يعتبر الذكاء الاصطناعي (AI) أحد أهم الابتكارات التكنولوجية في العصر الحديث، إذ يتضمن تطوير أنظمة قادرة على أداء مهمات تتطلب ذكاء بشريا مثل التعلم، الاستدلال، والتكيف مع المواقف الجديدة. ومع تطور التكنولوجيا، أصبحت تطبيقات الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية في مجالات متعددة، فالذكاء الاصطناعي فرع من فروع علوم الكمبيوتر، إذ يهدف إلى إنشاء أنظمة قادرة على محاكاة الذكاء البشري، ويمكن تقسيم الذكاء الاصطناعي إلى نوعين رئيسيين: الذكاء الاصطناعي الضيق (ANI) وهو يختص بأداء مهمة محددة مثل التعرف على الصور أو الصوت، والذكاء الاصطناعي العام (AGI) ويهدف إلى تطوير أنظمة قادرة على أداء أية مهمة فكرية يمكن للإنسان القيام بها.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر، يستخدم الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض، وتطوير الأدوية، وتحليل البيانات الطبية لتحسين الرعاية الصحية، كما يتم استخدام الروبوتات الذكية في خطوط الإنتاج لتحسين الكفاءة وتقليل التكاليف، ومن الممكن استخدام أنظمة التعليم الذكية لتقديم محتوى تعليمي مخصص وتحليل أداء الطلاب، ناهيك عن استخدام تقنيات التعرف على الوجه والبصمة في أنظمة الأمان والمراقبة، وكذلك
تحسين تجارب العملاء من خلال تحليل البيانات واقتراح المنتجات المناسبة. ولاشك أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي، حيث إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تثير تساؤلات حول الخصوصية، الأمان، والتأثير على الوظائف، وقد جعلت الأتمتة والذكاء الاصطناعي فقدانا لبعض الوظائف التي عفا عليها الزمن، ما أدى إلى البطالة والنزوح الاقتصادي لبعض العمال، إذ يتطلب هذا التحول إعادة تشكيل المهارات والتكيف مع الأدوار الجديدة، وقد تكون متحيزة إذا تم تدريبها على بيانات غير متوازنة أو منحازة، بالإضافة إلى أن تأمين أنظمة الذكاء الاصطناعي قضية حساسة، حيث يمكن استخدامها بشكل ضار إذا لم يتم التحكم فيها بشكل صحيح.
ناهيك إلى حاجة الدول إلى تطوير أطر قانونية وتشريعية للتعامل مع التحديات التي تفرضها تقنيات الذكاء الاصطناعي.
لا ننكر أن الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقاً جديدة لتحسين حياة البشر في مجالات متعددة، لكنه يطرح أيضاً تحديات تحتاج إلى معالجة بحكمة. من خلال التوازن بين الابتكار والمسؤولية، ويمكننا الاستفادة من فوائد الذكاء الاصطناعي مع الحد من مخاطره.
من وجهة نظري الشخصية المتواضعة في هذا المجال، حيث إنني لست متخصصا في هذا العالم الذي لا ندري إلى أين سنصل في حياتنا، فإنني أرى ضرورة عدم الاندفاع وراء هذه الابتكارات من التكنولوجيا الحديثة والتريث في تطبيقها في أعمالنا. فهي بقدر ما تتمتع به من قدرات عالية في تطوير مهارات العمل وتسهيل المهمات، إلا أنها تفتقد المهارات واللمسات الشخصية والإنسانية أو ما يسمى ‘ personal or human touch ‘.
وليسمح لي القراء الأعزاء وإذا رجعنا إلى الوراء لسنوات طويلة، فإن الكثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة استحدثوا نظام الرد الآلي( Answering Machine ) على المكالمات الهاتفية للمراجعين بدل تخصيص موظف دائم (موظف بدالة)، يومها كان يعتبر هذا الابتكار أو الجهاز ثورة في عالم التكنولوجيا والاتصالات! أتذكر شخصيا كنت من المتحفظين على تطبيق هذه الفكرة لأنها لا تخدم المؤسسة ولا حتى المراجعين أو المتصلين من خارج المؤسسة. إذ ببساطة الجهاز الآلي لا يمكنه التفاعل بشكل جيد مع المتصلين والمراجعين، وبالتالي فإن خدمة الزبائن لا تكون مرضية من وجهة نظري.
الخلاصة.. أنا لست ضد استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات المؤسسات، لكن في مجالات خطوط الإنتاج والتشغيل والتصنيع وغيرها من القطاعات الفنية، وليس في الأعمال الأخرى التي تتطلب التعامل مع الأفراد، ففي مجال الصناعة والإنتاج عززت التطورات التكنولوجية بشكل كبير مختلف القطاعات، ما أدى إلى النمو الاقتصادي والتنمية، حيث أدت الأتمتة والذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات إلى تبسيط العمليات وخفض التكاليف التشغيلية. وجهة نظر ليس إلا.
كاتب وإعلامي بحريني