العدد 5904
الجمعة 13 ديسمبر 2024
banner
المدونون ودورهم الأدبي
الجمعة 13 ديسمبر 2024

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصة قوية ومؤثرة في مختلف جوانب الحياة، ومن بين الشخصيات البارزة في هذا المجال “المدونون”، حيث يلعبون أدوارا متعددة تتجاوز مجرد نشر المحتوى. هؤلاء المدونون يقومون بنشر معلومات حول موضوعات مختلفة مثل الصحة، والتعليم، والبيئة، والسياسة، والاقتصاد، والثقافة وغيرها، ما يساعد على زيادة الوعي بين المتابعين. وللمدونين دور كبير في تصحيح المفاهيم الخاطئة ومواجهة الشائعات عبر تقديم معلومات موثوقة. كما أنهم يمتلكون تأثيرًا كبيرًا على متابعيهم، ما يمنحهم القدرة على تشكيل وتوجيه الرأي العام تجاه قضايا معينة. ناهيك عن أنهم يساعدون في دعم الحملات الاجتماعية والإنسانية، مثل حملات التبرع أو الدعوة إلى التغيير الاجتماعي أو كسب تعاطف المجتمع تجاه قضية اجتماعية.

وكما هو معروف يُستخدم المدونون من قبل العلامات التجارية للترويج للمنتجات والخدمات، حيث يعتمد ذلك على مصداقيتهم وتأثيرهم لدى متابعيهم. كما يلعبون دورا كبيرا في تطوير استراتيجيات التسويق الرقمي بفضل قدرتهم على التواصل المباشر مع الجمهور. هؤلاء يملكون منصة للتعبير عن أفكارهم وتجاربهم الشخصية، ما يفتح المجال للنقاش حول قضايا تهم المجتمع، بالإضافة إلى أنهم يساعدون على إبراز قصص النجاح والإلهام، وتشجيع الآخرين على المثابرة وتحقيق طموحاتهم. ويقدم بعض المدونين محتوى تعليميا وإبداعيا، مثل دروس في التصميم، الطبخ، أو المهارات الشخصية، ما يساهم في تمكين المتابعين من تطوير مهاراتهم. ويلعب المدونون دورا في تسليط الضوء على التراث والثقافة المحلية من خلال السفر وتوثيق تجاربهم، ويساعدون على تعزيز التفاهم الثقافي بين الشعوب من خلال مشاركة تجاربهم مع جمهور عالمي.

لاشك أن المصداقية من أهم التحديات التي يواجهها المدونون، والحفاظ على ثقة الجمهور في ظل انتشار الأخبار المفبركة بسبب توفر الكثير من البرامج في أجهزة الهواتف الذكية والكمبيوتر، وكيفية التعامل مع الانتقادات والتعامل مع الآراء السلبية والهجوم الإلكتروني، ناهيك عن التزامهم بالمسؤولية الاجتماعية من خلال تقديم محتوى أخلاقي ومسؤول.

وعلى الرغم من أنني لا أتابع هؤلاء المدونين إلا عن طريق الصدفة، لفت نظري مدون بحريني يدعى محمد الشنو ويلقب بـ “بو حمان”، هذه الشخصية البحرينية البسيطة تمثل طيبة قلب الإنسان البحريني، فهو لا يتردد في تقديم كل الدعم والمساندة لإخوانه لضمان نجاح أعمالهم، وكما يقول المثل الشعبي “طيح واقف”.

فمن خلال متابعاتي بشكل متقطع أجد أنه لا يلجأ فقط إلى الظهور التجاري من خلال موقع عمله الذي هو أصلا من حقه، إلا أنه يصر على الوصول إلى عدد من الشباب وهم يقومون بعرض منتجاتهم المختلفة في شوارع البحرين لكسب المال؛ ليساعدهم في التكفل بمتطلبات الحياة اليومية الصعبة. هذه المبادرة الخيرة من جهته لاشك أنها ستسهم في زيادة مبيعاتهم بسبب متابعي حسابه. هؤلاء في أمس الحاجة لمن يقدم لهم الدعم المعنوي والمادي، فلولا الظروف الصعبة لما افترشوا الأرض لعرض بضاعتهم.

بصراحة تامة وأنا لست هنا بصدد عمل دعاية لهذا المدون، ولا حتى أعرفه، ولكن عمله الإنساني هذا يجعلني أحترم هذا الإنسان الذي لم يتردد في ذلك، ولا يسعني إلا أن أرفع له القبعة.

آخر فيديوهات هذا المدون هو زيارته مع جمعية البحرين للعمل التطوعي لمركز المحرق لرعاية الوالدين، وتأثره الشديد عندما اكتشف أن بعض الأبناء تركوا آباءهم في المركز بدلا من إبقائهم في منازلهم.

حقا... كانت رسالة جميلة ومعبرة ومؤثرة لكل شخص قام بهذا العمل تجاه الوالدين.

فشكرا لك يا بو حمان على اهتمامك الدائم بقضايا المجتمع البحريني، داعيا الله تعالى أن يحفظ لك أهلك وأحبابك، ويسبغ عليك ثياب الصحة والعافية وطول العمر.

الخلاصة.. يعتبر المدونون عنصرا مهما في عصر الإعلام الرقمي، حيث يجمعون بين الإبداع والتأثير والمسؤولية. ومع ذلك، يتطلب هذا الدور وعيًا كبيرًا بمدى تأثيرهم وأهمية استخدام منصاتهم لتحقيق تأثير إيجابي ومستدام في المجتمع.

 

* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية