+A
A-

القسيس هاني عزيز لـ “البلاد”: “البيارق البيضاء” ترجمة لسياسات الملك حول التعايش

مؤسسو الجمعية رجال إطفاء بوجه العنف والإرهاب

الأعضاء بحرينيون من أديان مختلفة يجمعهم نبذ العنف

أعلامنا البيضاء دلالة على السلام وليس الاستسلام

الأمير الراحل أمر بتخصيص أرض لبناء الكنيسة

رد الجميل عبر تعزيز الدور الإصلاحي وليس التبشيري

المسيحيون يمارسون عبادتهم بكل حرية بظل الأمن والأمان

نناشد العاهل تخصيص أرض لكنيسة خارج العاصمة

الجاليات خير سفراء للبحريني في بلدانهم

 

 

أكد راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية رئيس جمعية البيارق البيضاء القسيس هاني عزيز أن جمعية البيارق البيضاء التي تم إشهارها مؤخرا، تتميز عن باقي الجمعيات في البحرين بأن الأعضاء المؤسسين؛ جميعهم بحرينيون ومن أديان وأطياف مختلفة، وكلهم على قسط كبير من الثقافة ولديهم قبول للآخر ويتمتعون بالرؤية الشمولية للتسامح والتعايش والسلام.

وأضاف أن من أبرز أهداف الجمعية، التصدي للإرهاب ونبذ العنف من خلال ترسيخ مبادئ التسامح والمواطنة لدى الشباب، تماشيا مع سياسات الملك حول التعايش، مردفًا أن المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة كفل للمواطنين والمقيمين كامل حقوقهم وحرياتهم.

وأشار في لقاء مفصل عن الجمعية خصَّ به “البلاد” إلى أن اسم الجمعية هو “البيارق البيضاء” وتعني أعلام السلام وليس الاستسلام، وأن جهود الجمعية ستبقى مستمرة في سبيل تفعيل أسس التسامح والعيش السلمي.

وقال إن المسيحيين في البحرين يمارسون عبادتهم بكل حرية، مناشدا جلالة الملك بأن ينعم عليهم بقطعة ارض خارج العاصمة لبناء كنيسة بسبب ما تعانيه الكنيسة في المنامة من زحمة وشح في مواقف السيارات، مشيرا إلى أن الكنيسة نسيج مزروع في المجتمع، وأن لها دورا إصلاحيا تجاه المجتمع وليس تبشيريا، مبينا أن الجاليات خير سفراء للبحرين في بلدانهم.

قبول الآخر

كيف نشأت فكرة تأسيس جمعية البيارق البيضاء

جئت إلى البحرين في العام 1999 وصادف في ذلك الوقت بداية انطلاق العهد الإصلاحي لجلالة الملك، فأنا في المملكة منذ 18 عاما ومن المحطات التي عايشتها، أنني كنت من المؤسسين لجمعية البحرين للتسامح وتعايش الأديان مع الأستاذ يوسف بوزبون، قررنا تأسيس الجمعية مستلهمين الفكرة من دعوة عاهل البلاد حين كان جلالته في زيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وذلك لتأسيس مقر عام لحوار الحضارات في البحرين. تلقفنا الفكرة وبدأنا بتكوينها، وكنت قد شغلت فيها طيلة 7 سنوات منصب نائب رئيس الجمعية، من ثم شعرت أنني أعطيت الجمعية حقها، فتقدمت بعدها باستقالتي للرئيس والأعضاء مؤكدًا لهم أنني سأظل دائما إلى جانبهم.

بعد فترة بدأت أفكر بتأسيس جمعية تتضمن إضافة عن الجمعيات الأخرى، ومن هنا كانت البذرة الأولى لـ “البيارق البيضاء”.

وأشير إلى أن الإضافة برزت أولا من خلال الأعضاء؛ فهم كلهم بحرينيون ومن أديان وأطياف مختلفة، وكلهم على قسط كبير من الثقافة ولديهم قبول للآخر ويتمتعون بالرؤية الشمولية للتسامح والتعايش والسلام، وأهم ما يميز جمعيتنا أنها ترتكز على مكافحة التطرف والإرهاب ونبذ العنف.

يمكنني القول بكلمتين “العالم يحترق”، وأعتقد أن منشأ التطرف يبدأ في البيت، فالبيت المتطرف ينجب إرهابيين، والتطرف إذا حبل يولّد إرهاباً، والإرهاب إذا شمل الجماعة يحل الفساد والدمار في العالم.

من هنا أردت أن نكون في الجمعية بمثابة رجال الإطفاء الذين يطفئون حرائق العنف والتطرف والإرهاب. وبالفعل اتصلت ببعض الإخوة والأخوات، تباحثنا حول الفكرة ولما أصبح عديدنا 13 عضوا، تطلب التجهيز للأهداف والرؤى والفعاليات حوالي سنة تقريبا، ثم وافقت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على إشهار الجمعية التي رأت النور منذ حوالي 3 أشهر.

أعلام سلام

لماذا أطلقتم عليها اسم البيارق البيضاء؟

كنا قد وضعنا كأعضاء مؤسسين حوالي 5 أسماء وآخرها سلام، لكن الوزارة لفتت إلى أن هناك أكثر من جمعية تتضمن أسماؤها لفظ سلام مقترحة اختيار اسم آخر. وبالفعل اقترح أحدهم اسم “أعلام” فسألت هل الكلمة متداولة في البحرين؟ فأجابوا أنهم يستخدمون أكثر كلمة بيارق، فاقترحت أن تكون “البيارق البيضاء”، فاعترض احدهم قائلا الأعلام البيضاء تعني الاستسلام في الحروب، فعلقت موضحا، لماذا لا نعطي شمولية للاسم ويكون اللون الأبيض علامة سلام، أي أن تكون أعلام سلام وليست أعلام استسلام.

مكافحة الإرهاب

ما أهداف الجمعية؟

لأن السلام ومنذ فجر التاريخ وبداية الكون، هو الهدف والوسيلة ورسالة البشرية الأزلية التي تبني المجتمعات والحضارات، ولأنه الضمان الوحيد لاستمرار البشرية وانتصار المحبة والوئام بين كافة بني البشر، فإننا كمؤسسين يهمنا التمسك بالسلام وتعزيزه، ولا يمكن أن يتحقق ذلك دون وجود المجتمعات المدنية التي ترعاه وتعمل جاهدة على ترسيخ كافة صوره وأشكاله، وذلك عبر الأُطر والقنوات القانونية المحلية والدولية. لكن الهدف الأبرز الذي تسعى الجمعية لتحقيقه حتى يعم السلام، هو مكافحة الإرهاب والتصدي للعنف ونبذ التفرقة، خصوصا أننا نشهد موجات من العنف لم يسبق أن عايشت مثلها البشرية من قبل، وبهذا القدر من الاتساع والتمدد، فهو إرهاب عابر للقارات، ولا بد لكل إنسان، ومن موقعه، أن يتخذ مواقف تشكل إضافة نوعية لما يبذله المجتمع الدولي ككل للتصدي لهذه الجرائم التي يندى لها جبين البشرية. ونحن كجمعية دورنا اليوم هو تعزيز قيم السلام التي دعا لها صاحب الجلالة الملك في مشروعه الإصلاحي، الذي كرس من خلاله نهج الآباء والأجداد لنشر قيم المحبة والمودة بين البشر، ومحاصرة الأفكار الهدامة التي تحيق بشبابنا من خلال الانفلات الإلكتروني والأخلاقي والبعد عن القيم الدينية، وبذل جهود حثيثة لإقناع الشباب بأن الفرد مفطور على محبة أخيه الإنسان، وحب الوطن، ولا بد لتقوية هذه القيم وعدم الانجرار وراء ظواهر العنف والكره والانشقاق.

المؤسسون

من هم مؤسسو الجمعية؟

ارتأينا أن يكون كل الأعضاء بحرينيين، وأغلبهم لديهم اتصال مباشر مع شريحة الشباب، خصوصا أساتذة الجامعة لأن أهدافنا تتمحور حول توعية الجيل بأهمية التصدي للعنف وتعزيز قيم السلام.

والمؤسسون وهم: رئيس الكنيسة الإنجيلية الوطنية القسيس هاني عزيز (رئيس الجمعية)، وعميد كلية التعليم التطبيقي صادق علوي، والأستاذ بكلية الحقوق بجامعة البحرين محمد المصري، ورئيسة مركز الفخر للاستشارات الاجتماعية والصحية فخرية ديري، وأستاذ القانون الجنائي والإجراءات المساعد، مدير مكتب ضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي بجامعة البحرين نورة الشملان (نائب الرئيس)، والأستاذ بجامعة البحرين عبدالعزيز حمزة، والمحامية سهام صليبيخ، والمحامي مايكل يادكار، والمحامي محمد سفنديار، وسيدة الأعمال شهناز جابر جابري، والمحامي هشام عبدالباقي، والموظف في إدارة الأوقاف السنية (نظم معلومات) عبدالله خيري، وطالبة الحقوق في جامعة البحرين جمانة عبدالله.

فعاليات السلام

هل ستقومون بفعاليات محددة في الوقت القريب؟

نظمنا سابقا كجمعية وككنيسة فعالية ضخمة في البحرين حيث استقدمنا فريق الترنيم العالمي hill song united من استراليا، هذا الفريق لديه 16 كنيسة، وقناة فضائية، و70 مليون متابع على مواقع التواصل، وكان للمرة الأولى يزور فيها بلدا في منطقة الشرق الأوسط، كما أقامت الجمعية منذ أيام فعالية “بحريننا سلامنا” لتفعيل مفهوم المواطنة لدى شريحة الشباب، وذلك في فندق أس هوتيل، وحاضرتُ فيها إلى جانب النائب جلال الكاظم، والفنان عباس الموسوي، وأستاذ الجامعة محسن الأحمادي. وامس (السبت) انطلق سباق لأجل السلام بالتعاون مع عدائي البحرين إذ إننا استعنا بهم لمساعدتنا على صعيد التنظيم، في حين إن الجمعية هي الجهة الداعمة وهي صاحبة الفكرة، والمشاركون ارتدوا قمصانا بيضاء عليها لوغو الجمعية.

وهناك فعالية أيضا آخر شهر يوليو وهي دعاء من أجل السلام بكل لغات العالم، هذه الفعالية سبق ونظمتها الكنيسة لأكثر من مرة وذلك قبل تأسيس الجمعية، هذه السنة الفعالية ستكون مختلفة، إذ سيشارك بها أفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة وهم سيتكلمون عن السلام.

 

 

إيفاء الدين

كونكم رئيس الكنيسة الإنجيلية الوطنية والآن رئيس الجمعية بماذا يفيد هذا التشارك؟

أولا أحب لفظ راعي الكنيسة وليس رئيس الكنيسة، فأنا راعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية، وأشير هنا إلى أن دور الكنيسة ليس دينيا فقط، أي توصيل الدعوة لجماعة المسيحيين وتقريبهم من الله، فللكنيسة دور اجتماعي لأنها نسيج مزروع في هذا المجتمع، وهنا أشبهها كالملح والنور، حيث إن الملح يحفظ المجتمع من الفساد، والنور يقود المجتمع في الطريق الصحيح.

وللكنيسة دين في رقبتها لمملكة البحرين، فكما أن الأمير الراحل المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه) قد وجه لتخصيص أرض لبناء الكنيسة الإنجيلية عليها، فالكنيسة بدورها وفية لجلالة الملك وللحكومة متمثلة بصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء وبصاحب السمو الملكي ولي العهد، من خلال ولائها للقيادة الرشيدة والعمل على غرس قيم المواطنة والتعايش والتسامح بين أفراد المجتمع.

ولا أرى تضارباً على الإطلاق بين أهداف الاثنتين، فأنا أبني جسرًا بين الكنيسة والمجتمع البحريني كوني راعي الكنيسة ورئيس الجمعية، فللجمعية أهداف اجتماعية تتقارب مع أهداف الكنيسة في بناء مجتمع صالح من خلال الدعاء ونشر القيم الأخلاقية وتعزيز أسس ومبادئ السلام.

مناشدة الملك

هل تعاني الكنيسة الإنجيلية من تحديات معينة في المملكة؟

أريد أن انتهزها فرصةً، وأرفع أسمى آيات الشكر لجلالة الملك ورئيس الوزراء وولي العهد لتوفيرهم الأمن والأمان وحرية العبادة للمسيحيين، فنحن نمارس عبادتنا بكل حرية، لكن في الآونة الأخيرة بدأت الكنيسة تعاني من بعض المشاكل بسبب موقع الكنيسة المزدحم، كما أن هناك كثرًا من أطراف بعيدة عن المنامة لا يمكنهم الوصول للكنيسة في الوقت المحدد بسبب أمور خارجة عن الأمن، وبسبب بعض الممارسات غير المسؤولة من بعض الناس، مما يؤدي لإقفال بعض الشوارع والوصول للكنيسة يبقى غير آمن. والطامة الكبرى أننا نعاني من شح في مواقف السيارات، فكثيرون يأتون للصلاة وعندما لا يجدون مكانا لركن سياراتهم يعودون أدراجهم وفي قلبهم غصة بأنهم لم يستطيعوا المشاركة بالصلاة.

وعبر منبر “البلاد” أناشد جلالة الملك باسمي وباسم كل الإنجيليين في البحرين خصوصا أن كنيستنا هي من أقدم الكنائس في المملكة، بان ينعم علينا بأرض لبناء كنيسة خارج العاصمة، حيث يمكن للناس الوصول بسهولة للكنيسة وان تتوفر لهم مواقف لسياراتهم، فالكنيسة اليوم يصلي فيها أكثر من 5 آلاف مسيحي، وهو ما يؤدي لزحمة خانقة وعدم توفير المواقف اللازمة.

أرض التسامح

كيف تلمسون نسبة التعايش والتسامح في البحرين؟

من خلال وجودي في البحرين ومشاركاتي المتعددة في الفعاليات والمؤتمرات داخل البحرين وخارجها حول التعايش، لاحظت أن كثيرا من البلدان فيها هذا التعدد لكن ما يميز البحرين هو التفاعل الكبير بين مختلف الأديان والأطياف، فعندما ننظم فعالية عن السلام أُدهش من المشاركات الكثيرة من مختلف الطوائف، بعكس الدول الأخرى التي قد تمتاز بكثرة العدد لكنها تفتقر لهذا التواصل بين مختلف الأديان.

إلى جانب أن البحرين تمتاز بالانفتاح الحضاري والثقافي وعلى رأس هذا المنظومة وجود جلالة الملك، ففي كل كلامه لا بد وان يتحدث جلالته عن التسامح والتعايش، وأود أن أضيف كلمة أخرى لهذا القاموس وهي تعاطف، فنحن كمواطنين ومقيمين مطلوب منا التعاطف مع الضعيف والمريض والمظلوم.

واللافت أن هذا التعاطف يجد أرضاً خصبة في البحرين لدى القيادة الرشيدة وشعب المملكة، فهم جميعا جعلوا من المملكة أرضا خصبة لنمو التسامح والتعايش والتعاطف والسلام، ودائما أدعو في وعظي وفي الفعاليات لنبذ العنف والتطرف، وأدعو أيضا لاستثمار هذا الجو الصحي في البحرين لنبذ التطرف من البيت والمجتمع ودور العبادة وبذلك نحمي بلدنا من الإرهاب.

خير سفراء

إلى أي مدى يمكن أين يكون غير المسلمين والأقليات أطرافًا مؤثرة بعملية السلام في المنطقة؟

المسيحيون في المجتمع البحريني ليسوا أقليات في التأثير بل في العدد، فكنيستنا أقدم كنيسة مسيحية، كما أن المدرسة الإنجيلية ومستشفى الإرسالية الأميركية هما من أقدم المؤسسات.

وألفت هنا إلى آن الدولة حينما تظهر حمايتها للجاليات وتحفظ حقوقهم، وتسمح لهم بممارسة شعائرهم بحرية، هؤلاء سيكونون خير سفراء لها في بلدانهم، ناهيك عن أن الأجنبي موجود بمشروع إلهي في دولة الاغتراب لأن الله هو من يتحكم بأرزاق وأقدار البشر، وعليه يجب أن يحترم قيادة البلاد وقوانينها وأعرافها أيضا، وأن يكون أمينا ومخلصا بدوره للبلاد التي لم تبخل بتقديم كافة الخدمات له ولأسرته.