إقبال رمضان وضاء بالبهجة، ونفحات تزكوا النفوس بها، تهاني تتبادل، وتمنيات بالخير تهل. شهر بدأ به الوحي بهدي القرآن في غار حراء تاليا؛ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. رمضان شهر له ترقب وتمني اللحوق به، وهنالك من يتسنى هلال شهر شعبان ليصبح قمرا حتى يؤذن بطلوع شهر الصوم ليسمع البحتري قائلا؛ 
قم نبادر بها الصيام فقد 
أقمر ذاك الهلال من شعبان. 

رمضان له أوصاف لا منتهى لها، وخيرية تروي الظمأ. حتى يقول أحمد شوقي في وصف الصيام بكتابه أسواق الذهب؛ باطنه الرحمة يستثير الشفقة ويحض على الصدقة، يكسر الكبر ويعلم الصبر ويسن خلاله البر، حتى إذا جاع من ألف الشبع وحرم المترف أسباب المنع، عرف الحرمان كيف يقع وكيف ألمه إذا لذع.
رمضان مجالسه تزهو، والوصل النفوس له تهفو. شهر فيه مراقي للعزائم، وإيحاء المحامد. والصيام ترسو بميناءه القلوب، وتغمر نفحاته الفطرة السوية، تلتمس فيه رهيف وإنتشاء عواطف لترى نواميس اللين والرحمة والعطف حتى كأن الصائم الصدوق تتطاير باحشائه فراشات.
هنالك رقائق من الأقوال تشجو عندها حميد الصفات، ورمضان يمنح صفو التفكير، ولعلها نافعه لأهل التدبير، وهي مقتطفات من كتاب بهجة المَجالس وأنسُ المُجالس تُذكر بالتالي؛
*سأُلزِم نفسي الصفحَ عن كل مذنب  
وإن كثُرت منه علي الجرائمُ
*الاستماع بالعين فإذا رأيت عين من تحدّثه ناظرةً إليك فاعلم أنه يحسن الاستماع
*من طوَّل صمته اجتلب من الهيبة ما ينفعه، ومن الوحشة مالا يضرّه
*قال الحكماء؛ إذا تمَّ العقل نقص الكلام
*قال الأحنف بن قيس؛ ما نازعني أحد إلا أخذت في أمره بإحدى ثلاث خصال، إن كان فوقي عرفت له قدره، وإن كان دوني أكرمت نفسي عنه، وإن كان مثلي تفضلت عليه. 
يعتبر كتاب بهجة المجَالس وأنسُ المُجالس أحد موسوعات الأدب لمؤلفه ابن عبد البر القرطبي 
الذي وصف الكتاب قائلاً؛ "جمعت فيه ما انتهى إليه حفظي ورعايتي وضمتَّهُ روايتي وعنايتي"، وكذلك الكتاب ضم بعض شعر أبي العتاهية حتى ليُسميه ابن عبد البّر"الاهتبال في شعر أبي العتاهية في الحكم والأمثال".
ختاما نقول لرمضان؛
يا ليت شهرك حولٌ غير منقطع
وليت  ظلك عنّا غير  منتقل