انتصف شهر رمضان المبارك، شهر المغفرة، والذي تكثر فيه الخيرات وتتضاعف فيه الحسنات، نصومه طاعة وقربة إلى الله تعالى، “أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان”. من العادات المباركة والكريمة التي يتميز بها أهل البحرين، ولا تزال تحافظ على رونقها ومضمونها وبريقها، خصوصًا في مناطق القرى عادة ختم القرآن في المجالس الرمضانية، وتكون في أكثر الأحيان مرتين في الشهر، في منتصفه وفي نهايته.
“سبحان الله، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”، هكذا يردد الحضور هذه التسبيحة في المجالس، بعد الانتهاء من كل سورة في ختمة القرآن، ترديد جماعي يعمق الحضور في القلب ويوطد الألفة، في بيان ما لمكانة هذا الشهر من تأصيل لعظمة الخالق والتذكير بأن هذا الكون له مدبّر قدير. وانتصف شهر رمضان، واحتفل الأطفال بزينتهم وأهازيجهم بمناسبة “القرقاعون” في أجواء من الفرح والبهجة، إذ يأتي هذا الاحتفال بمناسبة ولادة سبط النبي محمد (ص)، الإمام الحسن بن علي المجتبى (ع)، فيما ازدانت مملكة البحرين بالمهرجانات الاحتفالية في الكثير من المجمعات التجارية في البحرين في بادرة تدل على الاهتمام بالموروث الشعبي والتقاليد البحرينية. والملاحظ في السنوات الأخيرة، ازدياد الاهتمام بحضور المجالس الرمضانية التي تُعلمنا الكثير من المعاني السامية من خلال تثبيت فكرة ومفهوم الترابط الاجتماعي وتكثيف شبكة التواصل والعلاقات، وهذا ما تنعكس آثاره لتكوين وتشكيل مجتمع متحاب ومتماسك.
الجميل أنه اتجهت الأنظار نحو المجالس الرمضانية في مؤشر إيجابي ومكثف، بعد أن كان يشاغبها الحضور الشبابي في “الصنادق” والخيم الرمضانية، خصوصًا بعد القرارات التنظيمية التي اتخذتها الجهات المسؤولة حيال هذا الأمر، فأصبحنا نجتمع في هذه المدارس، “مجالسنا مدارسنا”، نتعلم فيها أدب الحوار وننتهج بأخلاق القرآن، كما يتعلم فيها أطفالنا العديد من الدروس المستفادة، ليس ابتداءً من احترام الكبار وليس انتهاءً بإكرام الضيف.
كاتب بحريني