لعل واحدة من أعقد المهام التنفيذية في شركات الطيران مهمة افتتاح وتنفيذ تشغيل الخطوط الجديدة بدءا بدراسة الجدوى، وتجنب المخاطر، حتى تشغيل الرحلات الافتتاحية والاستمرار بتشغيل هذه الخطوط بربحية وسلامة، خصوصا عندما يكون الهدف من التشغيل تجاري بحت، وربحي بالدرجة الأولى. وكما تناولنا سابقاً، فإن أحد مؤشرات نجاح شركات الطيران هو عامل الحمولة (Load Factor) الذي يقيس النسبة المئوية للمقاعد المتاحة التي يشغلها الركاب، وهذا العامل مهم جداً لقياس نجاح مبيعات شركات الطيران على هذا الخط أو ذاك والحد الأدنى لتغطية تكاليف التشغيل.
وعلى الرغم من أن بعض الخطوط – مثل تلك التي يتم تشغيلها بهدف إنشاء علاقات دبلوماسية بين البلدين - قد تهدف لتعزيز خطط التنمية ودعم الإستراتيجيات القائمة مما يجعل تأثير دراسة الجدوى الربحية تأثيراً ثانوياً في صنع القرار في مثل هذه الحالة نظراً للظروف الخاصة، إلا أن أغلب الخطوط حول العالم يتم تشغيلها بهدف ربحي في المقام الأول.
تتوقع الأياتا في عام 2024م أن عامل الحمولة الذي يوصل شركات الطيران لنقطة التعادل بين التكلفة والإيرادات (Breakeven load factor) يجب أن يكون 64.2 % في المتوسط العام، ما يعني أن ملء الطائرة بعدد ركاب أقل من 64 راكبا لكل 100 من السعة المقعدية، سيجعل الخط ليس ذا ربحية مباشرة في النتائج المالية، بصورة عامة.
وهذه الصورة العامة من الممكن دراستها بشكل أعمق وفق عدة ضوابط أهمها توافر البيانات الإحصائية من الجهات المختصة بحركة المسافرين والمسؤولة عن مراقبة حركتهم الحالية ومن خلالها يتم توقع حركة العرض والطلب المستقبلية.
وكنموذج ناجح في هذا المجال، تتميز شركات الطيران الاقتصادي (Low-cost carrier) بأنها تُخضع دراسات الجدوى لفحص ومراجعات دقيقة ومستمرة مروراً بعدد من أصحاب القرار وانتهاء بأعلى الهرم في المنظومة القيادية والإدارية للشركة. بل أنها قد تضطر لتغيير جدول الرحلات المعلن مسبقاً كي تواكب الجدوى الاقتصادية لتشغيل الخط، وذلك عندما يتم ملاحظة تغيرات كبرى داخلية أو خارجية تؤثر مالياً أو تجارياً على ربحية الخط.
وفي هذا الصدد، فإنه من الجميل الإشارة إلى أن دول العالم الإسلامي تشهد نمواً متزايداً على الرحلات ذات طابع السياحة الدينية ما يجعل تشغيل مثل هذه الخطوط نجاح آخر يُضاف لنجاحات شركات الطيران، والذي سيكون في أبهى صوره حين تضافر جميع التشريعات والجهود ذات الصلة من أجل تسهيل تجربة المسافر بما ينعكس إيجابياً على ربحية هذه الشركة أو تلك.