+A
A-

البنوك المركزية ترسم ملامح تعافي الاقتصاد العالمي

لم يكن أسبوعاً عادياً بل “وجبة كاملة الدسم” شهدتها الأسواق العالمية على مدار أيام الأسبوع الماضي، مكوناتها قرارت السياسة النقدية في عدة مناطق حول العالم.

وما بين قرارات برفع سعر الفائدة وأخرى تتعلق بتثبيت معدل الفائدة وثالثة تعدل نظرتها المستقبلية، اجتمع 12 بنكاً مركزياً حول العالم خلال الأسبوع الماضي.

ومع تواصل التعافي في دول العالم بعد مرور قرابة الـ10 سنوات على الأزمة المالية العالمية، بدأت البنوك المركزية تبتعد عن سياستها النقدية التيسيرية، بل وتلجأ إلى رفع سعر الفائدة بعد أعوام من اتباع أسعار الفائدة المنخفضة، بل والسالبة في بعض البلدان.

وقاد بنك الاحتياطي الفيدرالي حراك معدل الفائدة خلال الأسبوع، ليبدأ بخطوة متوافقة مع التوقعات برفع سعر الفائدة، رغم الإبقاء على تقديرات معدل التضخم الأساسي للعام المقبل ثابتة عند مستوى 1.9 %، وهو ما جاء أقل من مستهدف المركزي الأميركي البالغ 2 %.

وفي انتعاشة جديدة، أنهت جميع مؤشرات بورصة “وول ستريت” تعاملات الأسبوع الماضي بأعلى مستوى على الإطلاق، ليربح مؤشر “داو جونز” أكثر من 1.3 %، كما حقق “ستاندرد آند بورز” مكاسب قيمتها 0.9 %، بينما تمكن مؤشر “ناسداك” من تسجيل مكاسب بنحو 1.4 % في أسبوع بعد خسائر دامت لمدة أسبوعين.

ويتزامن رفع معدل الفائدة مع تسارع معدلات التضخم، حيث قرر البنك المركزي في تركيا زيادة سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بعد أن سجل التضخم أعلى مستوى منذ عام 2003 لكن بأقل من توقعات المحللين بمقدار النصف.

وعلى الجانب الآخر، وللمرة السادسة منذ بداية العام الجاري قرر البنك المركزي في روسيا خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بأكثر من التوقعات البالغة 0.25 % مع احتمالية تخفيضات أخرى في النصف الأول من 2018، وهو ما عزاه إلى تراجع معدل التضخم إلى 2.5 % في مقابل المستهدف بـ4 %.

لكن في خطوة غير متوقعة، قرر بنك الشعب الصيني رفع سعر الفائدة على قروض وتسهيلات الإقراض والتي تعرف باتفاقيات إعادة الشراء العكسي أو معدلات الريبو للمرة الثالثة منذ بداية العام، مرجعاً هذا القرار إلى أنه رد فعل طبيعي للسوق.

وبعد قرار تاريخي اتخذه مسؤولو السياسة النقدية في المملكة المتحدة باجتماعهم في نوفمبر الماضي برفع سعر الفائدة للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية بمقدار 0.25 % بسبب التضخم أيضاً، قرر في اجتماعه الأخير الإبقاء على معدلات الفائدة الأساسية وكذلك حجم مشتريات السندات الحكومية.

وفي سويسرا، ووسط تحذيرات بشأن قيمة الفرنك “المبالغ فيها” فإن البنك المركزي السويسري أقر الإبقاء على سعر الفائدة عند نطاقها الأقل على مستوى العالم.

وخلال هذا الأسبوع، استفادت المعادن من قرارات السياسة النقدية حيث حقق معدن الذهب مكاسب أسبوعية بنحو 0.7 % بنحو ليسجل 1257.5 دولار للأوقية.

وفي خطوة نحو التخلص من عصر التيسير الكمي، أبقى البنك المركزي الأوروبي على سعر الفائدة ثابت عند معدلاتها الصفرية الحالية، كما أكد قراره بشأن تقليص وتيرة شراء السندات بمقدار النصف إلى 30 مليار يورو بداية من يناير حتى نهاية سبتمبر 2018 أو تمديده إلى ما بعد ذلك وفقاً للضرورة.

بينما في الوقت نفسه، أكد المركزي التركي أنه سيواصل استخدام جميع الأدوات المتاحة وإتباع السياسة النقدية المتشددة حتى تظهر توقعات التضخم تحسناً كبيراً بما يتوافق مع أهداف البنك.

وأظهرت بيانات السياسة النقدية للبنوك المركزية المختلفة نغمة واحدة بشأن توقعات النمو ألا وهي تقديرات أعلى من السابق بشكل يؤكد مرحلة التعافي التي نشهدها في الوقت الراهن، حيث رفع الفيدرالي الأميركي تقديراته لمعدل النمو الاقتصادي في عام 2018 عند 2.5 % مقابل تقديرات سابقة بلغت 2.1 %.

كما توقع المركزي الأوروبي نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بنسبة 2.4 % في العام الجاري، مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 2.2 % كما رفع تقديرات النمو الاقتصادي في العامين المقبلين إلى 2.3 % و1.9 % على الترتيب.

وأبدى البنك المركزي في ألمانيا “بوندسبنك” توقعاته بشأن النمو الاقتصادي خلال العامين المقبلين إلى 2.5 و1.7 % مقابل تقديرات سابقة عند 1.7 % و1.6 %. أما على أساس عام 2017، رفع البنك المركزي في ألمانيا تقديراته للنمو إلى 2.6 % في مقابل 1.9 % تكهنات سابقة كما يتوقع أن يسجل معدل التضخم 1.7 % مقابل تقديرات سابقة بـ1.5 %. ومن المفارقة، أن قرارات السياسة النقدية سواء الإيجابي منها أو السلبي، لم تحول دون تدفق المستثمرين تجاه العملات الإلكترونية والتي شهدت مستويات بل ومكاسب قياسية خلال الأسبوع تجاوزت معها إجمالي قيمتها السوقية مستوى نصف تريليون دولار للمرة الأولى على الإطلاق لتصعد من 442.9 مليار دولار إلى 533.82 مليار دولار.