+A
A-

الشاعر عبدالله عيسى: الثقافة الفلسطينية ثقافة “ثورة ومقاومة”

قال الشاعر الفلسطيني والأديب عبدالله عيسى إن الثقافة العربية مهمشة، لا تقدم الكثير لقضاياها الذاتية، مبينًا أن الثقافة الفلسطينية هي ثقافة مقاومة وثبات وبقاء.  وقال عيسى بحوار أجرته معه “البلاد” إنه لا يمكن أن تكون هنالك ثقافة فاعلة في الوقت الذي يصبح به إلغاء الآخر واتهامه ميزة وهو ما نشهده الآن.

بداية، حدثنا عن تجربتك الشعرية في مضمار المقاومة؟

أنا من جيل الثمانينات الفلسطيني، نشأت في مخيم صغير مرمي على حافة الأرض اسمه “ببيله”، وعملت منذ بداياتي في الصحافة الفلسطينية، حصلت خلالها على الكثير من الجوائز، وأستطيع أن ألخّص لك تجربتي بأنها كانت بعيدة عن التصفيق، والخطابية، وهي تجربة تسعى لتقديم القضية الفلسطينية بوصفها مشروعًا جماليًّا قائمًا على التعايش والحب والسلام، نقيضًا لشرعة المحتل القائم على المحو والقتل.

ومن هنا، حصلت على جوائز عالمية منها جائزة “شيخف” الإبداعي من روسيا، لأنني استطعت أن أقدم القضية الفلسطينية بوصفها قضية إنسانية للكثير من المجموعات التي تركت انطباعات للعديد من النقاد.

بماذا تهتم وأنت تكتب؟

أن أبني نصًّا يحمل صوتي الخاص، يقدّم قضيتي بملامحي الخاصة، ولأنني أعتقد بأن جسدي هو فكرتي، وفكرتي هي وطني، ووطني هو جسدي، ووفق هذه الرؤية، فإنني لا أرى بأن عليّ أن أكتب عن فلسطين أكثر مما أكتبه عن نفسي، وعن المخيم، وعن الذاكرة.

ما أهم إنتاجاتك الأدبية؟

لي في الشعر “الآء”، و “موتى يعدون الجنازة”، “حبر سماء أولى”، “قيامة الأسوار”، “وصايا فوزية الحسن”، “رعاة السماء.. رعاة الدفلة”، “حيث ثمة ظلال تئن”.

وفي النقد لدي رؤية وفي مجالات أخرى، حيث عملت بالسينما، وكتبت للمسرح.

هل تقوم الحركة الثقافية العربية اليوم، بواجبها تجاه القضية الفلسطينية؟

  للأسف الشديد الثقافة العربية مهمشة، لا تقدّم الكثير لقضاياها الذاتية، ولا وجود لثقافة دون أن يكون هنالك وجود لفكر متطور، لشكل من أشكال الحوار والشراكة بين المثقفين، لا يمكن أن تكون هنالك ثقافة فاعلة في الوقت الذي يصبح به إلغاء الآخر واتهامه ميزة وهو ما نشهده الآن.

الثقافة العربية عاجزة عن تشكيل رأي عام عربي لإيجاد أشكال النهوض الفكري والاجتماعي للالتفاف واحتضان القضايا الأساسية، كالإنسان والوطن، بما فيها القضية الفلسطينية نفسها.

أين وصلت الثقافة الفلسطينية تحت ردح الاحتلال؟

  تاريخيًّا، تميّزت الثقافة الفلسطينية عن شقيقاتها بأنها ثقافة ثورة مقاومة، تعلم تمامًا بأنه بعد حرب 1967 حين كان الشعراء العرب يرثون تاريخهم، والتي تمخّض عنها ظهور حركة الشعر المُقاوم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكان من أهم رموزها ثلاثة من أهم الشعراء العرب في تلك الفترة وما تلاها، وهم: محمود درويش، سميح قاسم، وتوفيق زياد، وسواهم من المبدعين الفلسطينيين.

كل هؤلاء هم من أسّسوا لثقافة الصمود والثبات على الأرض، وأرادوا بهذا الشكل ومن خلال بيان محمود درويش “أنقذونا من هذا الحب” أن يتم التعاطي مع القضية الفلسطينية ليس أساسًّا أيديولوجيًّا بقدر ما هو فني، ويتم نقد القصيدة الفلسطينية بوصفها جزءًا من حركة الشعر العربي والإنساني.

نحن ورثنا شعر المقاومة، وما يزال الشعراء الفلسطينيون يذهبون بعيدًا في التعاطي مع النص وخلق عوالم المقاومة، فالعرس الفلسطيني هو مقاومة، والحب هو مقاومة، والولادة الفلسطينية هي مقاومة للاحتلال، وبالتالي فهنالك أشكال متطورة بالنص الفلسطيني والتي ترمز للمقاومة، عبر حالة تزاوج ما بين الفاعلية الاجتماعية والفاعلية الجمالية وهي حركة تم تأسيسها من قبل مبدعين فلسطينيين على رأسهم محمود درويش.

ما أثر المدارس الثقافية الفلسطينية على حياة الناس وعلى قناعاتهم؟

الشعر الفلسطيني لم يكن بعيدًا عن حركة الحداثية العربية، بل كان جزءًا منها، وهنالك شعراء تميّزوا بإثراء حرة الشعر التجديدي العربي بالكثير من الجوانب الجمالية، وأعتقد بأنه يجب النظر بهذه القضية من قبل النقاد والمبدعين العرب.

كيف تنظر لتعاطي النقد العربي مع الحركة الشعرية الفلسطينية؟

للأسف، تعاطيه معها هو على أسس فكرية وأيدلوجية مسبقة، خصوصًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية نفسها، ولم يتعاط مع التحولات الفنية التي عاشت هذه القصيدة، هنالك الكثير من البصمات الشعرية للقصدية النثرية من قبل الكثير من الشعراء، محمود درويش وسواه.

هنالك ملامح لانزيحات جدية قامت بها القصيدة الفلسطينية قد تكون معادلة نوعيّا لفعل المقاومة في النص، والشعر الفلسطيني استطاع أن يشكل ثورة في الإبداع، كما استطاع أن يشكل إبداعًا في الثورة.

بماذا فشل “الاحتلال” تجاه قضية فلسطين وشعب فلسطين؟

هنالك الكثير من القضايا التي لا يستطيع هذا الاحتلال أو غيره أن يدمرها في وعينا وضميرنا، أهمها هي الذاكرة، لجداتنا وأجدادنا، والذين كانوا يصفون لنا فلسطين، ويتحدثون عنها، عبر تفاعلات هذه الذاكرة استطعنا أن نبني وطنًا، استطعنا أن نكبر معه، ومعه حلم العودة، ولنصبح نحن الحلم، والحلم هو نحن، وفلسطين هي نحن، ونحن هي.