+A
A-

دور محوري للبحرين في عملية السلام بالشرق الأوسط

أجمعت شخصيات دبلوماسية وسياسية دولية، على أن مملكة البحرين عموما، ومركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي خصوصا، مؤهلون فوق العادة لقيادة دفة عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، ولعب دور محوري في تحفيز مزيد من الدول العربية على إبرام معاهدات سلام وإقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل.

جاء ذلك في ندوة افتراضية نظمها مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي أمس الأول عبر الاتصال المرئي (ويبنار) عن عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، على هامش أعمال الدورة الـ 75 لأعمال الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة والمقامة حاليا في مدينة نيويورك الأميركية، حيث أكد المتحدثون الرئيسون في الندوة أن مملكة البحرين بتوقيعها إعلان تأييد السلام تكون قد مهدت الطريق لإنهاء الصراعات الاقليمية وفتح المجال واسعا أمام الازدهار والتنمية المستدامة والنهضة الاقتصادية لدول وشعوب المنطقة.

وثمن المتحدثون عاليا الجهود الدءوبة التي بذلها ولا يزال يبذلها عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في سبيل نشر قيم التسامح والتعايش السلمي واحترام الحريات الدينية بالارتكاز على تاريخ البحرين العريق في هذا المجال، وتقبل شعبها الودود والمضياف للآخر المختلف دون النظر الى أي اعتبارات دينية أو عرقية أو مذهبية.

وقال مؤسس وعميد مؤسسة سايمون وزينثال الحاخام مارفن هيير إن جلالة الملك أسس مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي قبل توقيع إعلان تأييد السلام، مما يجعل المملكة تباشر رسم خارطة السلام في المنطقة من خلال دعوة دول عربية لكي تحذو حذوها بما يخدم تدعيم الجهود الإقليمية والدولية لنشر السلام على أسس قويمة وصحية تخدم جميع الأطراف.

ووصف إعلان تأييد السلام بين مملكة البحرين وإسرائيل بالإنجاز العظيم ويعود الفضل فيه بصورة رئيسة إلى حنكة ورؤية جلالة الملك وحبه للسلام وإيمانه العميق بنجاعة لغة الحوار والمبادرة بالشعوب أولا ومن ثم الحكومات لإقامة العلاقات الودية والروابط الصديقة والمثمرة بين البلدين، مشددا على أن السلام في منطقة الشرق الأوسط سيأتي من خلال مواصلة التفاعل الإيجابي والبنّاء بين الشعوب.

وأشاد الحاخام هيير بما تم من منجزات بحرينية في إطار نشر مبادئ التسامح والتعايش السلمي، أبرزها إعلان مملكة البحرين في لوس انجلوس بمباركة ملكية وتدشين مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي، وسط أجواء احتفالية سادها التسامح والوئام وتشغيل 3 أناشيد وطنية تحت سقف واحد لكل من مملكة البحرين والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

وقال نائب المدير التنفيذي لمجلس نيويورك للحاخامات، الحاخام جوزيف بوتاسنك إن إعلان مبادئ إبراهيم بين مملكة البحرين وإسرائيل من جهة، وبين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى قد أنار المنطقة بفرص لا حصر لها من الاستقرار والأمان والازدهار بعد أن كانت مظلمة لفترة طويلة من الزمن.

وبين أنه ليس بغريب على مملكة البحرين ومليكها المستنير إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل بحكم تاريخها الناصع في مجال التسامح والتعايش السلمي واحترامها لكافة الأديان وضمان حرية التعبد للجميع، فترى المعابد والمساجد تمتزج في قالب تسامحي جميل وسلام مستدام يخدم الجميع.

ويرى بوتاسنك أن وجود مؤسسة كمركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي هو بحد ذاته اعتراف بحريني صريح وإدراك عقلاني لمدى جوهرية التحاور وتلاقي الحضارات في مساهمته بتعميم السلام العادل والشامل لجميع بني البشر، لافتا إلى أن التعاليم السماوية أشارت الى أهمية حب الجار كإنسان بغض النظر عن ديانته أو مذهبه أو أصله.

وقال رئيس مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة إن إعلان تأييد السلام مع إسرائيل يشكل خطوة تاريخية ستساهم في تعزيز العدالة والسلام الشامل ودعم حقوق الفلسطينيين المشروعة وتعزيز الأمن والاستقرار لجميع الناس في المنطقة.

وأضاف: “يعود الفضل في إعلان السلام إلى رؤية وشجاعة والتزام جلالة الملك الذي حافظ على تاريخ البحرين الطويل في مجال بث روح التعايش السلمي والوئام، ونحن ممتنون لجلالة الملك لرؤيته المستنيرة للسلام في المنطقة بالاستناد إلى الثقة والاحترام والفهم المتبادل بين جميع الأديان والأعراق والأمم”.

وتحدث المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف عن إيجابيات السلام بين البحرين والإمارات وإسرائيل بالقول: “هي تفاهمات فريدة وستفتح صفحة جديدة في المنطقة بعد تاريخ طويل من الحروب والصراعات. هذه التفاهمات بلاشك تتطلع إلى المستقبل وستخلق فرصا ذهبية لخير شعوب المنطقة”.

وبيَّن أن واقع الشرق الأوسط سيكون أفضل من أي وقت مضى إذا عمل الجميع على التسامح والتعايش بسلام والتفاهم بدلا من التطرف والعنصرية، مشددا على أن عملية السلام يجب أن تبنى من الشعوب، وبما يحمي ويضمن حقوق الفلسطينيين.

وأكد أن مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي أمامه فرص عدة ليقود مزيدا من الجهود الإقليمية الرامية إلى تعزيز عرى السلام في المنطقة، من خلال إقامة المزيد من الربط والتشبيك مع مؤسسات أكاديمية على مستوى إسرائيل والشرق الأوسط.

وجدد التأكيد على أن مملكة البحرين بإمكانها قيادة محادثات سلام شرق أوسطية وإيجاد حلول ناجعة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك بفضل مركزها الإستراتيجي وإدراكها المبكر لأهمية الحوار في علاج القضايا السياسية الخلافية، خصوصا وأنها تعتبر أول دولة عربية تعين سفيرة يهودية لها في الولايات المتحدة وتؤمن بالتعددية واحترام الحريات الدينية.

واختتم ملادينوف: “إذا أردنا رؤية سلام مستدام مبني على الثقة والفهم المتبادل والتسامح المشترك يجب التركيز على إرجاع الطرفين الفلسطيني الإسرائيلي إلى طاولة الحوار من أجل الخروج بحلول واقعية، ليس لمجرد التقاط الصور الفوتوغرافية والبهرجة الإعلامية”.

وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق في شؤون أميركا اللاتينية وحوض المحيط الهادئ والشريك الإداري في شركة آكون الاستثمارية، بيرنارد أرونسون، إن إعلان تأييد السلام سيؤسس لأرضية خصبة للسلام على مستوى المنطقة، والتي ستتيحان فرصا تجارية واقتصادية وتكنولوجية وأمنية كثيرة ليس فقط للمنامة وأبوظبي، بل لسائر دول المنطقة، داعيا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لاستثمار تلك التفاهمات؛ للوصول إلى حلول عملية لسلام عادل وشامل.

وذكر أرونسون أن إحراز تقدم في عملية السلام وتعميمه على مستوى المنطقة متوقف الآن على مدى قبول طرفي النزاع الفلسطيني والإسرائيلي بالجلوس على طاولة الحوار وتفهمهما لحتمية التحاور ووضع الخلافات جانبا؛ للوصول إلى أرضية سلمية مناسبة تلبي مطالب وحقوق كلا الطرفين، ومن دون ذلك لن يكون هناك أي منفعة مشتركة.

وقال الدبلوماسي الكندي دييغو اوسوريو إن إعلان تأييد السلام بين المنامة وتل أبيب فريد من نوعه في هذا التوقيت بالذات، ويعكس مدى مرونة وانفتاح المملكة على التعددية ورغبتها الجادة في بناء جسور متينة للتواصل وإقامة علاقات جديدة مثمرة مع الدولة العبرية.

وبيَّن اوسوريو أن الإعلان يعد قناة وحلقة وصل لتعظيم العلاقات الثنائية على مستوى الشرق الأوسط بين إسرائيل وشركائها المستقبليين من الدول العربية المجاورة، لافتا إلى أن أي اتفاق سلام أو علاقات دبلوماسية جديدة يجب أن يرافقه زخم أكبر على كافة الصعد الحكومية والدبلوماسية والشعبية والاقتصادية والثقافية.

وذكر أن السلام يتكون من عدة طبقات أو مستويات تشمل الجوانب السياسية والتجارية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية والتي تكوّن في مجموعها توليفة منوعة من القطاعات الرئيسة، معتبرا مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي المنصة المثالية لتعميم منفعة السلام على شعوب المنطقة عبر نشر قيم التسامح والتعايش بسلام.

وقال المؤرخ والدبلوماسي الإسرائيلي شلومو بن عامي إن قيادتي البحرين والإمارات مهدت الطريق لما هو أفضل لشعوب المنطقة عبر تغليب لغة السلام والحوار على حساب الصراعات أو الحروب، مشيرا إلى أن إعلان واتفاق السلام من شأنها أن تجعل السلطة الفلسطينية تعيد النظر في رفضها المستمر لكافة مقترحات السلام السابقة والتفكير بعقلانية لما فيه خير الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وذكر أن التقدم السلمي الحاصل على الساحة العربية لن يجدي نفعا إذا لم يوجد حل للقضية الفلسطينية، مضيفا بالقول: “الصراع العربي الإسرائيلي انتهى، وحان الوقت لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وستشجع البحرين والإمارات الآن دولًا عربية للدخول في معاهدات سلام مع تل أبيب. فلا يجب تحييد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فهو قضية مصيرية لكلا الطرفين”.

وأكد عامي أن مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي وغيره من مؤسسات مشابهة على مستوى المنطقة لديها إمكانات أكبر لفتح آفاق أرحب من فرص السلام مع اليهود، بما يخدم لحوار بناء لديه دلالات سياسية إيجابية كذلك.

وقال الصحافي الإسرائيلي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ايهود يعاري إن إعلان واتفاق السلام ستهيئان المناخ المناسب لبناء نموذج تعاون وتنسيق قابل للحياة والديمومة بين العرب واليهود، خصوصا وأن مملكة البحرين تعتبر مثالا متحضرا للحوار بين الأديان والحضارات وقبلة التسامح في المنطقة، مما جعل إمكان إقامة العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب ممكنة.

ودعا يعاري إلى ضرورة عدم المزج بين الحوار والسياسة في هذه المرحلة من معاهدات السلام العربية – الإسرائيلية الجديدة، مضيفا: “بدلاً من تعجيل الأمور علينا أن نكون صبورين، وإن الله مع الصابرين، ولا يتحتم علينا في هذه المرحلة المهمة من تاريخ المنطقة إيجاد زخم إضافي، ولكن يجب أن تنضج هذه العلاقات الدبلوماسية؛ حتى تمضي قدما لما هو أفضل”.