العدد 5840
الخميس 10 أكتوبر 2024
banner
ريادة الأعمال وصناعة التغيير
الثلاثاء 24 سبتمبر 2024

يُعبر مفهوم ريادة الأعمال عن قدرة الأفراد على ابتكار أفكار جديدة ومتطورة، بالإضافة إلى أنها تحمل في طياتها مخاطر عدة والتي سوف يواجهها رواد الأعمال في خطوات تنفيذ مشاريعهم الريادية. هذا وتوجد أهداف عدة عندما نفكر في تعريف ريادة الأعمال والتي نتطلع إلى تحقيقها، حيث يندرج منها ما هو شخصي بالنسبة لرائد الأعمال ومنها ما هو مجتمعي أي من خلال ما يتم تحقيقه من فوائد اقتصادية للمجتمع من خلال فرد أو مجموعة أفراد أو تنظيم معين.

وهنا نوضح التالي: تُعتبر ريادة الأعمال أحد أبرز مجالات الابتكار والتغيير في العالم في هذه الفترة. وعرفت ريادة الأعمال تطوراً هائلاً حيث بدأت العديد من الأفكار تظهر مما ساهم في تحويل المجتمعات التقليدية إلى مجتمعات تحمل طابع وفكر اقتصادي جديد أدى إلى نمو بعض هذه المشاريع وزاد من إنتاجيتها مما انعكس إيجاباً على إيراداتها وجعلها أكثر قدرة على التوسع. هذا وسوف نوضح ما هو مفهوم ريادة الأعمال وتوابعه فيما يلي:
تُعرّف ريادة الأعمال بأنها القدرة على تطوير أفكار جديدة، سواء في مجال المنتجات أو الخدمات حيث يندرج تحت هذا المفهوم العديد من العناصر المهمة، مثل:
الإبداع: وهو يُعد أساس ريادة الأعمال، حيث يساهم في تقديم حلول جديدة كما يفتح المجال للابتكار بشكلٍ مستمر.
المخاطرة: فإن أي نجاح لا بد أن يتبعه ويتوازى معه بعض المخاطر وقد تكون هذه المخاطر داخلية أي في المنظمة أو خارجية ليس لرائد الأعمال السيطرة عليها. هذا ويعمل رواد الأعمال على تطوير مشاريعهم بما يسهم في تحقيق أهدافهم الاقتصادية وأيضاً تقبل الفشل وإعادة المحاولة أكثر من مرة في كثير من الأحيان وذلك لحاجة المشروع للتجانس مع متطلبات أذواق ورغبات العملاء وأيضاً المنافسة الشرسة في السوق، كما يعزو أسباب نجاح أو فشل المشروع إلى التراكم المعرفي والتجارب السابقة لرائد الأعمال في أغلب الأحيان.
الاستدامة: ومع تطور الأعمال والتقنيات الحديثة تركز ريادة الأعمال حالياً على الاستدامة، كما تسعى للمساهمة في تطوير المجتمعات وتعالج قضايا بيئية واجتماعية، وهي بالتالي تزيد من جودة حياة ورفاهية المجتمع بما يتناسب مع التوجه العالمي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.

وهنا تبرز أهمية ريادة الأعمال في المجتمع والتي لها إسهامات واضحة في تسريع ودفع عجلة الاقتصاد (الناتج المحلي الإجمالي) إلى الأمام حيث أنها تساهم بطرق متعددة في تحويل الواقع الاقتصادي المتباطئ إلى اقتصاد أكثر نمواً من خلال:
خلق فرص العمل: فتح مشاريع جديدة في نفس مجال العمل أو تطوير أخرى، كما تسهم في خفض معدل البطالة.
تحفيز الابتكار: أهمية ريادة الأعمال من خلال تقديم حلول جديدة لمشكلات قائمة، وتعمل على التحسين المستمر مما يؤدي إلى تقليل الفاقد في الإنتاج مع جودة عالية وبتكلفة أقل نسبياً، وإنتاج منتجات صديقة للبيئة، وتقلل من الوقت سواء لتقديم سلعة أو خدمة "وقت الانتظار".
تعزيز النمو الاقتصادي: إن ريادة الأعمال تزيد من الإنتاجية وتساهم في رفع الميزان التجاري للبلد. هذا ويحتاج رواد الأعمال إلى ممارسة التغيير المستمر، كما يعتمد نجاح المشروع على قدرة الفرد أو المجموعة على تعديل استراتيجياتهم بما يتوافق مع متطلبات السوق أو ما يحتاجه المستخدم النهائي للسلعة أو الخدمة. كما أن القدرة على الابتكار تستند إلى التغيرات المحيطة بهم. في ذات الوقت يتطلب النجاح لريادة الأعمال فهماً عميقاً لأهمية التغيير كما يتطلب مواجهة المنافسة الشديدة في سوق الصناعة في أغلب المجالات. كما يجب على المنظمات أن تكون مستعدة للاستجابة السريعة لأي تغير أو تطور، وفي نفس الوقت نحتاج إلى تحسين الأداء والذي يؤدي إلى التغيير والذي يؤدي إلى زيادة الكفاءة ويساعد في تقليل التكاليف في أغلب الأحيان.

وعطفاً على ما تقدم فإن صناعة التغيير تُعد جزءاً لا يتجزأ من ريادة الأعمال، وتتمثل طرق صناعة التغيير من خلال: تحفيز التفكير النقدي: توجيه رواد الأعمال نحو استخدام أدوات التفكير النقدي مثل القبعات الست، وأيضاً تشجيع رواد الأعمال على تقييم الوضع الحالي مما يدفعهم للبحث عن حلول مناسبة. كما أن لتطوير المهارات أثر كبير على تعزيز مهارات الأفراد وتتيح لهم التكيف مع التغيرات السريعة.
في نفس الوقت فإن التوجه العالمي لإطلاق مشاريع مستدامة تتماشى مع أهداف التنمية، هو واحد من المرتكزات الثلاث "البيئة والاقتصاد والمجتمع" ويُعتبر الحفاظ على الحياة الأيكولوجية والسعي المستمر للحفاظ وتلبية احتياجات الأجيال القادمة أمراً أساسياً.

ومع تبني أهداف التنمية المستدامة والتطور التكنولوجي نلاحظ تم سن قوانين جديدة تمنع إنتاج سلع كانت مستخدمة مثل: قناني الماء حجم 200 ملم البلاستيكية أو تشديد الرقابة على مواصفات سلع لم تكن تحت التدقيق المباشر مثلاً: استيراد زيوت محركات السيارات وذات علامة تجارية أصلية، بحيث تماشي مع اللوائح والأنظمة التجارية المعمول بها في البلد. كل هذا دفع برواد الأعمال للتفكير خارج الصندوق لوضع حلول وخطط جديدة تتواءم مع المتطلبات الحالية للسوق من خلال تبني التالي:
حلول الطاقة النظيفة: يُعد التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة أمراً حيوياً لمكافحة تغير المناخ، حيث كان رواد الأعمال في طليعة مطوري ومسوقي تقنيات الطاقة النظيفة المبتكرة. هذا وأحدثت شركات مثل (تيسلا) ثورة في صناعة السيارات الكهربائية، مما مهد الطريق لنظام نقل أكثر مراعاة للبيئة.
الاقتصاد الدائري: وهو نظام اقتصادي يهدف إلى القضاء على الهدر والاستخدام المستمر للموارد، ويعرف بالنموذج الخطي للإنتاج والاستهلاك الذي يعتمد أو يعمل بمبدأ "الأخذ والصنع والتخلص" غير المستدام. في حين يتبنى رواد الأعمال مفهوم الاقتصاد الدائري، حيث تتم إعادة استخدام الموارد وتقليل النفايات إلى أدنى حد ممكن. على سبيل المثال، تشهد صناعة الأزياء صعود العلامات التجارية للملابس المستدامة مثل: باتاغونيا وإيلين فيشر، وشركات عربية مثل: باس كوتور، تالا باربوتين خالدي، والتي تعطي الأولوية للمصادر الأخلاقية، والحد من النفايات، وإعادة التدوير.
البنية التحتية الخضراء: يقود رواد الأعمال تطوير حلول البنية التحتية الخضراء التي لا تقلل التأثير البيئي فحسب، بل تعمل أيضاً على تحسين نوعية وجودة الحياة. على سبيل المثال، تستخدم المدن الذكية التكنولوجيا لتحسين استخدام الموارد، وتعزيز التنقل، وزيادة كفاءة استخدام الطاقة. كما تُعد حدائق الخليج في سنغافورة مثالاً على البنية التحتية الخضراء المبتكرة، التي تجمع بين التخطيط الحضري المستدام وبيئة متكاملة تلبي احتياجات المحاكاة الهندسية البصرية.
وبلا شك يعتمد رواد الأعمال على دوافعهم المتأصلة وإبداعهم وقدرتهم على التكيف ليكونوا رواداً في قيادة التغيير وتشكيل مستقبل أفضل للجميع، إلى جانب القوة التحويلية لحلول ريادة الأعمال والقدرة على حل المشكلات العالمية الملحة.

لذا نجد أن ريادة الأعمال هي عبارة عن مساحة مهمة وحيوية، تفتح أمام الأفراد آفاقاً جديدة وهي تساهم بفاعلية في صناعة التغيير. لذا، يجب على المؤسسات الحكومية والأهلية دعم هذه الجهود من خلال تعزيز الإبداع وروح المبادرة، حيث يمكننا جميعاً أن نكون جزءاً من هذا التغيير وعنصراً حيوياً يدفع ريادة الأعمال إلى الأمام لبناء مستقبل مشرق وواعد للوطن والمواطنين.

ختاماً، أثبت المجتمع البحريني بجميع شرائحه تقبله وتأقلمه السريع مع التطور وقدرته على التغلب على "مقاومة التغيير"، ليأتي دور رواد الأعمال ليقدموا للمجتمع أفكاراً إبداعية وابتكارية تواكب متطلبات المستقبل!
عزيزي رائد الأعمال، هل بنك أفكارك مستعد لإطلاق مبادرات تساهم في بناء اقتصاد متنوع يحقق التغيير الإيجابي؟


*أكاديمي بحريني
 

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .