+A
A-

“ العثور على ناقة النبي صالح” جديد الباحث العبيدلي

صدر للباحث الاكاديمي احمد العبيدلي كتاب قيم بعنوان “العثور على ناقة النبي صالح” يعنى أساسا بمسألتين: الأولى: ترجيح القول بتحديد موقع لأحداث نبوة صالح وقومه ثمود، والثانية، وهو يرتبط بالأول حول تحديد أصل الأنباط، وهم عرب تعاصرت دولتهم مع الحضارة الهلينيستية (حضارة الفترة التي تلت وفاة الإسكندر الأكبر عام 323 ق م وحتى عقود من القرن الأول الميلادي) واستمرت قائمة لما يقرب من خمسة قرون انتهت بضمها للدولة الرومانية عام 106 ب م. وهناك تصور شائع عن مكان تلك الأحداث، على أنه مدائن صالح، ولكنه تصور خاطئ. وجرت محاولات قديما استمرت لعصرنا الراهن لإعادة سرد الرواية، على أن الكثير من تلك الجهود جانبها الصواب إذ اقتصر اعتمادها على أدلة تقليدية، على أهميتها، وما استفادت من طرائق بحث جديدة أو استعانت بنتائج الكشوف الآثارية، والدراسات المعاصرة.

وقد قسم العبيدلي كتابه إلى ستة فصول، تناول في الفصل الأول استنادا للمصادر والمراجع والدراسات المعاصرة، والتي اشتملت على المصادر غير العربية، والعربية، والآثار والنقوش، والجغرافيا، ودراسات الرحالة. ثم انتقل في الفصل الثاني لقوم (ثمود)، ورحلاتهم إلى الشمال، متعمقا في جغرافيتهم، ونمط سكنهم، وتاريخهم، إلى جانب الأمور الايكولوجية المتعلقة بمكانهم.

أما الفصل الثالث، فخصه العبيدلي لمنطقة (المهرة)، المكان والقبيلة، لينحو بعد ذلك نحو  الإبل في الجزيرة العربية ، بدءًا من مرحلة تدجينها، وصولاً لموقع خلق الناقة، كما يستنتج. وفي الفصل الخامس، يتناول  النبي صالح والناقة والعصاة والعقاب ، حيث يدرس في هذا الفصل زمنية القصة، ورجال النبي، والعقوبات، والناجين. وينتهي في الفصل السادس، بمقاربة نقدية بين  ثمود والأنباط .

الحيوان المقدس

وقد لاحظ العبيدلي أثناء إقامته بين قبائل (المهرة) و(ظفار) في سبعينيات القرن الماضى وجود (إبل) مقدسة تجوب الصحاري الواسعة والقاسية، موفرة الحليب للضال والمنقط، وكان ذلك مدعاة للبحث عن تفاصيل جديدة في قصة النبي صالح والناقة التي أراد لها النبي التقديس للبقاء والدوام، واختارت لها (ثمود) العقر والقتل. ففي تلك المناطق تشيع أقوال تفيد بأن سكان (المهرة الكبرى)، الممتدة بين (حضرموت) و(عمان)، هم من تبقى قوم (عاد الثانية)، وبين أوساطهم جرت قصة النبي صالح.

لفت ذلك القول انتباه العبيدلي، الذي برزت له مجموعة من المسائل المتعلقة بطبيعة الحياة والبقاء في تلك المناطق، كالحاجة الشديدة لوجود مصدر للحياة لسد حاجة العابر لتلك الفيافي والقفار، حيث لا ماء ولا نبات لمسافات مديدة. إلى جانب أن خير وسيلة لإيجاد ما يبقي على الحياة هو في إيجاد إبل سيارة توفر الحليب، وهو عنصر غذائي يسد العطش والجوع. بالإضافة إلى أنه لا بد، لكي تستمر هذه الإبل في العيش، من أن تتخذ رمزية دينية، وهكذا كانت الأبل محرمة، يحق للمحتاج الانتفاع بلبنها دون لحمها، فإن أخل بهذا الشرط، عوقب، أو تعرض للفضية. لهذا يبين العبيدلي أن معرفة الإبل المحرم ذبحها، يعد بمثابة العثور على أصل مستمر إلى يومنا هذا لناقة صالح المقدسة، والتي أدى قتلها لمعاقبة ثمود. عموما الكتاب قيم ويحتاج إلى دراسة متعمقة والتبحر في فصوله، والمعروف أن أحمد العبيدلي هو باحث أكاديمي، ومدرس، حاصل على الدكتوراه من جامعة كمبردج البريطانية في الدراسات الشرقية وبواكير التاريخ الإسلامي للجزيرة العربية متخصصاً بتاريخ عُمان، له عدة مؤلفات ودراسات وترجمات باللغة العربية والإنجليزية، تنقل بمواقع بحثية متعددة بين لبنان وبريطانيا والبحرين. وهو عضو بمؤسسات وجمعيات مهنية تعنى بالدراسات التاريخية.