+A
A-

الشباب البحريني يتجاوز “ثقافة العيب”.. يعمل وينجح

وصل ورشته قبل الساعة الثامنة بعشر دقائق، ارتدى ملابس العمل وطلب من مساعده إعداد فنجان من القهوة لـ “يصحصح” قبل أن يتناول جهاز الفحص ويبدأ التدقيق بإحدى السيارات الفاخرة من نوع مرسيدس مركونة في زاوية الكراج.

بدا خبيرا وممارسا، تفحصها بدقة، وأخذ يسجل ملاحظاته.. سكت برهة ثم هز رأسه وقال: وجدتها، العطل بسيط، ساعتين على الأكثر ستكون جاهزة.

استطاع كهربائي السيارات عبدالله محمود معرفة العطل في سيارة المرسيدس من موديل 2011 خلال فترة بسيطة، وهي مشكلة، كما قال صاحبها، بأنها أتعبته وكلفته الكثير من الجهد والمال قبل أن يرشده أحدهم إلى هذه الورشة.

وعبدالله شاب بحريني لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، استثمر حبه للسيارات و”المكنكنة” إلى فتح ورشته الخاصة وتحقيق نجاح ودخل مالي جيد جدا، بعرق جبينه، بعيدا عن الوظائف المملة وبعيدا عن “قصة” الرئيس والمرؤوس.

وعبدالله كالكثيرين من الشباب البحرينيين الذين استطاعوا تجاوز ثقافة العيب، والدخول في سوق العمل بأي مهنة أو وظيفة، ما دام أنها شريفة ونظيفة، تحقق لهم العيش الكريم.

ولم يعد مستغربا في البحرين، كما قبل 20 أو 30 عاما، أن تجد مواطنا يعمل هنا أو هناك، في المحال التجارية والمطاعم والمرافق السياحية وغيرها، في وظائف كانت حكرا على الأجانب.

يقول عبدالله بأنه تخرج قبل عامين من الجامعة بتخصص إدارة أعمال، وعجز وهو يبحث عن وظيفة بتخصصه دون جدوى، (...) كنت أفضّل وظيفة حكومية ولكنني لم أحظى بفرصة.

وتابع “عملت سابقا في شركة، ثم في مصنع، ولكن الراتب لم يكن بالمستوى المطلوب، فضلا عن أنني لم أشعر بالراحة كوني لا أحب مسألة الالتزام بتوقيت محدد للحضور والانصراف، وكذلك أن يكون مسؤول عنك شخص تعتقد بأنك تعرف أكثر منه”.

وأضاف “أعدت حساب المسألة وقلبتها في رأسي، وحاولت إيجاد عمل أحبه وأبدع فيه، بحيث أدمج العمل بالهواية وفتحت ورشتي الخاصة بدعم من صندوق العمل (تمكين)، وانطلقت”.

من جهته يقول الشاب محمد خليل، الذي يعمل في أحد المطاعم ان الفكرة لدى جميع البحرينيين اختلفت الآن، فلم يعد الناس ينظرون للمسألة كما في السابق، فالكل يريد العمل ويريد العيش الكريم.

وأكد أن المطلوب فقط عمل شريف نظيف، (...) الكل يحتاج العمل والظروف ليست كما في السابق، فالوضع الاقتصادي والمعيشي صعب وعليك العمل، فلا مكان للعاطلين ولا مجال للخجل أو “التكبّر”.

وأشار خليل أنه يحب عمله وتعلم منه الكثير، موضحا أنه بات يمتلك خبرة جيدة في إدارة المطاعم وأنه بإمكانه افتتاح مطعمه الخاص مستقبلا.

وبين أن الجيل البحريني الحالي لم يعد يحفل بنوع الوظيفة ولم يعد – كما في السابق – يبحث عن وظيفة حكومية أو عمل مكتبي، وإلا فلا.

وأيد أحمد محمد الشيخ، الذي يعمل في مركز تجاري كبير، ما جاء به خليل، مؤكدا أن العمل موجود والفرص متوافرة ولكن على الشخص البحث والرضا بما يناسب إمكاناته.

وأكد أنه يعمل في المركز التجاري منذ نحو 4 سنوات، والأمور ماشية والوضع جيد، (...) أطمح بالتقدم والتطور.

وأشار الشيخ أن ظروف الحياة صعبة والوضع الاقتصادي ليس كما في السابق، داعيا الشباب إلى دخول سوق العمل والانطلاق.

 

جهات داعمة للشباب البحريني

ومن المعلوم أن الجهات المعنية كوزارة العمل وصندوق العمل “تمكين” وهيئة تنظيم سوق العمل وغيرها، تطرح العديد من البرامج والقوانين والأنظمة الداعمة للشباب البحريني وتهيئته ليكون مفضلا لدى أصحاب الأعمال.

ومن أقوى هذه البرامج ما يقدمه صندوق العمل “تمكين” للقطاع الخاص، حيث يدفع نسبة من الراتب تصل إلى 70% في حال توظيف البحرينيين، والأرقام والنسب تتباين بحسب وضع الباحث عن عمل إن كان جامعيا أو عاطلا أو تاركا لعمل.

كما يدعم تدريبهم بحيث يدفع زيادة على الراتب تصل إلى 50 دينارا أو أكثر في حال اجتياز الدورات.

من جهته قال ناصر خالد، وهو مدير الشؤون المالية والإدارية في أحد مصانع الكارتون، أن البحرينيين يشكلون نحو 68% من العاملين في المصنع، وبمختلف التخصصات والوظائف.

وأشار أنه يعمل في هذا المصنع منذ أكثر من 17 عاما، مؤكدا كيف أن ثقافة العمل عند البحرينيين اختلفت خلال هذه السنوات، (...) في السابق عندما نعرض وظيفة عادية على بحريني كسائق أو عامل تغليف.. الخ، كان يرفضها ويقول معترضا: “أنا أعمل بهذه الوظيفة؟”، لكن ذلك تغير الآن.

وتابع “كثير من الشباب الذين بدأوا معنا بوظائف عادية تطورا الآن وأصبحوا رؤساء أقسام ومسؤولي فرق عمل”.