+A
A-

“أين نجلس” لوحات تنطق بالصمت وتؤكد ذاتيتها الخاصة

الأشياء التي ترسمها الفنانة هلا آل خليفة ليست أشياء مألوفة، بل هي ألوان وأنوار أكسبتها إشراقة تكاد تذوب معها في لين عبر محاولة خلق متسامية تتعدى بها المادة التي انبثقت منها لتبلغ بها من روعة الإنشاد اللامتناهي من الشعر الملحن بالألوان.

في رسوماتها رهافة ورقة، ودقة، وغنى عين وروح ودراسة لزاوية المنظور، وجرأة في اقتحام مواقع الطبيعة والإنسانية وقلاعها، لديها إحساس غريب بموسيقى الألوان، وإظهار قيم الطبيعة والحياة والزمن، وفي معرضها “أين نجلس” الذي افتتح يوم السبت الماضي في عمارة بن مطر ضمن الموسم الثقافي “ولي جبل ملقى على الغيم يدعوني لأرفعه”، وبالتزامن مع فعاليات ربيع الثقافة في نسخته الـ 15.

رسمت “الكراسي” بأدق الخلجات وأعطتها ثقلها وجسامتها وجبروتها، فالكراسي مجموعة مركبة من الخصائص التي لا تخضع لتصنيف كلاسيكي، أودعتها الفنانة هلا أفكارًا وأسرارًا وتأملات، إذ يجب أن يشاهد المرء لوحاتها ليعلم كم هي غنية وكثيفة. فيها عين سحرية خلاقة، أحبّت أن تعترك، اعتراك جمال وإبداع وسؤال وتجربة مع الكراسي.. محاولة أن تنبش أسرارها وحقائقها، وأن تصوغها في معادلات فنية متكاملة عميقة وغنية وشبه معجزة.

لوحات معرض “أين نجلس” تنطق بالصمت وتؤكد ذاتيتها الخاصة والارتفاع على مستوى ظواهر الأشكال، ومعالجة تتميّز ببراعة التكوين وتماسكه والوفاق اللوني مع الأشكال الذي يحقق دون صخب تأكيد معنى العمل. مقدرة عالية في معالجة الموضوع في توازن بين التكوين والألوان وذكاء الملاحظة النافذة وحس التكوين. الكراسي في اللوحات تتطلع نحو أفق وترنو إلى بعيد وهي في تصوري الشخصي المتواضع انقلاب في مفهوم الرؤيا الفنية وتحوّل في أشكال الفن وأساليبه. رسومات تتفاعل مع الوجدان وتحرك أغواره، أما النسيج اللوني فقد صيغ بمقدرة فائقة والإضافات وضعت بحساسية جميلة يكتمل معها معنى الرمز، وبالرغم من أن اللوحة في تكوينها وألوانها تعتبر ابتكارًا ذاتيًّا نابعًا من نفس الفنانة، فإن فيها أشياء غير منظورة وكما قالت الفنانة هلا:

(هذه المجموعة التي يتضمّنها المعرض هي جزء مما يدور في عقلي الباطني، وهي اللغة التي لطالما تردّدت علي، فالأجساد والكراسي جزء من رموزي التي لا تغادر دفاتري وخواطري).