العدد 5905
السبت 14 ديسمبر 2024
banner
“ليالي المحرق.. ولهان يا محرق”
السبت 14 ديسمبر 2024

“ولهان يا محرق وآدور في السكه، محدن عرفني فيك يا محرق إشدعوه”.. هذه كلمات أغنية قديمة للشاعر الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة (طيب الله ثراه)، لحنها وتغنى بها المطرب المعروف إبراهيم حبيب في بداية سبعينيات القرن الماضي. تذكرت هذه الأغنية وأنا أطوف في شوارع المدينة الباسلة “المحرق” لحضور مهرجان ليالي المحرق، وهو حدث ثقافي وفني يُقام بمملكة البحرين، ويعد من أبرز الفعاليات التي تحتفي بالتراث الثقافي البحريني العريق. إذ ينظم المهرجان عادةً في المناطق التراثية والتاريخية في المحرق، مثل سوق القيصرية ومحيط بيت الشيخ عيسى بن علي، ليجمع بين عبق الماضي والحاضر في أجواء احتفالية مميزة، فكل الشكر والتقدير لهيئة الثقافة والتراث على هذا العمل الرائع والمميز الذي حصل على العلامة الكاملة من قبل الجمهور.

ويركز المهرجان على تسليط الضوء على الفنون الشعبية والصناعات اليدوية والحرف التقليدية التي تعكس هوية البحرين الثقافية، كما يعد فرصة لجذب الزوار والسياح من مختلف أنحاء العالم للتعرف على التراث البحريني والتمتع بالأجواء الفريدة للمحرق، ناهيك عن أنه يوفر منصة للفنانين المحليين لعرض أعمالهم من خلال العروض الموسيقية، والمسرحيات، والمعارض الفنية. ويزخر مهرجان ليالي المحرق بمجموعة متنوعة من الأنشطة التي تناسب جميع أفراد العائلة، حيث تم تخصيص ورش عمل إبداعية مثل الرسم والتلوين والطباعة اليدوية للأطفال، ما يساعد على تعزيز خيالهم وربطهم بثقافة مملكة البحرين، أما الكبار، فيمكنهم الاستمتاع بمعارض فنية وعروض تصميم تلقي الضوء على التراث والفن المعاصر وأسواق تقدم منتجات متنوعة، بالإضافة إلى ندوات ثقافية وأمسيات موسيقية بحرينية وعالمية ومتاحف اللؤلؤ والتحف القديمة.

وعلى صعيد المأكولات، فإن المهرجان يقدّم تجربة ذوقية متكاملة من خلال محطات متعددة منتشرة بحرينية وعالمية، وتم تصميم هذه المحطات لتوفير تجربة استثنائية لجميع الزوار، ما يجعل الطعام جزءًا أساسيًّا من الفعالية.

لا شك أن أهمية المهرجان تكمن في تعزيز الشعور بالفخر بالهوية البحرينية من خلال إبراز التراث الأصيل، وتشجيع التفاعل بين الأجيال المختلفة من خلال إعادة إحياء التراث وربطه بالحاضر. كما أنه يسهم في دعم الاقتصاد المحلي من خلال جذب السياحة والترويج للمنتجات المحلية.

وإن كان لي رأي شخصي متواضع، فأتمنى أن يستمر هذا المهرجان الجميل والمميز والراقي لمدة ثلاثة شهور نظرًا لكونه من أفضل وأنجح المهرجانات على الإطلاق. ويمكنني تلخيص ذلك في سببين أساسيين هما أن المهرجان يقام في أحلى أيام تعيشها مملكتنا الغالية، إذ يتزامن مع احتفالات المملكة بالعيد الوطني المجيد، وحالة الطقس المميزة في هذه الفترة من العام. أما السبب الثاني فهو أن هذه الفعالية تعد محطة جذب سياحي لزوار البحرين، ودعمًا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تشارك في المهرجان. ولابد هنا أن نسجل كلمة شكر وتقدير للجهات الداعمة للمهرجان (مجموعة جي اف اتش المالية GFH) و(بنك البحرين والكويت) على مساهمتهما السخية، ما ينم عن ثقة ومسؤولية القطاع الخاص تجاه المجتمع البحريني والدور الريادي والمحوري في تحقيق التنمية المستدامة من خلال تقديم الدعم في مختلف المجالات من منطلق المسؤولية الاجتماعية.

سبق وأن ذكرت في مقالات سابقة أن البحرين تحتاج إلى تنظيم فعاليات ثقافية وترفيهية وتجارية متنوعة خلال العام لتشكل وجهة سياحية جاذبة ومثالية للزوار من مختلف أنحاء العالم بشكل عام ومن دول الخليج بشكل خاص.

ختامًا.. لا يسعني إلا أن أرفع القبعة لرئيس هيئة الثقافة والآثار وجميع منتسبي الهيئة لجهودهم الجبارة لتنظيم هذا المهرجان الناجح بكل المقاييس وبشهادة الجميع، وعساكم على القوة.

 

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية