأ تيار الطائفية والمرجعيات الدينية والجمعيات المؤزمة لعبته مع الدولة من دون أن تتوقف الأعمال الليلية في القرى وبعض الشوارع وحرق المؤسسات وإسقاط أعمدة الإنارة والتدمير والاعتداء على المواطنين بل وتفجير العبوات وإطلاق الرصاص ماذا بقي بعد؟
من يفكر بالتهديد اليومي المستمر الذي تطلقه بعض زعامات التأزيم وأكثر من ذلك هناك من يهدد بالعودة إلى غزو الشوارع وسدها، هل يحق له التحدث بعبارة الحل السلمي؟ بل زاد الطين بلة، ظهر من يتحدث في الفضائيات عن مطالب، والسؤال عن أية مطالب يتحدث هؤلاء؟ عن إسقاط النظام ولكن من دون ذكر ذلك كما في السابق؟ أم عن دستور جديد يصاغ على مزاجهم ليأتوا بحكومة تقوم على نظام ولاية الفقيه كما هو الحال في العراق وإيران؟
الحل السياسي عبارة غبية منتهكة رجاء لا تكرروها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية