+A
A-

تحذير من حلول البنك والصندوق الدوليين للعجز المالي

حذر نواب واقتصاديون من استيراد حلول خارجية لمعالجة الظروف المالية التي تمر بها المملكة، خصوصا ما يتعلق بعجز الميزانية العامة للدولة.

ودعوا إلى ضرورة تبني خطط وبرامج محلية معدة بعقول وطنية، تناسب أوضاع البحرين.

واتفقوا على أن “أهل مكة أدرى بشعابها”، لاسيما أن البحرين تزخر بكوادر اقتصادية مؤهلة بالقطاعين العام والخاص، وهي قادرة على العبور بالمملكة إلى بر الأمان، والتجارب السابقة دليل دامغ على ذلك.

وركز من استطلعت آرائهم “البلاد” التحذير من الصندوق والبنك الدوليين، مشيرين إلى أن تجارب العديد من الدول التي طبقت برامج هاتين المؤسستين ماثلة وهي ليست بالبعيدة، حيث “غرقت” و”تدهورت” أوضاعها إلى الأسوأ بحسب تعبيرهم.

 

مطلوب خطة واضحة الملامح

وقال عضو اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس النواب أحمد قراطة إن “مجلس النواب طالما طالب الحكومة بوضع خطة واضحة الملامح وطويلة الأمد لعلاج العجز في الميزانية، (...) لكن للأسف لا نرى خطة حقيقية”.

وأكد أن “هناك عدة أدوات على الجهات المعنية التنبه لها وأخذها بالحسبان عند وضع الحلول والبرامج كمعدل النمو والتضخم ونسبة البطالة وغيرها”.

وتابع قراطة “للأسف هناك تخبط في إدارة الملف المالي والاقتصادي في المملكة، فالمسألة معوّمة بعض الشيء، (...) عندما نسأل وزير المالية كنواب، من المسؤول عن السياسة الاقتصادية في المملكة يجيب جميع المؤسسات!”.

وزاد “جميعنا يعلم بأن الملف الاقتصادي في المملكة بيد وزارة المالية ومجلس التنمية الاقتصادية، (...) الكل يجتهد من عنده، لكن النتيجة النهائية غياب التنسيق والتناغم”.

وقال قراطة “قدمنا كنواب أكثر من 50 مقترحا وملاحظة للدولة للحد من العجز المالي، لكننا لم نلق آذانا صاغية، أو أقلها إلى الآن”.

ورفض قراطة الأخذ بملاحظات أو اقتراحات صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، مؤكدا أن البحرين لا تحتاج إلى برامج خارجية جاهزة.

وعاد ليؤكد أن الحكومة والجهات المعنية على الأغلب لن تستمع لمقترحات هذه المؤسسات.

أهل مكة أدرى بشعابها

من جهته حذر المحلل الاقتصادي أكبر جعفري من الأخذ بمقترحات البنك أو الصندوق الدوليين خصوصا الملزمة منها، فهذه المؤسسات تراعي عادة مصالحها وقوانينها وإجراءات العمل لديها.

وتابع “قد تكون المقترحات مفيدة أو غير مفيدة، وفي بعض الأحيان ضارة وبالتالي يجب الحذر منها بشدة”.

وأكد جعفري “نحن في البحرين لسنا بحاجة إلى هذه التدخلات، قد نستفيد من بعض الأفكار، لكن الحلول يجب أن تكون بحرينية، فكثير من الدول تدهورت أوضاعها الاقتصادية بسبب البنك الدولي كاليونان مثلا”.

وأضاف “البنك الدولي مسيّس وتهيمن عليه الدول العظمى وبالتالي التعامل معه يجب أن يكون بحذر، (...) نشأة هذه المؤسسات هي بالأصل سياسية فوضعها غير مريح”.

وأوضح جعفري أن “البحرين نتهج سياسة انفتاحية منذ القدم، وهي نجحت في إدارة ظروفها وأزماتها المالية وإنقاذ اقتصادها بقوة واقتدار، وأهل مكة أدرى بشعابها”.

وزاد “لدينا الكثير من المتخصصين والكفاءات في القطاعين العام والخاص، (...) من الأسلم تشكيل مجموعة فكر من الكوادر البحرينية للمساعدة ووضع الحلول والخطط”.

وكان المصرفي مراد علي مراد حذر في تصريحات سابقة لـ “البلاد” من استيراد حلول خارجية لمعالجة الظروف الاقتصادية التي تمر بها البحرين.

ودعا إلى ضرورة أن تكون البرامج وطنية معدة بسواعد وأفكار بحرينية، مع أهمية الابتعاد عن الحلول التي تقدمها بعض المؤسسات المالية العالمية، خصوصا صندوق النقد الدولي.

وقال مراد وهو رئيس مجلس إدارة بنك البحرين والكويت “عادة ما يفرض الصندوق الدولي برامج تقشفية لا تناسب دولنا، (...) جميع تجارب الدول التي أخذت برأي الصندوق كانت صعبة التنفيذ”.

 

8.9 مليار الدين العام بالربع الأول

ومرر مجلس النواب الشهر الجاري الميزانية العامة للدولية 2017/2018 بعجز بلغ 2.5 مليار دولار، فيما بلغ الدين العام للدولة حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري نحو 8.9 مليار دينار وهو يشكل ما نسبته 74.5 % من الناتج المحلي الإجمالي.

وأعدت ميزانية العام الجاري والمقبل على أساس أن سعر برميل النفط 55 دولارا، في حين تحتاج البحرين للوصول إلى التوازن 119 دولارًا في 2017 و114 دولارًا في 2018.

وما زالت أسعار النفط تراوح في الأسواق العالمية منذ مطلع العام الجاري عند 40 دولارا للبرميل.

ووافق مجلس النواب كذلك على رفع سقف الدين العام من 10 مليارات دينار إلى 13 مليارا حتى يكون الطريق ممهدا للاستدانة بهدف تغطية العجز. كما قالت وزارة المالية أنها تسعى إلى الاستعانة بصندوق الأجيال لتغطية جزء من العجز وهو الأمر الذي رفضه مجلس النواب.

ونقلت وكالة بلومبيرغ في شهر ابريل الماضي عن صندوق النقد الدولي، قوله إن البحرين بحاجة إلى إجراء تخفيضات كبيرة في الإنفاق من أجل إعادة الاستقرار بموازنتها الحكومية وتحسين ثقة المستثمرين.

وفى مناقشات مع السلطات البحرينية أشار صندوق النقد الدولي، إلى وجود حاجة ماسة إلى تعديل مالي كبير لاستعادة الاستدامة المالية والحد من نقاط الضعف وتعزيز ثقة المستثمرين والمستهلكين.

وذكرت الوكالة أن البحرين كانت الأكثر عرضة لتراجع أسعار البترول في دول مجلس التعاون الخليجي بعد أن زادت الحكومة الإنفاق استجابة للركود العالمي في عام 2009.

القيمة المضافة وترشيد الإنفاق

وأكدّ صندوق النقد الدولي، على أن الإجراءات المالية التي ستتخذها الحكومة يمكن أن تشمل ضريبة القيمة المضافة وزيادة ترشيد الإنفاق على الدعم، وهي إشارة صريحة أن هذه الإجراءات جاءت من الصندوق.

وأقرت البحرين فرض ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية على أن يبدأ التطبيق منتصف العام المقبل.

وأضاف الصندوق بحسب بلومبيرغ أن فاتورة الأجور التي تبلغ 12 % من إجمالي الناتج المحلى والتي تعد من أعلى المعدلات في دول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن تنخفض على المدى القريب، وهي إشارة ثانية إلى مقترحات تتدخل في شكل التوظيف ورواتب القطاع العام.

يذكر أن الحكومة أعلنت العام الماضي حالة من التقشف في الكثير من المصروفات جاء على رأسها إيقاف التوظيف في القطاع العام.

وكان صندوق النقد الدولي نشر في منتصف العام الماضي تقريرا حول نتائج زيارة فريقه للبحرين تنفيذا لمشاورات المادة الرابعة. وقيّم التقرير الأداء الاقتصادي الوطني، وتطرق لأسعار النفط وتأثير تراجعها السلبي على الأرصدة المالية العامة وعلى الحسابات الخارجية للمملكة.

كما أشار صراحة إلى رفع أسعار المحروقات محليا كجزء من إصلاح قطاع الطاقة من خلال رفع الدعم الحكومي عن المشتقات المستهلكة محليا. وارتفعت أسعار البنزين بما يقرب من 60 %، فيما تم تعديل أسعار الديزل والكيروسين والغاز الطبيعي وتعرفات الكهرباء والمياه بالتدريج.

ورحب الصندوق – بحسب التقرير - بهذه الخطوات خصوصا ما يتعلق بإصلاح أسعار الطاقة، إلا ذلك ليس كافيا، على حد وصفه، حيث يجب القيام بجهود إضافية لتحقيق مزيد من الخفض في عجز المالية العامة.

إلى ذلك قال المدير الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط وشمال إفريقيا في البنك الدولي، نادر محمد، في تصريحات صحافية نشرت في شهر أكتوبر 2016

“ينفذ البنك الدولي زيارات دورية للبحرين لتوطيد الشراكة ولتقديم الدعم الفني في بعض الأمور القطاعية للجهات الرسمية”.

وأكد وقتها – بعد زيارة للمملكة - أن “مساعدات البنك للبحرين تتركز على الأمور التي تساعد في تحسين الأوضاع الاقتصادية وفعالية الخدمات المقدمة للمواطنين”.