+A
A-

تهريب عقاقير تُسبب العقم والوفاة وبيعها عبر “الإنستغرام” ولا رقابة

خفقان في القلب، وآلام معدة، وحالة طوارئ في أحد المراكز الصحية، خلَّف وراءه قصة بيع مدرب رياضي حقن إمبولات هرمون النمو لتضخم العضلات وأقراص تخسيس لأحد المتمرنين لديه بأحد الصالات الرياضية في المحافظة الجنوبية، حلمٌ تغير من فقد وزن وبطل كمال أجسام إلى فقد الصحة عبر دخوله متاهة أروقة المستشفيات لمواعيد دورية كل أسبوع للعلاج الطبيعي إثر شلل نصفي قبل مشاركته في إحدى بطولات كمال الأجسام، جاء التوصيل المجاني الدوري لحقن الأبر وحبوب التخسيس لمنزله طريق منزلق لدخوله المستشفى بشكل أسرع من سيارة الإسعاف، والذي وقعت في رأس أحد المتمرنين سببه تجارة مدرب رياضي في”الجيم” عبر”الإنستقرام” لأدوية تخسيس غير معتمدة في البحرين، و”إنبولات” هرمون النمو لتضخم العضلات.

ما أردت قوله بأن تجارة الأدوية التي تباع في السوق السوداء أصبحت محل ربح لأصحاب حسابات برامج التواصل الاجتماعي دون وجود رقابة عليها، حيث يقدم أصحابها مجموعة من الأدوية، منها حبوب التخسيس وإبر هرمونات النمو وفق ما رصدته صحيفة “البلاد”، والتي تعد كاستغلال للآخرين، إذ تسبب مواد الأدوية غير المرخصة وغير المعتمدة الضرر على صحة وسلامة المجتمع، والتي تتم عبر التهريب القانوني من المنافذ لمملكة البحرين؛ بهدف الاستعمال الشخصي قانونيًا.

اتبعت وزارة الصحة والهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية آلية قيامها بمكافحة تهريب الأدوية؛ لضمان خلو السوق من الأدوية المغشوشة, وبذلك تتخد التدابير والإجراءات اللازمة ضدهم، إلا أن غالبية أصحاب وسائل التواصل الاجتماعية مازالت تلعب دورها في الترويج عن بضاعتها غير المرخصة، حيث انتشرت الحسابات وكثر فيها العرض والطلب.

وتكمن في مرسوم بقانون رقم (18) لسنة 1997 في شأن تنظيم مهنة الصيدلة والمراكز الصيدلية وفق قانون مملكة البحرين ببند استيراد الأدوية والمستحضرات الصيدلية وتصديرها في المادة رقم (57) بأن لا يجوز استيراد الأدوية والمستحضرات الصيدلية، ولو كانت عينات طبية مجانية إلا بواسطة المراكز الصيدلية بشرط الحصول على ترخيص بذلك من الوزارة، فيما ذكر بالمادة رقم (58) بأن يحظر بغير ترخيص من الوزير استيراد الأدوية والمستحضرات الصيدلية للاستعمال الشخصي سواء على شكل طرود أو غيره، إلا بالشروط محددة، وهي أن توجد لدى طالب الأدوية والمستحضرات الصيدلية تقارير طبية تؤكد حاجته لاستعمالها، وأن تكون الكميات المطلوب استيرادها للفترة الزمنية المحددة في الوصفة الطبية أن تكون العبوات محكمة الإغلاق، وأن تكتب على البطاقة الخارجية البيانات الدوائية المطلوبة.

رغم وجود أداة رادعة قانونيًا، إلا أن القانون البحريني ذكر ترويح الأدوية بالمادة بأن لا يجوز لأي شخص أن يزاول مهنة الترويج للأدوية في الدولة إلا إذا كان حاصلا على ترخيص بذلك من الوزارة بعد سداد الرسم المقرر. ويشترط فيمن يرخص له بمزاولة هذه المهنة أن يكون حاصلا على مؤهل جامعي أو دبلوم من كلية أو معهد معترف به في أحد تخصصات العلوم الصيدلية.

وفي المقابل تنشط سوق الباعة في الآونة الأخيرة رغم أن العقوبة فصّلت بأن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل 300 دينار لمن حاز أو عرض بقصد البيع أدوية أو مستحضرات صيدلية غير مسجلة بدفاتر وسجلات الوزارة، وباع أدوية أو مستحضرات صيدلية.

وسهولة بيع التجار على وسائل التواصل الاجتماعي، طالب عدد من الاختصاصيين الصحيين على ضرورة تشديد العقوبة في بيع الأدوية المغشوشة، وزيادة توعية الأفراد حول بيع الأدوية وبيان مخاطرها على المرء، فيما أشار آخرون إلى أن الأدوية التي تباع بالحسابات تكون أقل ثمنا المباعة في الصيدليات.

وعلى هذا النحو أجرينا تحقيقاً حول هذا الموضوع، وطالب اختصاصي التغذية ياسر منصور بضرورة محاسبة بيع الأدوية، والذي تتمثل بوجود عدد من المروجين في الخارج، والذين يقومون بتهريب الأدوية إلى داخل مملكة البحرين؛ بغرض الاستخدام الشخصي، وليس المتاجرة، وبذلك يقع الآخرون ضحية الاستخدام.

وأشار إلى أن هناك آثارا جانبية أدت إلى مضاعفة تردد الأشخاص من مستخدمي الحبوب وغيرها على الأطباء.

فيما، أشار المتمرن الرياضي أحمد عبدالله بأنه مع بيع الأدوية وحقن الهرمونات؛ لغلاء وجودها في الصيدليات، والتي يمكن شراؤها عبر حسابات “الإنستقرام” بـ 25 دينارا للحقنة الواحدة، فيما تباع في الصيدليات بتكلفة لا تقل عن 100 دينار.

وأوضح بأنه لذلك يتم تداول بيع الأدوية والإنبولات عبر طريقة غير مصرحة، والتي يمكن أن تمرر عبر المنافذ للاستخدام الشخصي، فيما بعض الأدوية تحال إلى الفحص المختبري؛ لضمان عدم وجود أي مادة مخدرة فيها.

ومن جانبه، ذكر المدرب الرياضي أحمد آل نوح أن هرمونات النمو ليست محظورة وتمرر من خلال المنافذ، ولكن هناك سوء استخدام للبعض، والتي تؤثر بشكل سلبي على صحة الفرد، والتي تسبب أحياناً شللاً للبعض من خلال التضخم الزائد في العضلات، إذ تباع خارج مملكة البحرين بنحو12 دينارا لحقنة الإنبولة الواحدة، فيما تباع وتروج في البحرين لنحو 25 دينارا، وذلك يتماشى مع حبوب التخسيس أيضا.

وقال: “الأدوية مثل هرمونات النمو تباع لمحبي كمال الأجسام وتضخم العضلات، والتي تكون عبارة عن إنبولات يتم حقنها في الجسم، حيث غزت تلك الأدوية صالات التدريب، ويتم بيعها دون مبالاة من وجود أداة قانونية رادعة، وذلك عبر عرض المدرب في الصالة الرياضية على المتمرنين بحسب حاجتهم إلى إنقاص وزن أو نمو عضلات”.

وأردف بأنها تباع في الصيدليات، ولكن يوجد الكثير من المروجين لها من خلال استيرادها من الخارج لعدم وجود يمنع استيرادها وتمرر بشكل قانوني دون ردع لها.

وأرى أن المهربين من تايلند وألمانيا، إنبولة وحبوب، مثلا في الخارج يتم شراؤها بـ 12 دينارا وفي البحرين بـ 25 دينارا، وبروفورون بـ 500  فلس، و5 دنانير في الخارج.

ولفت إلى أن البعض يروج لبعض حبوب التخسيس غير المعتمدة والممنوع صرفها، والتي تؤدي إلى مضاعفات مما ينتج عنها العجز الجنسي، وسقوط الشعر.

بدوره، أشار المواطن عبدالله الشاووش إلى أنه يجب اتباع الرقابة المشددة على الأدوية التي تباع في شبكات التواصل الاجتماعي خصوصاً تلك الأدوية التي تحاكي شريحة كبيرة من المجتمع والمتعلقة بالتخسيس أو بناء العضلات، حيث يندفعون إلى شرائها دون وعي وإلمام بمدى صلاحية ومناسبتها للجسم أو حتى مدى خطورتها على الجسم، ناهيك عن التأثيرات الجانبية التي تصاحب هذه الأدوية على المدى البعيد، كما أنها قد تدفع هذه الشريحة إلى الكسل ومحاولة الوصول إلى الجسم المثالي دون أدنى جهد وبطريقة خاطئة.

وأردف: أن المصيبة الكبرى أن هذه الحسابات تقتحم حسابات المشاهير وتعرض إعلاناتها على صفحاتهم، ومعظم هذه الأدوية تكون غير مرخصة وتعتمد على إغراءات وخدع لكسب الضحايا، وكم سمعنا وشاهدنا حالات كثيرة وصلت الى درجة الوفاة بسببها، وعليه من المفروض أن يكون هناك دور أكبر من الجهات المعنية في التوعية بشأن هذه الأدوية.

ووجه بأن يمارس الإنسان الرياضة، وأن يلجأ إلى الأطعمة الغذائية الطبيعية من فواكه وخضار وبروتينات من اللحوم والبيض وغيرها، وذلك حتى يتم القضاء على انتشار هذه الأدوية المشبوهة، ولعل أهم خطوة يجب اتباعها هي وضع ختم جودة معتمد على المنتج يقابله تصريح رسمي وموثوق من وزارة الصحة.

وقالت إحدى المواطنات التي رفضت الإفصاح عن اسمها، بأنها قامت بشراء حبوب التخسيس من أحد الحسابات، والتي أفقدتها في أول أسبوعين بعض الوزن، فيما أصيبت بآثار جانبية أبرزها آلام في المعدة وبصورة مستمرة، والذي بسببه توقفت عن تناول أقراص حبوب التخسيس.

ويظهر جليا هناك أيدٍ خفية تعمل على تهريب قانوني للأدوية المغشوشة وبكميات كبيرة تحت نظر إدارة المنافذ البرية والجوية، وأن هناك سوقا سوداء فعلية تدار من جانب عصابات تملأ جيوبها على حساب صحة الناس من خلال استغلالهم.

ومن هنا تبرز الحاجة الملحة إلى تشديد إجراءات الرقابة على عمليات تمرير الأدوية، ومضاعفة عقوبة التهريب، وإسراع البرلمان في تمرير التعديل التشريعي المحال لهم من جانب الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية في هذا الشأن.