+A
A-

أبوالجدايل لـ “البلاد”: جلالة الملك وصف أعمالي “بأجمل اللوحات”

((تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الالكترونية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية ، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الاشارة للمصدر.))

 

عازفة موسيقى.. خبيرة سينمائية.. فنانة تشكيلية.. وسفيرة للعمل الإنساني

منذ الصغر غذتني أمي بسماع الموسيقى يوميًا ولم أفطم عنها لحد اليوم

نشأتي فضولية بامتياز.. ومؤمنة بالنهم الثقافي من وراء المحيطات

نتدافع لاستقبال التحولات التي فرضتها ثقافة الأمير الشاب ولي العهد

المرأة السعودية جاهزة لحفر اسمها في رؤية 2030

 

العمل المميز يفرضه صاحبه ويعلن عن نفسه بذاته، نبيلة أبوالجدايل الفنانة السعودية المتألقة، سفيرة العمل الإنساني بمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، تلقت تعليمها في مدارس التربية الإسلامية بالرياض، وحصلت في العام 2016 على بكالوريوس التصوير والفن الرقمي من جامعة نورث إستيرن بمدينة بوسطن الأمريكية، بالإضافة إلى دراستها فن السينما بجامعة هارفارد، رسمت أكثر من 400 لوحة حريرية، قدمت منها 11 لوحة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وعلق عدد منها في قصوره وكذلك علقت لوحاتها الحريرية في المكتب الخاص لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

مؤخرًا تم اختيارها لتمثيل المملكة العربية السعودية وتقديم لوحتين لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة في حفل تدشين أكبر مصهر للألمنيوم على مستوى العالم لشركة “ألبا”، “البلاد” حاورت الفنانة السعودية، وكان لقاؤنا معها كالتالي:

من وراء خصوبة فنك وريشتك الثقافية؟ من أين أتيت بكل هذه الذخيرة الثقافية التي تنطلق منها أعمالك الفنية؟

حبي للفن فطري، فمنذ صغري كلما وقعت عيني على ما يسترعي انتباهي وحواسي أقوم بمحاولة رسمه أو محاكاته. ولأنني حظيت بوالدة مثل الكاتبة ثريا الشهري من حيث درجة وعيها واستيعابها الفروق الفردية في تربية أبنائها، فلم أقع ضحية التربية التقليدية لفتاة في مثل عمري وبيئتي. وهنا يأتي دور التوجيه الإرشادي منذ صغري في صقل الموهبة بالثقافة النظرية والمرئية وحتى السمعية. كمثل تحديد ساعات معينة للقراءة، وسماع الموسيقى الكلاسيكية من كل يوم، وكذا تعلم اللغات وزيارة المتاحف عند السفر للخارج، ومناقشة أفكار الفنانين وحقبهم الزمنية.

هذا غير محاولاتي للتقرب من بعض الآلات الموسيقية والتدرب على العزف عليها، ما أهلني لاحقا لمرحلة التأليف الموسيقى مع معلمة البيانو في جامعتي بمدينة بوسطن الأميركية. الأمر الذي أدهشني شخصيا، وكنت أتمنى معه مواصلة مشواري الموسيقى في التأليف، غير أنني أجلته حتى إشعار آخر بسبب ضيق الوقت وانشغالي بالتزامات عملي باللوحات.

فكما ترى كانت نشأة فضولية بامتياز نما فيها حب الاستطلاع والنهم خارج حدود منطقتي المحيطة سواء الفكرية أو الفنية، حيث التمازج مع ثقافة المجتمعات الأخرى من خلال ما أبرزه في مشاهد لوحاتي والخلفيات التي أختارها بعد بحث وفكر وتأنٍ، بما يتناسب طبعا مع فكرة اللوحة وشخصية صاحبها والجمهور المستهدف للتذوق. ولتقريب وجهة نظري أكثر سأستعين هنا بلوحتي في رسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حين أضفت عامل الصقر إلى اللوحة لعلمي المسبق بأن الصقر ثقافة مشتركة بين البلدين السعودي والروسي. ليزور الرئيس بوتين مدينة الرياض في شهر أكتوبر المنصرم ويهدي الملك سلمان بن عبدالعزيز نفس هيئة الصقر الذي رسمته قبل الزيارة بنحو الشهرين.

 

ما أبرز الأعمال التي قمت بها؟ وما اللوحة القريبة من قلبك؟ وكم تستغرق اللوحة الواحدة من الزمن؟

الإجابة عن هذا السؤال ليس بالأمر السهل كما قد يتراءى للقراء. فأعمالي تجاوزت الـ ٤٠٠ لوحة، وما يحوز نسبيا درجة الرضا مني ليس بالضرورة متوافقا مع ما يراه الآخرون في لوحاتي. لذا سأجيبك بأكثر الأعمال التي نالت حظها من الانتشار بين الناس، وهي لوحتي وعنوانها تحالف المجد وكذلك لوحة بعنوان رؤية ٢٠٣٠. أما أقربها إلى قلبي، فهي لوحة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع جنوده الأبطال وعنوانها دروعنا ليلا نهارا، حيث قدمتها في حفل تكريم طالبات التربية الخاصة وبنات شهداء الوطن والمرابطين بحضور حرم أمير الرياض الأميرة نورة بنت محمد آل سعود. فحصل أن تعرفت أكثر على الفتيات وأمهاتهن، وارتبطت اللوحة بذهني بذكرى المحبة والتآلف، فزادت من قيمتها المعنوية لدي. المخزون الذي ينهل منه عادة الفنان الإنسان. وبالإجابة على الشق الأخير من السؤال، فلا أستطيع التحديد وأكون دقيقة بكلامي، فكل لوحة ولها حالتها. وقد أنهيها في ثلاثة أيام، وقد تستغرقني ثلاثة أشهر. وباعتقادي أنه أمر شائع في حياة الفن.  

 

هل تشعرين في ظل هذا التكريم الواسع والحظوة من خلال القيادة أن هناك حاضنة اجتماعية ورسمية لك كفنانة؟

أولا وقبل أي شيء دعني أقول إن الفنان وهو يمارس فنه إن كانت فكرة التكريم مسيطرة على عقله وريشته، فقد ينعكس هذا الأمر عليه وعلى إنتاجه بالسلبية. فربما مع الوقت سيشعر بالإحباط، ومن ثم التخاذل والتهاون في التجويد؛ لأنه لم يقدّر بالشكل الذي اعتقد أن فنه يستحقه. لذا نصيحتي لكل إنسان وليس بالضرورة في مجال الفن، أن يعمل ويطور من عمله بصرف النظر عن العائد. فلابد أن يأتي يوم والعمل المميز يعلن عن نفسه ويفرض صاحبه معه. وهذه هي النصيحة التي أدين بها إلى والدتي أطال الله عمر جميع الأمهات الحكيمات. وبكل أمانة أختصرها باعترافي أنني لم أنافس أحدا قدر نفسي والتغلب عليها في كل مرة، دون أن أعير انتباها لرأي الآخر في فني أو عدم تقبله أفكاري، خصوصا في البدايات. فأحيانا ما يكون الفن بالذات سابقا لعصر الفنان ومجتمعه المحيط. وخذ عندك تاريخ أغلب الفنانين وكيف أنصفت موهبتهم في عصور لاحقة لموتهم. وبنظري أن ما يزيد من صعوبة الفن التشكيلي أنه يعد كهواية تضاف إلى عالم الإنسان وليس كحرفة، فلا يأتي في مصاف الأولويات. وهو أمر ذو شقين، فمن ناحية قد يُخدم الفن إن لم يتحول إلى احتراف ممنهج، ومن ناحية أخرى أقل إشراقا قد يُستمر التعامل مع الفن على أنه شيء ثانوي لا يعتمد عليه على غرار المهن الأخرى. ولأن العلاقة طردية ما بين نشر الثقافة بين الأفراد، وتعزيز جودة الحياة في المجتمع، فتجد أنه كلما نما فكر ووعي المجتمع، زاد تقديرنا للفنون عامة. وبالتالي ستكون الحاضنة الاجتماعية والرسمية أمر طبيعي ضمن المسار الحضاري لهذا المجتمع.

 

كيف تقيمين التحولات الاجتماعية في المملكة العربية السعودية التي بدأت في ٢٠١٦ ولا تزال تتدافع حتى اليوم لتبلغ ذروتها في العام ٢٠٣٠؟

الشعب السعودي من أكثر الشعوب تواصلا مع العالم الخارجي من خلال السفر الذي يعتبر بالنسبة لشعوب أخرى نوعا من الرفاهية. ولكنه ارتبط بحياتنا نحن السعوديين كأساس حياتي. وبالتالي فقد تجدنا على بساطة أسلوبنا بالحياة، إلا أننا مطلعون على كثير مما يجري خارج حدود دولتنا. وما ساهم في هذا التوسع برنامج الملك عبدالله رحمه الله للابتعاث الخارجي الذي غير بنظري في رؤية المجتمع السعودي للمجتمعات الخارجية. هذا التدرج الاجتماعي كان سابقا لعام ٢٠١٦.

وعليه، تجد أن استقبالنا للتحولات من حولنا وتدافعها هو استحقاق طبيعي ومطلب مجتمعي فرضته عقلية شابة تتمثل في الأمير الشاب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وتلقته فئات المجتمع السعودي التي يشكل الشباب أغلب مجموعها. أما تقييمي لهذه التحولات الاجتماعية، فمن السابق لأوانه إخضاع ما يجري تحت عدسة عالم الاجتماع، فرهاننا دائما على الوقت وما تستخلصه وتوثقه التجربة الاجتماعية من خلاله.

إلى أي مدى استجابت المرأة السعودية لدورها الوطني الجديد في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان؟

المرأة السعودية كمثل تميمة الحظ الرابحة على مدى تاريخها المشرف مع وطنها. فأينما تضعها تجدها تسد وترتقي. فهي امرأة قوية وذكية في آن، تعلمت فن قيادة حياتها وحياة أبنائها وعائلتها. علما بأن قوانين المجتمع لم تكن بصالحها دائما، فما بالك اليوم، وقد تبدلت تلك القوانين لصالح تعزيز مكانتها ودورها المجتمعي. بإيجاز، المرأة السعودية جاهزة للمشاركة في نهضة بلدها وحفر اسمها كشاهدة على عصر رؤية ٢٠٣٠.

 

أين تقع البحرين في قلب نبيلة؟ وماذا تمثل المنامة في وجدانك؟

أصدقك القول أنني لم أزر البحرين كثيرا، إلى أن أتت زيارتي لهذا البلد الراقي في شهر نوفمبر الماضي لحضور حفل تدشين مشروع خط الصهر السادس بشركة ألمنيوم البحرين (ألبا)، وذلك لتقديم لوحتي إلى مقام عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وولي عهده نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وشعب البحرين جميعا. ولأن الأماكن ترتبط بذكرياتها، فقد احتفظت البحرين بذاكرتي بصور ومشاعر مختلطة وجميعها عذبة وتبعث على الابتسام حين أسترجعها. فيكفيني فخرا وسعادة وصف الملك حمد حفظه الله للوحتي بقوله إنها من أجمل اللوحات في نظره. هذا غير تشرفي بالحديث مع سمو ولي العهد وقوله إن الصورة الأصلية له والتي جسدتها في لوحتي قد التقطت لسموه في كلية سانت هيرست، لأوافقه الرأي وأضيف بدوري أنها كانت في يوم ماطر. فيبتسم سموه لعلمي بتاريخ صورته. هذا طبعا غير تعرفي على الشخصية البحرينية التي تتصف في مجملها بالترحيب والطيبة، مع مراعاة أصول الضيافة والتعامل المتواضع. فحين أجمع تلك اللحظات وأضيف إليها جمال الخليج وتأمل مياهه الصافية كل صباح والطيور تحلق فوق صفحته الزرقاء وأنا أمشي بمحاذاة الشاطئ، هذه الذكريات مجتمعة تجعلني أحن للبحرين وأفكر جدياً في اقتناء منزلا فيها. فإحساس الفنان بالأشياء والأماكن يكون صادقا وملحا.