العدد 5696
الأحد 19 مايو 2024
banner
د. محمود الأنصاري
د. محمود  الأنصاري
دور مؤسسة الوقف في معالجة مشكلة البطالة
السبت 04 نوفمبر 2023

البطالة تُعد واحدة من أخطر القضايا الاقتصادية، والاجتماعية التي تواجه الدول؛ إذ تسفر البطالة عن انتشار الفقر، وزيادة معدلات الجريمة، وعدم الاستقرار الاقتصادي نتيجة لعدم توفر فرص عمل كافية لاستيعاب القوى العاملة، مما يؤدي إلى تعطيل إمكانات، وقدرات عدد كبير من أفراد المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، تزيد البطالة من العبء المالي على الحكومة نتيجة ارتفاع نسبة الديون الناشئة عن المساعدات المالية المقدمة للعاطلين عن العمل. لذا، تُعد مكافحة البطالة جزءًا أساسيًا من سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول.
ولعل من أبرز السبل لمواجهة مشكلة البطالة هو تفعيل دور مؤسسة الوقف؛ حيث تناولت ذلك بالتفصيل في رسالتي الدكتوراه التي كانت عنوانها: "الوقف الإسلامي ودوره في تقوية الجانب الاجتماعي والاقتصادي في مملكة البحرين"؛ فالوقف يُعد من أهم ركائز الاقتصاد الإسلامي الرامي إلى تحقيق التضامن بين أفراد المجتمع؛ فالأوقاف عبر التاريخ لعبت دورًا محوريًا في تلبية احتياجات المجتمعات، من خلال إنشاء المستشفيات، والمدارس، ورعاية الفقراء، والمحتاجين، وإقامة البنى التحتية، مما ساهم في الحد من مشكلات كثيرة كانت تواجه المجتمع. ويمكن لمؤسسة الوقف أن تساهم بشكل فعّال في التقليل من حدة مشكلة البطالة من خلال مساهمتها في مسارين رئيسيين:
1-    المعالجة المباشرة من خلال توظيف الأيدي العاملة في المشاريع الوقفية المتنوعة في مختلف المجالات الاقتصادية؛ كاستثمار الموارد الوقفية بصيغة تجمع بين تحقيق الربح الاقتصادي، وتعظيم الفائدة المجتمعية؛ من خلال تبني بعض المشاريع المستقطبة للعمالة الكثيفة، كقطاع الصناعة، والبناء مثلاً؛ فهذه الصناعات تُعد عالية الإنتاجية للدخل، وتُثري سوق العمل بفرص عمل واسعة؛ وبالتالي، يُمكن أن تسهم في تقليل نسبة البطالة في الدولة.
2-     المعالجة غير المباشرة من خلال تطوير، ورفع مهارات القوى العاملة، وزيادة كفاءاتهم المهنية، وتوجيه الشباب نحو اكتساب المهارات الحديثة، وتشجيعهم على الابتكار، والاستثمار في ميادين جديدة، بالإضافة إلى ذلك، يُمكن لمؤسسة الوقف دعم مجموعة متنوعة من المشاريع الصغيرة، والمتوسطة التي تدعم الشباب الراغبين في ممارسة العمل الحر، وريادة الأعمال. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إنشاء صناديق وقفية متخصصة تهتم بالمجالات المذكورة سابقًا.
ومع انتهاء ولاية مجلس الأوقاف السابق، وتشكيل مجلس جديد، نتوقع من الأخير أن يولي اهتمامًا كبيرًا بتبني مشاريع وقفية حديثة تحمل طابعًا اقتصاديًا، واجتماعيًا؛ إذ يُعتقد أن تبني مثل هذه المشاريع سيسهم بشكل فعال، ومباشر في حل المشكلات الاجتماعية، والاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وبشكل خاص في مجال مكافحة البطالة؛ فالاستثمار الحكيم لأموال الوقف سينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني، ويحقق التكافل الاجتماعي الذي يسعى إليه الوقف الإسلامي.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية