العدد 2238
الأحد 30 نوفمبر 2014
banner
لا متقاعد في العمل الوطني أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 30 نوفمبر 2014

أعتقد أن على الدولة الآن أن تفتح عينيها جيداً وتستثمر انتصارها وألا تعود مرة أخرى للوراء ومغازلة الإرهاب والتخريب بحجة إعطاء فرصة أخرى أو بحجة احتواء هذا أو ذاك، لقد علمتنا التجربة أن هؤلاء الذين أرادوا إسقاط الدولة في 2011 لم يتغيروا وعلمتنا التجربة أن الحوار مع هؤلاء مضيعة للوقت وعلمتنا التجربة أن الضغوط الخارجية ليست سوى إضعاف للدولة وابتزاز لها وعلمتنا التجربة أن الشعب البحريني وحده القادر على حماية مكاسبه الوطنية وأخيراً علمتنا التجربة أن تطبيق القانون يفرض الاستقرار وتجاهل القانون أو كسره يفرض الفوضى، لكن السؤال رغم تعلمنا من هذه التجارب وعلمنا بنتائجها هل استفدنا منها؟ هنا مربط الفرس، وهنا النتيجة التي يجب أن نتعلمها.
أيام وربما ساعات تفصلنا عن التشكيل الجديد للمجلس الوطني بغرفتيه النواب والشورى والتشكيل الحكومي المصاحب ومن هنا سنبدأ مرحلة يجب أن يكون عنوانها الأساسي التنمية والبناء وتحقيق الرخاء أولاً وقبل كل شيء للمواطن البحريني الشريف الذي أكد وفاءه لوطنه فذهب وصوت وتفاعل مع الدولة ومع ضميره وأخلص لقيادته وحمى أرضه وعلى الدولة رد الجميل والوفاء بواجبها تجاهه من خلال تكريس المشروع كله للمواطن البحريني الذي هو الهدف الأسمى للدولة فقد تحمل هذا المواطن على مدى أعوام الفوضى والعنف والتخريب وذاق الفزع والخوف والرعب وتشتت فكره وخشي على أسرته وممتلكاته وخسر أمنه واستقراره وعانى الفقر والعوز وحان الوقت لرد الجميل لهذا المواطن من خلال تكريس الجهود كلها للبناء والتعمير والتنمية ورفع المستوى المعيشي لهذا المواطن بما يوازي على الأقل بعضاً مما يتمتع به شقيقه المواطن في دول مجلس التعاون.
أيام وربما ساعات تفصل عن بدء الفصل التشريعي الجديد ومعه تبدأ أربع سنوات من العمل الذي نرجو هذه المرة بعدما خبرنا المرارة والتجربة الانقلابية الفاشلة وما صاحبها من محنة أن نتعلم الدروس ونفهم ما يجري ونلتف حول بعضنا البعض، يتماسك الجميع قيادة وشعبا ومجتمعا ونعمل من وحي إيماننا بهذا الوطن نحبه ونحميه لا نستنزفه ونسترزق منه ونلفظه كما يفعل الخائن والمتمصلح، حان الوقت للعمل على تحويل البحرين كلها لورشة عمل جبارة لا وجود فيها لمتقاعد فأنا لا أعترف بهذه الكلمة ولا أفهمها ولا معنى لها في قاموسي المتقاعد تقترن لدي بالمتقاعس والعاجز والمترهل، الكل يعمل في مجاله وفي محيطه فمن يملك دقات قلب ونبض في العروق فهو حي وباستطاعته أن يعطي الكثير لوطنه ولأسرته ولا يجب أن يصدق أحد أن هناك وزيرا متقاعدا أو نائبا متقاعدا أو موظفا أو عاملا متقاعدا من يتقاعد يموت وتخرس حياته.
إننا أمام امتحان أساسه أن نتعلم الدروس كدولة وتجار ورجال مال ومواطنين نريد أن نرى بالفعل لا بالكلام الذي نسمعه ونقرأه في الصحف والإعلام، فهذا أمر سهل والكل يتكلم والكل يزايد حتى الخونة للوطن يتكلمون عن الوطنية ولكن ما نريده هو العمل الفعال الجاد الذي نرد فيه للوطن بعضاً من فضله، وعلينا أن نأخذ العبرة من المواطنين الفقراء والمعوزين والذين لا يملكون من دنياهم سوى ثيابهم وقد وقفوا وقفتهم الصلبة الشامخة مع الوطن وضحى بعضهم بنفسه وأولاده في سبيل الدفاع عن شرف وكرامة البلد من دون انتظار لثمن وعلى رجال المال هؤلاء أن يبينوا اليوم معدنهم الأصيل وعلى الدولة أن تعمل لهم لا أن تنشغل بإرضاء الخونة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .