+A
A-

عبدالجبار الطيب: ضرائب أخرى قادمة والاقتراض سيستمر

أدعو لإجراءات قوية لتخفيض العجز والذي يؤدي للاقتراض

تأخــر الحكومة في إنشاء الجهاز الضريبي سيكون مردوده سلبياً

المواطن سيتأثر بشكل مباشر من أي ضرائب تفرض

 

قال أستاذ الاقتصاد والمالية العامة والتشريع الضريبي في كلية الحقوق بجامعة البحرين عبدالجبار الطيب أن “ الضريبة المضافة لن تغطي العجز في الميزانية العامة للدولة في المدى القصير والمتوسط، بالرغم من أنها ستكون مورداً إضافياً لميزانية الدولة”.

وأضاف “سيتم تغطية هذا العجز عن طريق الاقتراض، ما يعني زيادة جديدة في الدَّين العام، نحن نمر بمرحلة نطلق عليها (العجز الهيكلي)، وهو عجز مزمن نحتاج تخطيطا وإجراءات قوية لمعالجته”.

الطيب بحوار موسع أجرته معه “البلاد” عن الضريبة المضافة المقبلة بأنه “حالة تنامي الدَّين العام ووجود عجز هيكلي سيضطر الدولة لفرض ضرائب أخرى مستقبلاً سواء مباشرة على دخل الأفراد أو أرباح الشركات أو غير مباشرة، تضغط على المواطن والاقتصاد، لذلك وجب أن تكون الحلول شاملة وليست آنية”.وفيما يلي نص اللقاء:

بداية، وللتوضيح للسادة القراء، ما المقصود بالضريبة على القيمة المضافة؟

الأصل فيها أنها ضريبة تفرض على السلع والخدمات، وفي كل مرحلة من مراحل إنتاجها، ولكن التطبيق الخليجي وبصورته البسيطة سيكون بأن يدفع مبلغ 5 % من المستهلك للتاجر يحصل التاجر هذا المبلغ للدولة، وهي في ذلك في رأيي أقرب لضريبة المبيعات، وليست ضريبة قيمة مضافة.

ما التأثير المتوقع لتطبيق الضريبة المضافة على الميزانية العامة للدولة؟

لن تستطيع الضريبة المضافة أن تغطي العجز في الميزانية العامة للدولة في المدى القصير والمتوسط بالرغم من أنها ستكون مورداً إضافياً لميزانية الدولة؛ لأن العجز المتوقع في ميزانية 2018-2017 بمبلغ مليارين و600 مليون تقريبا نصيب العام 2017 مليار و300 مليون تقريبا ونصيب العام 2018 الرقم نفسه تقريبا، والذي يمثل الفجوة ما بين مصروفاتها وايراداتها، وذلك بخلاف إيرادات البلديات وأمانة العاصمة التي تكون منفصلة عن إيرادات المرافق الحكومية؛ لأن لها شخصية مستقلة.

وعليه، سيتم تغطية هذا العجز عن طريق الاقتراض وذلك ما يعني زيادة في الدين العام. نحن نمر بمرحلة نطلق عليها (العجز الهيكلي)، وهو عجز مزمن نحتاج تخطيط وإجراءات قوية لمعالجته.

كما أن تأخر الحكومة في إنشاء الجهاز الضريبي، والذي يفضل ألا يكون جزءا من وزارة المالية وتأخر صدور قانون الضريبة على القيمة المضافة يجعلنا نرى أن مملكة البحرين تنتظر التطبيق في الإمارات والسعودية لتقيم الإيجابيات والسلبيات لتلافيها عند التطبيق، وهو أمر حسن، فلا أتوقع أن تفرض في يناير 2018 كما أعلن.

إن حالة تنامي الدَّين العام ووجود عجز هيكلي سيضطر الدولة لفرض ضرائب أخرى مستقبلاً سواء مباشرة على دخل الأفراد أو أرباح الشركات أو غير مباشرة، تضغط على المواطن والاقتصاد، لذلك وجب أن تكون الحلول شاملة، وليست آنية.

أضف بأن الدَّين العام للدولة قد وصل إلى 83 % تقريبا من الناتج الاجمالي المحلي، وبذلك إشكالية كبيرة بتجاوز كل الحدود الآمنة، والتي تتحدث عنها المؤسسات المالية العالمية، وهي ألا يتجاوز الدَّين العام 60 % من الناتج الإجمالي، وإن كانت حتى نسبة 60 % محل نظر.

وماذا عن أثرها على المواطن نفسه؟

سيؤدي تطبيقها لانخفاض القدرة الشرائية للأفراد، وإلى تقليل مدخراتهم بفعل ضعف القدرة على الاستهلاك والادخار في ظل أجور ومرتبات شبه ثابتة، وهو أمر ستتأثر به المصارف والبنوك تلقائياً، وذلك لشح قدرة الأفراد على الادخار، ويترتب على ذلك انخفاض في الطلب الاستهلاكي يؤثر على قدرة التاجر على عرض السلع مما قد يؤدي لتضخم في أسعار السلع.

وعليه، فالمواطن سيتأثر بشكل مباشر من الضريبة المضافة، بل ومن أي ضريبة تفرض، ونتمنى أن تستطيع الدولة توظيف الأموال التي ستحصلها في تحسين الخدمات التي تقدم للأفراد لتكون تضحية الأفراد في مقابل خدمات أفضل وتنمية أحسن، في توجه مستقبلي باتجاه فرض ضرائب مع مجانية الخدمات.

ولذلك أقول وجب أن يكون التخطيط شاملا، فمعادلة زيادة الرسوم وفرض ضريبة قيمة مضافة مع ثابت نسبي في الأجور والمرتبات معادلة مخيفة؛ لأنها تستهلك الطاقة المالية الكلية للمجتمع.

وقد يخفف من أثر هذه الضريبة حالة إعفاء الاحتياجات الأساسية، وهو ما صرحت به وزارة المالية أن الحاجات الأساسية من السلع ستكون معفاة، كما أن الصادرات الوطنية ستكون الضريبة عليها صفرية.

وماذا عن الضريبة الصفرية؟

الضريبة الصفرية ستكون كنوع من الدعم من الدولة للتاجر المحلي، حيث إن الصناعات المحلية عندما تصدر للخارج ولكونها سلعا أو خدمات، فيجب أن تفرض عليها الضريبة المضافة، والضريبة بقيمة صفر % تعني أن التاجر سيسترد ما دفعه في مدخلات الإنتاج من الدولة، وذلك بعكس السلع المعفاة، حيث إن التاجر لن يأخذ 5 % من المستهلك، وإن كان هو صاحب الإنتاج، فليس له الحق بطلب ما دفعه من ضريبة مضافة فرضت على الدورة الإنتاجية لسلعته.

ما الوضوح الذي يحتاج المواطن معرفته فيما يخص الشأن الضريبي المقبل؟

يحتاج معرفة أمور عدة أسياسية ومهمة، أهمها هوية الجهاز الضريبي، وضوابط فرض الضريبة، وشفافية الضريبة، وعليه فإن القوانين المقبلة، والتي سترسخ لهذا الأمر، يجب أن تستوفي الأمور المرتبطة ما بين النظام الضرائبي، والمواطن.

ولقد نص الدستور البحريني، وكذلك الدساتير الفرنسية والمصرية، على أهمية وجود الضمانات الوافية والأكيدة، والتي تهم المواطن فيما يتعلق بالنظام الضرائبي، فالضريبة وفقا للمادة 15 من الدستور أساسها العدالة الاجتماعية، ويعفى منها أصحاب الدخول الصغيرة بما يكفل عدم المساس بالحد الأدنى اللازم للمعيشة.

ولقد تحدث الاقتصادي المعروف آدم سميث عن هذا الأمر بقوله: “هنالك ضوابط أساسية لفرض أي الضريبة، وهي ما يطلق عليها دستور الضريبة، وهي:

1 - مبدأ العدالة: وخلاصته أن الضريبة وجب أن تراعي مقدرة الأفراد، فتكون تصاعدية (كلما زاد الدخل زادت نسبة الاقتطاع)؛ لأن الضريبة بنسبة ثابتة لا تحقق العدالة، وإن حققت المساواة لأن تأثيرها على ذوي الدخل المحدود أكثر من الأغنياء.

2 - مبدأ اليقين: وجب أن تكون الضريبة محددة وواضحة ومعلومة للممول، بمعنى أنها لا تقبل إلا تفسيرا واحدا.

3 - مبدأ الملاءمة: وجب أن تكون طريقة التحصيل ملاءمة للممول، بمعنى مثلا أن تخصم الضريبة عند صرف الراتب أو تحقق الربح، وهكذا لكي لا يتهرب الأفراد.

4 - مبدأ الاقتصاد في نفقات الجباية: وببساطة أن يكون الجهاز الضريبي وإجراءاته قائمة على الاقتصاد في نفقاتها، بحيث نحقق حصيلة مالية كبيرة بأقل نفقات ممكنة تصرف.

برأيك، هل ستقوم الضريبة المضافة على أساس من العدالة؟

الضريبة المضافة ستكون ضريبة نسبية، بمعنى نسبة واحدة، وهي 5 %، وهذا سيكون محل طعن بعدم دستوريتها بلاشك في السنوات المقبلة بعد صدور قانونها. فمن راتبه خمسة الآلاف دينار (على سبيل المثال) ومن راتبه مئتين دينار سيدفعان ذات النسبة، وتأثير 5 % على الأول أقل وقعا مما هي عليه على الثاني.

ولكن هنالك آراء تقول (ونحن معها) بأنه لو أعفيت السلع والخدمات الأساسية، فإن محدودي الدخل لا حجة له في التذمر من هذه الضريبة لو فرضت على السلع الكمالية؛ لأنه هو ذاته من يشتري باختياره وهذا ما نسميه ضرورة ذكاء المستهلك بأن يتهرب تهربا ضريبيا مشروعا، وهو ما يسمى (التحايل على القانون الضريبي)، وهو تحايل قانوني تقره القوانين والمحاكم والفقه الضريبي بأن لا يشتري المستهلك السلعة التي فرضت عليها الضريبة (واقعة فرض الضريبة) إن وجدت بدائل، أعتقد بأن ثقافة المجتمع البحريني المالية والادخارية ستتحسن مستقبلا.

بسياق ما ذكرت، ما أهم الضوابط الأساسية لتطبيق لضريبة المضافة؟

أهمها ألا تكون مصاريف الجباية أكثر مبالغ التحصيل، خصوصاً وأن الجهاز الضريبي يفترض أن يكون به أفضل الكفاءات في مجال القانون والمحاسبة والاقتصاد، وعليه فستدفع الرواتب العالية، وهو الأمر الذي دفع الكثير من الدول للتأخير في تطبيق الضريبة المضافة، والتي تتم عملية تطبيقها بشكل فني وتقني، يتطلب توافر عناصر الرصد، والمتابعة، والتدقيق، والمحاسبة، وإعداد التقارير المالية، وبالتالي ستحتاج جهازا ضريبيا ضخما، وبعناصر كثيرة، ذات كفاءة عالية.

وماذا عن أثر الضريبة المضافة على التجار؟

سيكون لها أثر موجع على التاجر أيضاً؛ لأنه سيدفع قيم المدخلات لإنتاج سلعته إن كانت الدورة الإنتاجية للسلعة في مملكة البحرين، كما سيضطر لتقليص إنتاجه على اعتبار أنه يدفع ضريبه، وقد يضطر للتحايل غير المشروع على القانون (الغش الضريبي)، بنقل قيمة الضريبة من كاهله، لتكون على كاهل المستهلك نفسه فيما نسميه (نقل عبء الضريبة إلى الأمام)، وعليه ستمثل الضريبة المضافة إشكالاً للمواطن وللتاجر على حد سواء، لذلك يجب أن يتضمن القانون القادم عقوبات على الغش الضريبي.

هل ترى أن فرض الضريبة سيرتبط بارتفاع معدلات الجرائم والسرقات؟

من بين أهم العوامل الأساسية المسببة للجريمة هو الفقر وتدني الحالة المعيشية والمالية، والوضع المالي المتردي، وعليه ففرض الضريبة المضافة على أشخاص من محدودي ومنخفضي الدخل سيدفعهم الأمر لمحاولة توفير مداخيل مالية جديدة، ومنهم من لن يجد أمامه سوى ارتكاب الجريمة.

والضريبة على القيمة المضافة هي ضريبة اختيارية، فالمستهلك غير ملزم بشراء السلع، وعليه، فمن المتصور بأنه وحين تطبق، سيتم استثناء السلع الأساسية منها كالأرز والأجبان والأدوية وما في حكمها، وبنهاية الأمر هي تكهنات ستسحم حين يصدر القانون الخاص بالضريبة المضافة واللائحة المنظمة لها.