العدد 2388
الأربعاء 29 أبريل 2015
banner
وقت الحزم لا عودة للوراء أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 29 أبريل 2015

لا يجب أن يتوقف الحزم عند حدود ولا يجب التقاط الأنفاس، اضرب الحديد وهو ساخن، مع العلم بأن العالم تحكمه قواعد ومنها اليوم في ظل الانفتاح واتساع رقعة الحريات العامة والخاصة فإننا أمام عالم مفتوح على الجميع ولا حدود للمعلومات ولكل فرد الحرية في العمل والتفكير والتقرير شرط أن يكون ذلك في اطار النظام العام الذي يحترم فيه الكل حريات الآخرين وهذا هو النظام القائم عليه العالم والكون في ظل القوانين والمبادئ والقيم الإنسانية والحضارية.
لكن هناك قانون يحكم الحريات ويضبط البشر ويحدد المسؤوليات بحيث لا يتحول المجتمع إلى غابة خارجة عن السيطرة، لقد مررنا بذلك قبل فترة وتم بحمد الله تجاوزها وعادت الدولة لتفرض هيبتها والفضل في ذلك لرجال الأمن الذين كانت تضحياتهم كبيرة ولنتذكر دماءهم الزكية التي سالت وروت هذه الأرض الطاهرة، هذه الإرادة ومعها قوة القانون وهيبته هي التي جعلت البعض اليوم يعيد النظر في موقفه التخريبي وتجاسره على المجتمع حيث ظن هؤلاء العابثون أن الدولة غابت وأن الفوضى ستسود وسينعمون بالحلم الإيراني الذي زين لهم أن البحرين سهلة المنال وهيهات أن تكون أرض الخلود لقمة سائغة وهناك سواعد أبناء البحرين تحافظ على التاريخ والحضارة والنظام الاجتماعي الذي قامت عليه هذه الدولة منذ الأزل.
منذ الآن وصاعداً لا يجب أن نفرط في الأمن والاستقرار تحت أي مسمى ولا يجب أن نخدع بمسميات الديمقراطية والحقوق والانفتاح والتساهل وتغييب المحاسبة والمتابعة ورصد كل ما هو مشبوه ومشكوك به ومراقبة كل داخل وخارج لأن الفترة الماضية التي فتحنا أبوابنا للجميع دخل من دخل وخرج من خرج وكانت النتيجة معروفة، الفوضى والإرهاب، وانتهى ذلك والحمدلله، فإن التجربة والخبرة التي اكتسبناها منذ 2011 وحتى اليوم يجب أن تعلمنا أن المؤامرة لم تبدأ في 2011 بل بدأت قبل ذلك بكثير منذ الثمانينات والتسعينات والعام 2002 عندما قدمت البحرين كل ما في وسعها لتستوعب التغيير ولم يعجب ذلك البعض الذي رأى في كل ما قدم له أنه حالة ضعف من الدولة فانتهز الفرصة منذ 2002 وظل يلعب لعبة القط والفأر مع الدولة مرة يريد دخول البرلمان ومرة يقاطع مرة يعصف بالأمن ويحتل الشوارع ويسد الطرق ويحرق الإطارات ثم يجري التصعيد بتفجير العبوات حتى وصل الأمر الى اسالة الدماء وسقوط الشهداء من رجال الأمن الذين لن ننسى تضحياتهم مهما حيينا، كل تلك اللعبة المدبرة مع الخارج كان يمكن تجاوزها وعدم السقوط فيها لو أننا لم نتساهل ولم نفتح الأبواب على مصراعيها لدخول كل من هب ودب ورأينا نتيجة ذلك وفهمنا الدرس وتعلمناه ولا يجب بعد الآن العودة للوراء.
عاصفة الحزم هذا التحرك التاريخي غير الموازين في القوى وأحدث التغيير الإقليمي المنشود الذي لابد من توظيفه محلياً لفرض المزيد من الانضباط والاستقرار ولا علينا ممن ينشد الحريات المفتوحة وغير المسؤولة ولا علينا ممن يتحدث عن الحقوق الفضفاضة من غير حدود ولا علينا ممن يدعي الشفافية والبطيخ وهو يسعى لاستغلال كل هذه الثغرات للعودة للنخر في النظام العام واستهداف الأمن والاستقرار مستغلاً كل هذه الادعاءات التي رأينا كيف تعاملت فرنسا وبريطانيا وأميركا مع أمثال هؤلاء المدعين حينما هددوا النظام العام هناك.
لا نريد تكرار القصة المعروفة التي أراد فيها أحد ركاب السفينة ثقب السفينة من المكان الذي يجلس فيه بحجة أن هذا المكان خاص به وحده وهو حر فيما يفعله بهذا المكان فيما من شأن ذلك أن يغرق السفينة ويغرق جميع من فيها لأنه مارس حريته في المكان الذي يظن انه مكانه وحده ولا يحق للآخرين التدخل في قراره.
لقد ولى هذا الزمن وطوت البحرين اليوم صفحة الماضي الأليم ونحن نعيش اليوم عصر الحزم الذي لا يجب أن تخدعنا محاولة البعض بادعاء المراجعة لأخطاء المعارضة، ما جرى ليس معارضة، من علق المشانق في الدوار لا يمكن أن يكون إلا جلاداً لا يمكن نسيان ذلك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية