العدد 2252
الأحد 14 ديسمبر 2014
banner
للصورة وجهان أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 14 ديسمبر 2014

بعض الكلمات من الأمس تصلح لليوم، وبعض السطور من الماضي تنطبق على الحاضر، وبعض المواقف السابقة تطفح على السطح، ولهذا دائماً ما نرى البحرين تنسى ما جرى بسرعة؛ لأن من عادة البحريني لا يرى دائماً إلا ما يجري على السطح وتغيب عنه الحقيقة تحت السطح!
هل تصدقون أن ما يظهر على السطح دائماً هو الحقيقة كاملة؟ هل تعتقدون أن ما نراه اليوم من أحداث ووقائع أمامنا هو كل ما يجري على السطح؟ لو كان الأمر كذلك، فإننا بخير ولا خوف على مستقبلنا، وعلينا أن نأكل ونضحك وننام ولا نلتفت يساراً أو يميناً، فكل من حولنا يكن لنا المحبة والإخلاص والولاء، ولا تصدقوا أن هناك مؤامرة على الجميع تتحرك خيوطها تحت السطح. هذا لو كان كل ما يجري الآن هو كل ما نعتقد أنه موجود.
حسن النية التي مازالت من شيم البحريني منذ القدم هي خلفت وراءنا جبال الأكاذيب والتزييف والدجل الذي جعل من جمعية سياسية واحدة تمثل البحرين في نظر الرئيس الأمريكي، والنية الحسنة للبحريني منذ القدم هي التي دفعت به للتصديق بأن انتخاب رئيس أمريكي أسود انتصار للديمقراطية وحقوق الإنسان وقفزة تاريخية للشعوب، وهذه النية نفسها جعلت البحريني يصدق أن ما حدث في دوار مجلس التعاون ثورة تشبه الثورة الكوبية أو الثورة الفيتنامية ودفعت به وهو دكتور وسياسي ورئيس جمعية سياسية يعني بالعربي (حزب) يصدق أنه واحد من الثوار الذين سيستلمون الحكم وينتشر صيته كما انتشر صيت فيدل كاسترو، وتشي جيفارا أو على الأقل مثل ريجيس دوبريه - الاسم يعرفه الثوار العرب – صدق كل ذلك؛ لأنه بحريني حسن النية قبل أن يخدع بخطاب ولاية الفقيه، ويؤخذ على حين غرة من قبل حزب الله. رأى لا مانع لديه من الذهاب إلى حزب الله وإلى إيران وحتى إلى الشيطان ما دامت الثورة ستأتي به هو وجمعيته المصابة بفقر الوعي حتى لو كان مراسلاً أو بواباً لدكان الثورة، فهو على الأقل حقق حلمه القديم بالعيش في أجواء الثورة والثوار ولم يدر بخلده أنه ينجرف إلى الثوارة.
لو صدقنا ما يظهر على السطح لوجدنا حالنا مختلفاً اليوم، فكل وزير جاء إلى منصبه هو كفاءة خيالية، والأحداث أثبتت ذلك على السطح طبعاً ولو صدقنا ذلك لكان كل عضو في مجلس الشورى هو وطني من الدرجة الممتازة بامتياز لا مثيل له هذا بالإضافة إلى المستوى المعرفي والثقافي وغير ذلك، ولو صدقنا كل ما يظهر السطح لوجدنا أن كل تصريح أو لقاء أو إعلان من مسئول بأن الأمور أفضل من الأول هو أمر حقيقي خاصة فيما يتعلق بالأمن ولصدقنا ذلك، هذا لو فقط صدقنا ما يجري على السطح فقط.
إذن أعود للسؤال مرة أخرى ..
هل كل ما يجري على السطح هو الحقيقة؟ وهل كل ما نراه ونسمعه ونقرأه ويتسرب من الأروقة والدهاليز هو الحقيقة بعينها؟
إذا ظننا ذلك، فنحن مازلنا بحرينيين ما قبل محنة الدوار ولم يتغير فينا سنتيمتراً واحداً. أما لو تفحصنا الأمر وبحثنا ونقبنا، فمن الممكن الحديث عن تغيير طرأ على الصورة للإنسان البحريني وعندها يمكن التحدث عن أمور تجري غير تلك التي تظهر على السطح.
هل الكلام الذي نسمعه اليوم كاملاً؟
لا أظن أن الكلام كاملاً، ربما يحين الوقت ليكون الكلام كاملاً وربما لا يحين، ولكن حتى الآن الكلام ناقص والصورة ناقصة وما يجري على السطح ليس هو كل شيء وثمة إعلان انتشر مؤخراً بعد الانتخابات يقول الصورة اكتملت الآن، وهو صادق فيما يقول إذا اعتمد على رؤية كل ما يجري على السطح حال اليوم والصورة العامة الصورة النهائية الكاملة لم تأت بعد؛ لأن الذي يجري اليوم فوق السطح وتحت السطح هو مرحلة إرهاصات بانتظار أن نتحول بعدها إلى مرحلة النتائج لتكتمل الصورة. أما الآن وحتى إشعار آخر فما يجري على السطح ليس هو الحقيقة وربما الحقيقة الكاملة لا تأتي، ففي مفهوم النظرية العلمية الحقيقة نسبية ولهذا لا ننتظر الحقيقة المطلقة التي سيعجز الجميع عن رؤيتها، ولكن ذلك لا يعني أن ما يجري تحت وفوق الأرض لن يأتي أوان رؤية الصورة واضحة على الأقل إن لم تكن كاملة. سيأتي أوان رؤية نتائجه، وحينها لكل حادث حديث.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية