+A
A-

صعوبات التعلم حلم فحقيقة في عيون عقيلة الحايكي

التميز لا ينحصر بظروف ولا أزمنة ولا أمكنة، الإبداع يولد مع الشخص وينمو معه وإن الإيمان بقدرة الفرد والإيمان بالنفس هو أول طريق للنجاح، فكرست الأستاذة عقيلة حياتها للعلم وحفرت اسمها بالجد والتحدي والكفاح كونها مُدرسة لغة عربية ومتخصصة في مجال صعوبات التعلم.

كونكِ استشارية صعوبات تعلم حدثينا بدايةً عن خبراتكِ السابقة في هذا المجال؟

منذ نعومة أناملي وأنا أطمح أن أكون معلمة ترتقي بمستوى المتعلم، فالله سبحانه وتعالى وهب عبده العقل والطاقة، يستطيع أن يوظفهما فيما يخدم البشرية، بل فطرتنا السوية تحتم علينا أن نمارس إنسانيتنا اتجاه من هم بحاجة ماسة إلينا، ولا يوجد أفضل من أن تنير درب هؤلاء بالعلم، فإن قيمة المعلم في مهنته، وأن مدى نجاحه يقاس أثره في تلاميذه. كثيرًا ما بادر في ذهني فئة هي بحاجة أكثر من سواها إلى هذا العلم، فئة قد حباها الله قدرات ذهنية تختلف عن باقي أقرانها، مختلفة في التفكير وليس نقصان منها، بل هي ترى ما حولها بنظرة تختلف عن المحيطين بها، تكتسب المعرفة وتعالج الأمور بطريقة تتناسب وفق قدراتها. هذه الفئة كان لها الدور في أن تدفعني إلى الأمام لأدخل عالم صعوبات التعلم، منها تقدمت لأخوض دراسة هذا المجال، والتي انعكست أثرها على الجانب الشخصي والمهني.

كيف تبدعين في تحويل مناهج المدرسة إلى برامج ذات مهارات إبداعية عليا؟

لقد اكتسبت إبداعي بوجود هؤلاء، فاحتياجاتهم هي التي ألهمتني مداخل كثيرة لتعليمهم، فاحتياجاتهم فرضت نفسها على الموقف التعليمي، لذلك يتم إعداد الموقف بما يتناسب مع قدرات وميول كل فرد منهم، كي يتمكنون من التعلم، وكسب المعرفة بشكل فعال، خاصة إذا ما استخدمنا استراتيجيات وطرق تدريس تتناسب وطبيعة المشكلة من جانب، والخصائص المعرفية لهؤلاء من جانب آخر، ومن هنا تنوعت المواقف التعليمية وأثرت معرفتي لخدمتهم.

ماذا تقصدين ببرامج تنمية المهارات بالتعلم النشط؟

البرنامج هو عبارة عن مجموعة من الأنشطة التدريبية، مكملة لبعضها البعض قائمة على استخدام استراتيجية معينة أو عدة استراتيجيات بهدف تنمية مهارات محددة لدى المتعلم، حيث يتخذ البرنامج الشكل الهرمي، ليتضمن مجموعة من الأهداف التعليمية، نابعة من هدف عام واحد، فمن خلال هذه الأهداف تتفرع أهداف سلوكية لها صلة بالأهداف التعليمية، ومنها بالهدف العام، حيث يتم تدريب المتعلم عن طريقها على اكتساب مهارة ما. وفي التعلم النشط يكون المتعلم هو محور العملية التعليمية، حيث يشارك في الدروس بشكل فعال، فهو يشارك في التخطيط والشرح والتفكير والبحث والاكتشاف والتقييم من خلال استراتيجيات معينة، فالتعلم النشط قائم على الفهم وليس الحفظ كما هو في التعليم التقليدي.

ما الصعوبات التي واجهتكِ في التعامل مع ذوي صعوبات التعلم؟

صعوبات التعلم مرتبطة بالعمليات المعرفية في المرتبة الأولى في الجانب النمائي لدى الفرد كالانتباه والإدراك والذاكرة، حيث أنها تعتبر متطلبات سابقة أساسية لحدوث التعلم، وأن القصور الحادث في أي من هذه العمليات يؤدي إلى صعوبات تعلم أكاديمية تظهر كصعوبات في القراءة والكتابة والتحدث وإجراء العمليات الحسابية، لذلك نواجه بعض الأحيان بعض العراقيل التي تعيق تحرك اختصاصيي صعوبات التعلم في الميدان، لارتباط الصعوبة بالجانب النمائي وبالأخص بما يتعلق بالذاكرة، إلا إن فكرة مساعدة هؤلاء تذلل كل صعوبة نواجهها، بل ونتخطاها، وتكلل أعمالنا بالنجاح، وهذا توفيق من رب العالمين. وفي نظري الصبر والإخلاص في العمل هما مفتاحان لأي صعوبة، لأننا نصل أحيانًا إلى مفترق الطريق عندما نستنفذ كل الطرق والاستراتيجيات والأساليب التي من شأنها تسهم في تنمية مهارات المتعلم، فإما الاستسلام أو المحاولة، وطبعًا النجاح حليف من يكرر محاولاته، فالله لا يضيع أجر عمل عامل.

في رأيك هل هم بحاجة إلى فصول خاصة بهم بعيدًا عن أقرانهم؟

بالطبع لا، هم بأمس الحاجة إلى التفاعل الاجتماعي، وبالأخص مع أقرانهم، وإلا سنخلق بذلك لهم صعوبات السلوك الاجتماعي والانفعالي، والتي بدورها ستعزز لديهم الصعوبات النمائية والأكاديمية، وتتمثل هذه الصعوبات في انخفاض مهارات التواصل اللفظي وغير اللفظي، وضعف الثقة بالنفس، وصعوبة في اكتساب الأصدقاء، وإصدار سلوكيات لا تتناسب مع الموقف الاجتماعي، إلى جانب ظهور بعض الاضطرابات الانفعالية كفرط النشاط، والتشتت، والسلوك العدواني، والاندفاعية والتهور، والتقلب في المزاج، كما يلجأ إلى الاعتماد على الآخرين في طلب المساعدة، لأنهم يفتقرون إلى مفهوم إيجابي للذات، والإحساس بالعجز.

كيف ترين دور الوالدين لمن لديهم أبناء من ذوي صعوبات التعلم؟

للوالدين دور كبير ومهم في عملية الاكتشاف المبكر عن حالة صعوبات تعلم في أفراد الأسرة والتشخيص والعلاج، فهما مطلعان على أدق التفاصيل المتعلقة بأبنائهم على جميع المستويات الشخصي والصحي والأكاديمي والسلوكي والاجتماعي، فنحن كاختصاصيي صعوبات التعلم نلجأ إليهم في المقام الأول لمعرفة الأسباب والعوامل التي أدت لوجود حالة صعوبات تعلم لديهم في الأسرة. فمهم جدًا أن تكون الأسرة واعية ومتفهمة للظروف التي يمر فيها أبنائهم من ذوي صعوبات التعلم، وضرورة معرفة كيفية التعامل معهم، إلى جانب ضرورة التواصل مع ذوي الاختصاص لمعرفة نقاط القوة ونقاط الضعف لديهم، من أجل وضع خطة تربوية تتناسب وقدراتهم وميولهم، وإعداد برامج تعليمية خاصة بهم بهدف تحسين وتنمية مهاراتهم.

وفي المجتمع البحريني نرى شريحة كبيرة من الآباء من لديهم فرد في الأسرة من ذوي صعوبات التعلم يبدون الكثير من الاهتمام، ويتحلون بالصبر في سبيل تنمية مهاراتهم وتقدير ذواتهم لما ينعكس على حياة أبنائهم.

 

حوار: إيمان محمد الماجد

طالبة إعلام بجامعة البحرين