+A
A-

خيال أم واقع؟!

هنا لا يجب أن تكتفي بعين واحدة    

سانتياغو برنابيو تحفة معمارية تبدو وكأنها قد شيدت بالأمس

كامب نو.. الداخل له مفقود والخارج منه مولود

اسم ميسي يكسر عزيمة الخصم قبل البداية

دوافع كريستيانو المتجددة صنعت منه آلة بشرية مرعبة

تطور التصوير والإخراج يزيد من السرعة الطبيعية لمباريات كرة القدم 3 مرات

 

 

شتان بين الخيال والواقع، يفصلهما خيط رفيع، وحتى “يقتل” أحدهما الآخر لا تستدعي المهمة سوى ضربة واحدة، فتكتب نقطة نهاية الخيال بأرض الواقع، ويشطب الخيال بعنفوانه أية صلة قريبة كانت أم بعيدة ترتبط بالواقع.

ريال مدريد وبرشلونة قصتان فريدتان في عالم كرة القدم، وبمجرد الاقتراب من جدران “سانتياغو برنابيو” و “كامب نو”، يمتزج الخيال بالواقع ويحتضنان بعضهما البعض بمشاعر استثنائية لا نظير لها.

للوهلة الأولى، وقبل الدخول في واحدة من عشرات البوابات المؤدية للمدرجات، ثمة سؤال يُرسم بعلامة تعجب مصحوب بابتسامة شغف: خيال أم واقع؟!

مشاعر لا تقبل الفصل، عقارب الزمن تتأرجح بين الماضي والحاضر، حيرة كبرى، العين تُريد وكاميرا الهاتف الذكي تُلح.. الأولوية تميل نحو تدوين لحظات ستظل مطبوعة في ملف الذكريات!

هنا الكامب نو..

مناسبة كبرى، بضيف ثقيل والهدف هو التأهل لربع نهائي دوري أبطال أوروبا.

97 ألفا و183 متفرجا اكتظت بهم المدرجات، (99 ألفا و354 هي السعة الرسمية للملعب)!

دقيقتان فقط هي مدة صمود تشيلسي في تلك الأمسية! شيء من لمحات ميسي “الروتينية” جلبت انتصارا صريحًا.. الأرجنتيني الفذ ترك عبقريته لمناسبة أكبر!

جمهور برشلونة يرفض موسيقى دوري الأبطال، يرفض ملامسة ميسي، ويطالب بالحرية والاستقلال.. لا أحد يمكنه النقاش!

كامب نو؟! الكلمات تعجز عن وصف مشهد مذهل بالغ التركيب!

“ساحة حرب” الداخل لها مفقود والخارج منها مولود.. معافرة تشيلسي لا جدوى منها.

الأمسية انتهت بانتصار صريح لكن المشهد بقي وسيستمر عالقًا في الذهن، بكل تفاصيله الدقيقة..

أحد الأنصار على أعتاب العقد الثامن من العمر، يتمعن وكأنها المباراة الأولى والأخيرة، اختار الاستعانة بصوت المعلق من مذياعه، وكأنه يقدم إشارة واضحة: هنا لا يجب أن تكتفي بعين واحدة!

ميسي.. آكل عقول البشر

على صعيد التشريح الفني لإمكانات ميسي، تظل مسألة سرعة استجابة الجسم لإشارات العقل مكمن قوته الحقيقية، هذا يمكن رؤيته بوضوح..

أما ما تم استنتاجه بعد 90 دقيقة “على الطبيعة” فهو أن اسم ميسي من شأنه أن يكسر عزيمة كل من يواجهه قبل بداية أية مباراة..

الخصم يبدأ خوض المواجهة بخسارة ذهنية، وكل ما يتطلبه الأمر بعد ذلك مجرد “لدغات” صغيرة قبل “القتل”!

 

البناء من الخلف.. سر كبير

في كرة القدم الحديثة، يمكن اعتبار إجادة التمرير المتقن في كل مواقف اللعب، أحد الأسلحة التي تميز الكبار.. برشلونة فالفيردي واقعي لأبعد الحدود، رغم ذلك إرث الراحل يوهان كرويف ودماء بيب غوارديولا ما زالت تسري في عروقه.

برودة الدم في عملية البناء ودقة التدرج التي يتمتع بها برشلونة، لا مثيل لها من بين كل فرق العالم ومنتخباتها..!

سانتياغو برنابيو.. جولة مرصعة بالذهب

25 يورو (نحو 12 دينارا بحرينيا) هو ثمن تذكرة التجول داخل معقل سانتياغو برنابيو.. مبلغ لن تتذكره لاحقًا!

البداية من المدرجات ثم إلى المتحف بزواياه المرصعة بمختلف الكؤوس والكرات الذهبية، وبالشاشات التفاعلية (لاستعادة اللحظات التاريخية)، ثم بالصور الافتراضية مع أحد نجوم الفريق (بواسطة أحدث أجهزة الغرافيك والتصوير والطباعة)، فالنزول لغرف ملابس اللاعبين، وممر الدخول للملعب قبل الاقتراب بأمتار قليلة من عشب الملعب المخملي، وصولًا للجلوس على نفس دكة البدلاء، التي يجلس عليها مرغمًا بيل وايسكو ومودريتش واسينسيو وفازكيز..!

أما الخطوة الأخيرة فهي في متجر النادي: هنا على الأرجح، ستنفق أضعافًا كثيرة لسعر تذكرة الجولة!

آلاف الجماهير من كل مكان، انتظار، ترقب، لهفة، نظرة فابتسامة بحب وأمل وحلم بالعودة من جديد..!

سانتياغو برنابيو تحفة معمارية تبدو وكأنها قد شيدت بالأمس!

ريال مدريد - جيرونا

في مساء اليوم التالي، وبحضور نحو 59 ألف متفرج (السعة الرسمية تبلغ 81 ألفا) بدا الأمر مغايرًا عن جولة الصباح وحتما عن الشاشة الفضية؛ الجميع لا يتذكر أن الفريق يلعب من دون حافز حقيقي في مسابقة الدوري!

ريال مدريد هو الحدث والمناسبة والزمان والمكان والهدف..

ساعتان قبل بدء المباراة في الساحات الخارجية لسانتياغو برنابيو لا تكفي، الأمر أشبه بكرنفال سنوي!

الأبواب فُتحت قبل نحو ساعة، ولا سبيل للاختيار مجددًا، الاستمتاع باللحظة أم تسجيلها؟!

سوبر كريستيانو

ثمة أمور لا تقبل الإطناب ولا يجوز الصمت فيها! كريستيانو خارق للعادة، دوافعه المتجددة صنعت منه آلة بشرية مرعبة.. كلما بدأت إشارات النهاية، فُتحت صفحة أخرى، صفحة جديدة ناصعة البياض!

قوة كريستيانو رونالدو تتلخص في إجادته “كل” فنون الهجوم، في “كل” مكان، بـ “كل” السبل.. هذا يمكن ملاحظته ببساطة عند المشاهدة الحية.

بنزيما؟ حتى “منبوذ الجماهير”، واحدة من كلمات سر استمراره مع ريال مدريد هي الكيفية التي يجيد بها اللعب مع كريستيانو.. هما “مربوطان مرتبطان” بالجسد والعقل والكيمياء، بكل ما للكلمات من معنى!

ريال مدريد تفنن مع كريستيانو أمام جيرونا “الممتع” في أمسية كرة قدم رفيعة شاء الحلم أن تكون!

ليغانيس.. عندما يفرح “الصغار”

ليغانيس مدينة في مدريد تبعد عن وسط العاصمة نحو 20 كليومترا (30 دقيقة بالسيارة).

قبلها، كان قرارًا مترددًا وغريبًا، أما بعدها فالحضور استحق العناء.

أجواء مشمسة في ملعب صغير امتلأ بنحو 11 ألف متفرج.. الكل كان يشم رائحة النقاط الثلاث رغم صعوبة المهمة.

أشبيليه، القادم بشعور الفخر من أولد ترافورد، انحنى أمام الأرض والجمهور، ليرتدي المشهد ثوب الفرح.. كرة القدم ليست حكرًا على الكبار دائمًا.

كرة القدم.. الواقع مختلف

يتفق الخبراء وعلى نطاق واسع بأن كرة القدم المعاصرة باتت أكثر سرعة وقوة، بالنظر لتطور العلوم المرتبطة بالتدريب.. المساحات هي الفيصل، والفارق بين أي طرفين (متكافئين) في الإمكانات الفردية والجماعية يتمحور في سرعة اختيار القرار الصائب واتخاذه في التوقيت المناسب.

المشاهدة بوضوح من الملعب تستدعي تأكيد أن وصف السرعة الذي يطلق على كرة القدم الحالية لا يتعلق بسرعة الحركة الفيزيائية بالدرجة الأولى.. تطور التصوير والإخراج التلفزيوني يزيد من السرعة الطبيعية لمباريات كرة القدم بنحو 3 مرات!

سانتياغو برنابيو أم كامب نو؟!

كلاهما أكثر روعة من الآخر..! والقصة أكبر بمراحل.

خيال في أرض الواقع، وواقع في سماء الخيال!