+A
A-

البحرين و“الملاذات الضريبية” مع أو من دون.. أيهما أفضل؟ - تقرير -

أيهما أفضل للبحرين، أن تكون ملاذا ضريبيا تستقطب رؤوس الأموال والشركات والأثرياء الأجانب الراغبين في الهروب من الرسوم التي يدفعونها إلى بلدانهم وبالتالي حركة اقتصادية ونمو وفرص عمل، أم التماشي مع متطلبات المؤسسات المالية العالمية وقطع الطريق على “المتهربين ضريبيا” وضياع فرص تدفق المزيد من الأموال؟

الملاذ الضريبي والذي يسمى أيضا “جنة ضرائبية” هو منطقة لا تفرض أي ضرائب أو بنسب محدودة جدا، أو هي دول تتمتع أنظمتها المصرفية بقوانين صارمة تحافظ على سرية حسابات عملائها الأجانب، فيصعب متابعة أموالهم وبالتالي يساعدهم ذلك على التهرب من دفع الضرائب في بلادهم الأصلية.

وينقسم المنظرون بالاقتصاد تجاه هذه الملاذات إلى فريقين، الأول يعتبرها مضرة بالبلد وباقتصادها خصوصا أنه غير مرغوب فيها من قبل المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية كالبنك والصندوق الدوليين والجهات المالية الرسمية بالاتحاد الأوروبي، وكذلك الأمر بالنسبة لوكالات التصنيف العالمية، وهو يدعو – عادة – إلى التماشي مع آراء هذه المؤسسات ويصورونها بأنها “بعبع” يجب الحذر منه و”مهادنته” خصوصا أنه يعتمد عليها بالتصنيفات والسمعة المالية لكل بلد.

في حين يرى الفريق الثاني أن على الدول عدم الالتفات لهذه المؤسسات خصوصا البلدان التي لم تقترض منها، والتي تفكر بتنمية اقتصادها وجذب الاستثمارات وتوفير فرص العمل لأبنائها.

وعادة ما يذكّر الفريق الثاني أن هذه المؤسسات الدولية غير أمينة على اقتصادات البلدان، فهو يعتبرها دوائر تتبع الدول العظمى (خصوصا البنك والصندوق الدوليين) ووجدت أصلا لمحاصرة الدول النامية والصغيرة وإعادة استعمارها اقتصاديا، وأن أيديها ملوثة في كثير من العثرات الاقتصادية والإغراق بالديون التي أصابت الكثير من الدول حول العالم، ودول أفريقيا خير مثال على ذلك.

دول الخليج العربي لم تحتج يوما لهذه المؤسسات، فهي دول غنية بالثروات الطبيعية وعلى رأسها النفط، وإذا ما استثنيا آخر 3 أعوام، فلم نسمع يوما بعجز مالي في موازناتها، وبالتالي هي ليست بحاجة لهذه المؤسسات وغير معنية بتصنيف الوكالات كونها الطرف الأقوى.

إذا ما أهمية أن تخرج البحرين من قائمة الملاذات الضريبية؟ وما أهمية أن تخرج الشركات وأموال الأثرياء الأجانب من المملكة، أو توقف تدفقها؟

الفريق الأول يقول بأن البحرين لا يمكن لها العيش بمعزل عن النظام الاقتصادي العالمي، وبالتالي هي بحاجة ملحة لإشادة المؤسسات الدولية وإعطائها تصنيفات جيدة، فيعود يتساءل الفريق الثاني: ماذا سنستفيد من التصنيفات والإشادات عند ارتفاع معدل البطالة وتوقف تدفق الاستثمارات؟

“رأس المال جبان، ورجال الأعمال والشركات تبحث عن الربح، والربح فقط”، هذه تعابير لا يختلف عليها اثنان، ولا يختلف عليها الفريقان الأول والثاني.

رفع الاتحاد الأوروبي البحرين وجزر مارشال وسانت لوسيا من قائمة الملاذات الضريبية في 13 مارس الماضي، وهو قرار خفّض عدد الملاذات المدرجة بقائمة وضعها وزراء مالية الاتحاد الأوروبي إلى 6. وكان الاتحاد الأوروبي شطب ثمانية من تلك الملاذات في يناير الماضي، من إجمالي 17 ملاذا تضمنتها القائمة في البداية والتي جرى إعدادها في شهر ديسمبر.

والملاذات الستة المتبقية في القائمة التي أطلق عليها اسم “القائمة السوداء” هي ساموا الأميركية وجوام وناميبيا وبالاو وساموا إلى جانب ترينيداد وتوباجو.

لكن القائمة الأوروبية الأولى لم تشمل دولا تعتبر ملاذات ضريبية بامتياز، ولا نعلم هل الأسماء سقطت سهوا، أم أن ذلك يؤكد “نظرية المؤامرة”؟.

من أشهر الملاذات الضريبية وفقا لموقع “وورلد أطلس” سويسرا وهولندا والولايات المتحدة وأيرلندا ولوكسمبورغ وأراض تابعة للمملكة المتحدة خارج أوروبا وبورتوريكو.

وقال الاتحاد الأوروبي إن شطب البحرين وجزر مارشال وسانت لوسيا يأتي بعدما قدمت “تعهدات محددة” بتوفيق ممارساتها وقواعدها التنظيمية الضريبية مع معايير الاتحاد الأوروبي، وهذه التعهدات ليست معلنة.

لكن على ما يبدو فإن برنامج الرسوم والضرائب الذي أعلنت عنه البحرين إحداها.

في تعليقها على القرار، قالت وزارة المالية البحرينية إن القرار يمثل شهادة من المجتمع الدولي بجدية وسلامة إجراءات الإشراف والرقابة المصرفية المتبعة في المملكة وتماشي القطاع المالي والمصرفي مع أفضل الممارسات الدولية المعتمدة في هذا المجال.

كما أكدت أن القرار يأتي تتويجاً لإجراءات وتدابير عديدة اتخذتها البحرين وتصب كلها في اتجاه إعمال مبادئ الإفصاح والشفافية حيال الموضوعات ذات الصلة بالشأن الضريبي والقطاع المالي والمصرفي عموما، حيث يأتي في مقدمة هذه الخطوات انضمام المملكة إلى المنتدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات في المسائل الضريبية، وانضمامها كذلك إلى برنامج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الخاص بمكافحة عمليات التهرب الضريبي.

هذا إلى جانب توقيع المملكة في منتصف العام الماضي على اتفاقية المساعدة الإدارية المتبادلة في المسائل الضريبية - والتي تعد بمثابة الإطار القانوني لتبادل المعلومات في المسائل الضريبية - والاتفاقية متعددة الأطراف بين السلطات المختصة بشأن التبادل التلقائي لمعلومات الحسابات المالية، مع بدء إجراءات التصديق على الاتفاقيتين طبقاً لأحكام الدستور، إضافة إلى شبكة واسعة من اتفاقيات تبادل المعلومات الضريبية التي وقعتها البحرين مع أكثر من 50 دولة.

لكن هل البحرين أيضا، تحتاج أن تكون جزءا من هذه الاتفاقيات خصوصا إذا علمنا بأنه لا يوجد (أو أقلها نسبة لا تذكر) بحرينيون وشركات محلية تعمل بالخارج للهروب من دفع ضرائب للوطن؟

وذكر تقرير لمؤسسة “شبكة عدالة الضرائب” أن الإيرادات الضريبية المفقودة في أنحاء العالم تتراوح بين 190 و255 مليار دولار سنويا، وهو ما يساوي نحو 3 % من مكاسب رؤوس الأموال.

وأشارت الشبكة أيضا إلى أن ما يتراوح بين 21 و32 تريليون دولار مخبأة في ملاذات ضريبية في أنحاء متفرقة من العالم.

وتشكل الملاذات الضريبية 15 % من دول العالم وأغلبها بلدان غنية وصغيرة الحجم.