“لست أعمى كي لا أرى”، على عكس ما كان يدعيه أحد كبار الشعراء عندما شدا بإحدى قصائده قائلاً: “لست أعمى لأرى”، ذلك أنني اليوم في مملكة البحرين أعيش مشهدًا وطنيًا لا يُنسى، تكاتفًا وتحالفًا مع قوى الشعب، مع مواطنيه ومسؤوليه، وهؤلاء الذين يعيشون بين ربوعه وروابيه.
مجرد كتاب لتوثيق أحداث، وكتابة تاريخ، ليس فقط بالكلمات أو التعليقات أو بالجمل المأثورة، إنما بالصورة وكيف أنها لعبت دورًا بارزًا في التصريح لا التلميح بأهم منجزات المرحلة، من خلال اللقاءات التي أجراها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظهما الله، خلال عام اليوبيل الفضي المتزامن مع الذكرى الرابعة والعشرين لإطلاق ميثاق العمل الوطني والمشروع الإصلاحي الكبير لحضرة صاحب الجلالة مليكنا المعظم.
إن إطلاق هذه الوثيقة التاريخية وبدعم من عقارات غرناطة وفي هذا الوقت بالذات يعني أن مبادرات الصحافة لا تعاني، وأن صحافتنا الوطنية وفي مقدمتها صحيفتنا “البلاد” تدرك أهمية الدور الذي لا يجب إغفاله ونحن نعيش ملحمة وطنية تاريخية بالغة الأهمية:
أولاً: إن الإنجازات التي تحققت في العهد الزاهر لجلالة الملك المعظم، وتلك التي ساهم فيها مترافقًا وحريصًا ومؤمنًا بالرسالة سمو ولي العهد رئيس الوزراء، لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، بل إنه لابد من رصدها والتأكيد عليها، ونشرها للعالم أجمع.
حتى يتم التعرف على مؤهلات المكانة التي تحظى بها مملكة البحرين ليس بين أبنائها فحسب، إنما وسط المنظومة الإقليمية والدولية أيضًا.
ثانيًا: إن صحيفة “البلاد” العزيزة تريد أن تبعث رسالة لكل من يهمه الأمر، حيث التزامن المحمود بين الكتاب الورقي والآخر الإلكتروني أصبح قدرًا معرفيًا لا يمكن فصل شقيق عن شقيقه، أو عزل جار عن جاره، أو الاعتماد على طرف وتجاهل الطرف الآخر.
ثالثًا: إن شخصية البحرين وهويتها الوطنية إنما تحتسب بعطاءات رجالها، وإنجازات قيادتها، وإيمان شعبها، وحرصهم على نشر الإنجاز وقياس قوة نبضه، وتحديد ملامح ضماناته واستمراريته.
رابعًا: إن الاحتفال باليوبيل الفضي وتقلد مليكنا المعظم مقاليد الحكم في البلاد يعزز ذلك الرمز الوطني الذي اعتدنا على التعاطي معه منذ نعومة أظفارنا، ودرجنا على التمعن فيه لاستلهام العبر والدروس، واستخلاص المعاني والمواقف.
أخيرًا: إن الصحافة الوطنية الملتزمة لا يجب أن تُنحى جانبًا لحساب الصحافة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث إن التاريخ والتوثيق والتدوين ليسوا كما الترويج، الصحافة الورقية مع نسختها الإلكترونية تمثلان ظهيرًا معرفيًا مهمًا، وخطًا دفاعيًا قويًا، وملمحًا حضاريًا أصيلاً لتعزيز الوعي النوعي لذهنية المجتمع، وتثبيت هويتنا الوطنية في أدق مؤشراته وأهم ملامحه هو ما يؤدي إلى تأصيل مواقفنا وتأكيد أننا جزء من أمة لا تقبل التفريط في حق، ولا تسمح بالتدخل في شأن وطني بحت، ولا تترك عمل اليوم إلى الغد عملاً بالحكمة القائلة “في التأني السلامة”، حيث سلامتنا في وحدتنا، وسلامنا في عزتنا وكرامتنا، واستقرارنا في نهضتنا وتسامحنا وإيماننا بأن الله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.