يعد الانضباط في مواعيد إقلاع وهبوط الطائرات (On Time Performance - OTP) أحد أهم مؤشرات أداء شركات الطيران والتي تنعكس بشكل مباشر على تجربة العميل وفي نفس الوقت على الأداء المالي، كما تناولنا في المقال السابق. وبلا شك أن OTP يعكس مدى فاعلية إجراءات منظومة الطيران ككل بدءا من عمليات الطيران مرورا بالصيانة انتهاء بالمناولة الأرضية وإجراءات المطار.
المملكة العربية السعودية - ممثلة بالهيئة العامة للطيران المدني - خطت خطوات متقدمة في هذا المجال، ما جعل الخطوط الجوية السعودية تتبوأ مراكزا متقدمة خلال الأشهر الماضية.
وفي شهر يوليو الماضي تصدرت الخطوط الجوية السعودية القائمة العالمية للأداء في الوقت المحدد، محققة هذا الإنجاز للمرة الثانية على التوالي، وفقا لتقرير موقع تتبع الطيران المستقل (سيريوم). يشير التقرير إلى أن الخطوط حققت معدل وصول في الوقت المحدد بنسبة 88.12 % ومعدل مغادرة في الوقت المحدد بنسبة 88.15 %، حيث قامت بتشغيل 16503 رحلة جوية عبر شبكتها التي تضم أكثر من 100 وجهة في 4 قارات.
وبحكم المعرفة والخبرة، فإن هناك العديد من المشروعات والمبادرات القائمة في قطاع الطيران والملاحة الجوية بالمملكة العربية السعودية، وبالتعاون مع الشركات الاستشارية الكبرى في هذا المجال يتم عبرها دراسة العوامل المؤثرة على تأخير الإقلاع والهبوط محاولة إيجاد حلولا مناسبة لكل حالة على حدة، وهو ما ساعد على الوصول إلى هذا الرقم الذي يعد إنجازا وطنيا وعالميا بالنظر إلى تعقيدات منظومة الطيران عبر شبكة من المطارات الداخلية والإقليمية والدولية، وهو ما ينعكس مباشرة على تجربة العميل، التي تعد واحدة من تحديات القطاع بالمملكة.
هذه التجربة جديرة بالاهتمام للاستفادة من نتائجها في تطوير فاعلية شركات الطيران حول العالم والتي يعاني بعضها من مشكلات متعددة في انضباط إقلاع وهبوط الطائرات.

وبالتوازي، فإن قرارات إلغاء أو تأخير رحلات الطيران لا يجب أن تكون ارتجالية وفقا للتقديرات الشخصية، بل يجب أن تخضع لمعايير عدة، أهمها عامل رضا المسافر والعامل المالي. وعليه فإن مقارنة تكلفة إلغاء الرحلات مقابل تكلفة تأخيرها لكل دقيقة يعطي صورة أفضل لحجم الخسائر التي من الممكن أن تكون كارثية في بعض الأحيان. دراسة هذه التكلفة تحديدا لبناء سيناريوهات تساعد على اتخاذ القرار المناسب، وبشكل سريع قبل وقوع وتفاقم المشكلة، تساعد الإدارات العليا في شركات الطيران على الحصول على نتائج إيجابية مستدامة ذات تأثير بعيد المدى.