حالات نادرة، تلك التي سمعت فيها خلال حياتي كلها أن بحرينيًّا يقتل بحرينيًّا آخر! وورود مثل هذا الخبر لا شك أنه صدمة ليس على الصعيد الشخصي فقط، بل على صعيد الشارع البحريني إن لم يكن الخليجي كله، فمثل هذه الجرائم غريبة علينا - ونتمنى أن تبقى غريبة - ولا تتحوّل يومًا ما إلى ظاهرة نئن منها.
مقتل المغدور به علي البصري بسكين حادة، وبسبع طعنات متفرقة، فُجع به كل من سمع عن حكايته، خصوصًا أن الجريمة وقعت قُبيل شهر رمضان بيومين، وأمام مسكنه وفي مواقف السيارات في عمارته الشخصية، وعلى يد أحد أقربائه! المؤلم أن المغدور به، أب لسبعة أبناء، وزوج لامرأتين إحداهما غريبة لا أهل لها في البحرين سوى أخت واحدة! والأكثر إيلامًا أن له أطفالًا في الثانية، والخامسة، والسابعة من أعمارهم، حيث كان ذاهبًا - ساعة الجريمة - لجلب الخُبز لإطعامهم قبل ذهابهم لمدارسهم وروضاتهم! ومتأهّبًا لبدء يوم عمل، لكسب قوته وقوت هؤلاء الذين هم في ذمة من أيتمهم. مهما كانت الأسباب، ومهما بلغت المشاكل أعنتها، لا يمكن أن تصل الأمور مبلغ القتل وإزهاق النفس، فإن لم يجد التفاهم بين أي طرفين - لأية قضية كانت - فهناك قنوات رسمية، وهناك قانون، وهناك محاكم تقتص وتفصل في قضايا النزاعات والمشاكل، ليأخذ كل ذي حق حقه بصورة حضارية لا بُلغة الغاب، لغة الدم!
ما ذنب أبنائه الذين فقدوا معيلهم، وهم في هذه الأعمار الصغيرة، وبحاجة إلى حنان الأب ورعايته وحضنه وتوجيهه! ما حال طفله ذي السبع سنوات الذي رأى بأم عينيه - وهو الذي كان في طريقه للذهاب لمدرسته - والده مضرّجًا بدمائه، وأمه تنتحب وتصرخ مستنجدة أمام جثة والده الذي كان ينازع الموت؟.
ما ذنب أهله أن يُفجعوا برحيله بهذه الطريقة المؤسفة على يد قريبه، والذي هو الآخر قد تسبّب وبيديه، بأن يدفع أبناؤه الثمن بتيتمهم وإن كان لا يزال حيًّا! والأفظع خسارته دنياه وآخرته.
ياسمينة: “أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا”. (المائدة: 32).
كاتبة بحرينية