+A
A-

ماكرون: التدخلات الخارجية أكبر تحديات العراق

وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس الأربعاء إلى بغداد في أول زيارة رسمية إلى العراق؛ بهدف مساعدة هذا البلد على تأكيد “سيادته”، في وقت يجد نفسه في وسط التوتر بين حليفين: واشنطن وطهران.

ووصل ماكرون إلى بغداد قادما من بيروت إذ أمضى يومين، وأمضى بضع ساعات في العراق.

وماكرون هو أول رئيس دولة يزور العراق منذ تولّى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي رئاسة حكومة هذا البلد في مايو الماضي.

وقال ماكرون أثناء مؤتمر صحافي الثلاثاء، في ختام زيارته الثانية للبنان خلال أقلّ من شهر “أؤكّد لكم أنّني سأكون غدًا صباحًا في العراق لكي أطلق، بالتعاون مع الأمم المتحدة، مبادرة لدعم مسيرة السيادة” في هذا البلد.

وأكد الرئيس الفرنسي أثناء مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي برهم صالح، عقد في بغداد دعمه للعراق في محاربة الخلايا النائمة لتنظيم الدولة الإسلامية والوقوف ضد التدخلات الخارجية.

وقال الرئيس الفرنسي “لقد مر العراق بفترة مليئة بالتحديات لسنوات عدة، مع الحرب والإرهاب”.

وأضاف “عليكم أن تقودوا مرحلة انتقالية (...) فرنسا ستكون بجانبكم حتى يتمكن المجتمع الدولي من دعمكم”.

ولم ترد تفاصيل كثيرة عن مبادرة “السيادة” التي كثر الحديث حولها، بينها تصريحات لمسؤولين عراقيين توقعوا أعلان مساعدات مالية أو عسكرية جديدة.

من جانبه، شكر الرئيس صالح ماكرون على الدعم الذي تقدمه فرنسا في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، معربا عن أمله بقيام ماكرون بزيارة أطول للعراق في العام المقبل.

وعانى العراق بعد الحرب التي قادتها الولايات المتحدة للإطاحة بنظام صدام حسين العام 2003، من صراع طائفي بلغ ذروته خلال سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات شاسعة من البلاد قبل 6 سنوات، قبل أن يُهزم الجهاديون بدعم التحالف الدولي نهاية 2017.

“سيادة أساسية”

والعراق عالق منذ سنوات بين شريكيه الأكثر نفوذا واشنطن وطهران، وأصبح في موقع يزداد منذ 2018 صعوبة مع شن الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب حملة “ضغوط قصوى” ضد إيران.

وتدعم فرنسا مع الدول الأوربية الموقعة على الاتفاق النووي العام 2015 صيانة الاتفاق الذي انسحبت منه واشنطن، ورغم عدم مشاركتها في التحالف الدولي الذي أطاح بنظام صدام حسين إلا أنها انضمت إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الذي بدأ العام 2014 بمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

وفي يناير الماضي، دعا إيمانويل ماكرون إلى “خفض التصعيد” بعد إقدام الولايات المتحدة على اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، قرب مطار بغداد. وقتل في الهجوم نفسه نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس.

وتعرضت المصالح الأميركية بعد ذلك الهجوم، وبشكل متكرر لهجمات صاروخية فيما تراجع الاقتصاد العراقي؛ بسبب انهيار أسعار النفط وتفشي وباء فيروس كورونا المستجد في العراق كما هي حال باقي دول العالم.

وفي الأشهر الأخيرة، ضاعفت فرنسا إشارات الدعم للعراق عبر زيارة قام بها وزير خارجيتها جان إيف لودريان في يوليو، وأكد خلالها على “أهمية النأي بالنفس عن توترات المحيط”. وفي 27 أغسطس، زارت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي بغداد وإربيل، مشددة على ضرورة مواصلة مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية.

وقبل توجه الرئيس الفرنسي للقيام بزيارته الأخيرة الى بيروت، قال في لقاء مع الصحافيين إنّ “المعركة من أجل سيادة العراق أساسية” للسماح “لهذا الشعب وهذا البلد اللذين عانيا كثيرا” بـ “عدم الخضوع إلى حتمية سيطرة القوى الإقليمية والإرهاب”.

 

شرق يتطلع نحو فرنسا

وفي وقت سابق من هذا العام، بعد هزيمة الجهاديين على الأرض وتفشي وباء “كوفيد 19”، انسحبت آخر فرقة من القوات الفرنسية التي كانت موجودة في العراق في إطار التحالف الدولي.

وتسعى فرنسا إلى توسيع علاقاتها الاقتصادية مع العراق الذي يعد وفقا لمنظمة الشفافية الدولية ضمن أكثر 20 دولة فسادًا في العالم.

وناقش ماكرون أثناء زيارته، مصير 11 فرنسيا حكم عليهم القضاء العراقي العام الماضي بالإعدام لانضمامهم إلى منظمات متطرفة في العراق.

وقال مسؤول عراقي إن زيارة ماكرون حول “سيادة العراق” تشكل أيضا رسالة غير مباشرة إلى تركيا.

ونفذت تركيا عملية عسكرية جوية وبرية هاجمت فيها مقاتلين أكرادًا في شمال العراق في يوليو، ما أثار غضب بغداد التي نددت بانتهاك أراضيها.

والتوتر على أشده حاليا بين فرنسا وتركيا على خلفية النزاع في ليبيا، إذ البلدان متهمان بدعم طرفين متقاتلين، والخلافات في شرق المتوسط حول التنقيب عن الغاز.