زهراء الطفلة كان عمرها آنذاك لا يتجاوز العام ونصف العام، أصيبت بارتفاع في درجة الحرارة، فأدخلت إلى قسم الحوادث والطوارئ بمجمع السلمانية الطبي، وشخصت حالتها ببوادر التهاب في الرئة، وحاجتها للبقاء تحت المراقبة، ثم نُقلت في اليوم التالي إلى وحدة العناية المركزة بعد أن انخفض مستوى الأكسجين في الدم، وتم تخديرها لضمان عدم حركتها أو عبثها بالأجهزة لاعتبارات عمرها الصغير. بعد ثلاثة أسابيع تحولت أطرافها - التي كانت ملفوفة بضمادات - إلى اللون البنفسجي! بعد أكثر من شهر تم تحويلها للأجنحة بعد أن أكد الأطباء الحاجة الماسة إلى بتر أطرافها الأربعة بعد أن اسودت وتفحمت! طار والداها إلى مستشفى بالمملكة العربية السعودية، لتدارك ما يمكن تداركه من صحتها وحياتها. صُدم الأطباء هناك من تقدم الحالة، وأكدوا أن وراء ما وصلت إليه من وضع خطير ومتدهور إهمالا أو خطأ طبيا! لدرجة أن لا فرار من بتر أطرافها الأربعة وبشكل عاجل كي لا تصاب بالتسمم في الدم وتموت.
الطفلة اليوم في الرابعة من عمرها، بلا أطراف، لجأ والداها للهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية (نهرا)، للتحقيق في قضية ابنتهم زهراء، فلم يصدر منها بعد أكثر من عامين أي تقرير يُذكر، رغم المتابعات الحثيثة من الأهل والمحامية! كما خاطبوا وزارة الصحة مع مطالبات بالتحقيق في القضية، فاكتفت الوزارة بمكالمتين هاتفيتين يتيمتين، وفي أقل من دقيقتين! الطامة الكبرى التي تضع بدل علامة استفهام واحدة ألف علامة، أين اختفى الملف الطبي للطفلة زهراء؟ فلا تقارير طبية يمكن الوصول إليها، ولا من استلم حالتها، وباشر تطبيبها، ولا من أخذ أو نفذ قرار علاجها! ما يؤكد أن ثمة قضية كبرى راحت ضحيتها أطراف هذه الطفلة. زهراء، ستبقى بقية حياتها بلا أطراف، ويجب محاسبة كل من تسبب في فقدانها أطرافها، وعلى الجهة المسؤولة تعويضها وتعويض أهلها مادياً ونفسياً، والتكفل بتركيب الأطراف الصناعية لها طوال حياتها، بل والتكفل بعلاجها النفسي والتأهيلي للتكيف مع حياتها الجديدة، والتكفل بتعليمها حتى تنهي دراستها الجامعية، وهو أقل حقوقها.
ياسمينة:
بعض الأخطاء لا تغتفر.
*كاتبة بحرينية