العدد 5825
الأربعاء 25 سبتمبر 2024
بسنا سيارات!
الأربعاء 25 سبتمبر 2024

لاشك أن الجميع يتذكر جيدًا المقطع المشهور من مسلسل درب الزلق عندما قام كل من الفنان عبدالحسين عبدالرضا (رحمه الله) والفنان سعد الفرج (أطال الله في عمره) بتأسيس شركة لبيع لحوم معلبة، فعندما زاد الطلب على المنتج أخذ عبدالحسين يرمي ربطات من الدنانير على سعد وأصبح يردد “بسنا فلوس بسنا فلوس”، ومنذ ذلك الوقت أصبح كثيرون يرددون هذه الجملة من باب الضحك والفكاهة.
شخصيا تذكرت هذه الفقرة من المسلسل الكوميدي الشهير عندما قرأت خبرا جديرا بالاهتمام في الصحف المحلية، نقلًا عن بيانات لهيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية عن استيراد المملكة 19402 مركبة خلال النصف الأول من العام الجاري، مقارنة بـ 17782 مركبة بالعام المنصرم! في المقابل، نشر موقع Focus 2 move المتخصص بإحصاءات السيارات عالميا عن أن سوق المركبات الجديدة في المملكة حافظ على نتائج إيجابية خلال شهري مايو ويونيو من هذا العام، مبينًا أن مبيعات النصف الأول من العام الجاري للمركبات الجديدة بلغت 14011 مركبة، ولاشك أن هذا العدد يعتبر كبيرا للغاية، بل مخيفا بالنظر إلى المساحة الجغرافية والطاقة الاستيعابية لشوارع المملكة. إن مملكتنا الحبيبة تشهد زيادة مضطردة في أعداد المركبات خلال السنوات الأخيرة، ما يمثل تحديًا كبيرًا للبنى التحتية في البلاد، هذه الزيادة ناتجة عن عدة عوامل، منها النمو السكاني، والازدهار الاقتصادي، وارتفاع مستوى الدخل الفردي، بالإضافة إلى الاعتماد الكبير على السيارات كوسيلة رئيسية للتنقل. وتكمن أبرز مشكلات هذا الارتفاع في أعداد المركبات في ازدحام الطرق، ولم يعد الازدحام في المناطق الحضرية مثل المنامة والمحرق فحسب، بل شمل جميع مدن وقرى البحرين، هذا الازدحام يؤدي إلى التأخر في التنقل وزيادة في الوقت المستغرق للوصول إلى الوجهات المختلفة، ما يؤثر على الإنتاجية اليومية للمواطنين والمقيمين على حد سواء.
إلى جانب ذلك، تعاني البنى التحتية الحالية من عدم قدرتها على استيعاب هذا النمو المتسارع، فالعديد من الطرق ليست مصممة للتعامل مع هذه الكثافة العالية من المركبات، وهو ما يؤدي إلى تآكلها بشكل أسرع وظهور مشاكل في الصيانة الدورية. كما أن شبكات المواصلات العامة مازالت لا تخفف الضغط على الطرق، ما يزيد اعتماد الأفراد على سياراتهم الخاصة.
ولمواجهة هذه التحديات، تحتاج البحرين إلى استراتيجيات شاملة لتطوير بنيتها التحتية. إذ يمكن أن تتضمن هذه الاستراتيجيات توسيع شبكة الطرق وتحسينها، فعلى سبيل المثال وليس الحصر فإن إزالة عدد من الدوارات في الشوارع الرئيسية واستبدالها بالإشارات الضوئية لم تسهم في حل مشكلة الازدحام المروري، حيث كان من الأولى إنشاء جسور أو أنفاق. وعلى الرغم من أن وزارة الأشغال تقوم بجهود حثيثة ومضنية لحلحلة هذه الأزمة، إلا أنها تحتاج للإسراع في تنفيذ خططها الاستراتيجية وتلبية طموحات المجتمع البحريني. كما من الضروري تعزيز وسائل النقل العام مثل الحافلات والترويج لاستخدامها بشكل أكبر. كما يمكن التفكير في حلول بديلة مثل تطوير أنظمة النقل الذكية التي تساعد في إدارة حركة المرور بشكل أكثر فعالية وتقليل الازدحام.

ومن الضروري أيضًا تشجيع التحول نحو وسائل النقل المستدامة، مثل السيارات الكهربائية والدراجات الهوائية، وتوفير البنية التحتية اللازمة لدعم هذه التحولات. ناهيك عن وضع تشريع لتحديد العمر الافتراضي للمركبات. لقد أصبحت شوارعنا لا تطاق من تلك السيارات المتهالكة التي تستخدمها في الغالب العمالة الوافدة لغرض التوصيل أو حتى ممارسة مهنة سيارات أجرة غير مرخصة، وحتى العاملون الوافدون!
فجميع هذه الجهود تتطلب تخطيطًا دقيقًا وتعاونًا بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة لضمان تحقيق نتائج فعالة ومستدامة على المدى الطويل. والله من وراء القصد.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية