ليس مجرد عنوان يحتاج لـ “بعض الوقت”، لكنه قرار سيادي يحسم الجدل، ويعلق التردد، ويزيح العراقيل، برنامج “تكامل” الذي يسمح بتسجيل المنشآت السعودية في البحرين، هو نفسه توأمة مع قرار وزارة الصناعة والثروة المعدنية بالمملكة العربية السعودية، تأكيدًا على مبدأ المعاملة بالمثل، وتتويجًا لسنوات من الإجراءات التي أعقبت الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي.
التجار يجأرون بالشكوى، والناس تسأل منذ الماضي عن ثمار التعاون الخليجي، خرجت غرف التجارة والصناعة آنذاك لتتحدث عن العقبات، عن شهادات منشأ المحتوى المحلي فيها لا يشفي غليل الجهات في الدول الشقيقة المجاورة ولا يتلاءم مع المعطيات المحلية وقواعد نسبة القيمة المضافة الوطنية للمنتج المسموح بمروره من نقاط الحدو، حيث أصبح التكامل الاقتصادي الخليجي والسوق الخليجية المشتركة محل سؤال كبير، هل هناك تكامل؟ هل هناك اتفاقية اقتصادية مشتركة؟ حتى جاء الاجتماع الثالث لمجلس التنسيق السعودي البحريني برئاسة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة وولي العهد رئيس مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية الشقيقة سمو الأمير محمد بن سلمان، ليرسي مبدأ عادلاً في العلاقات الدولية عمومًا وبين الأشقاء في المنطقة، ألا وهو “المعاملة بالمثل”، تلك المعاملة التي عودتنا مملكة البحرين منذ فجر التاريخ بأنها سباقة في خطواتها نحو الأشقاء، في تنفيذ اتفاقياتها معهم، في الوصول إليهم وبذل الغالي والنفيس في سبيل أن يكون التعاون والتنسيق المدى المستحب، والسلام والوئام، هو الفلسفة والرسالة العربية المخلصة، والتكامل والتبادل والتفاهم والتحام الأسواق هو الطريق نحو اقتصاد أكبر ومستوى معيشي أفضل وحياة طبيعية أكثر استقرارًا وازدهارًا.
قبل أيام قلائل خرجت الصحف بقرارين متزامنين من مملكة البحرين والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، القرار جاء كثمرة للاجتماع الثالث المذكور أعلاه، لخطوة أولى نحو تسجيل المنشآت السعودية في برنامج “تكامل” البحرين الذي يسمح بمعاملة المنتجات البحرينية معاملة المنتجات السعودية والعكس، بشرط أن تبلغ نسبة المحتوى المحلي داخل المنتج الوطني المُصَنّع 75 % على الأقل، وهو ما يعزز القيمة المحلية المضافة، وهو ما يؤدي إلى إصدار شهادة تؤهل هذا المنتج للحصول على أفضلية 10 % بالمناقصات الحكومية المستقبلية في مملكة البحرين.
هذا القرار التاريخي من شأنه تعزيز حركة التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين وتحفيز الصناعة الوطنية وفتح أسواق عميقة جديدة، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمارات الأجنبية في الصناعة الوطنية بكل من البحرين والمملكة العربية السعودية.
قرار جاء كثمرة.. نعم، جاء بعد طوال مخاض، أيضًا نعم، تكامل التكامل تحقق أخيرًا ليثلج صدر الجميع بارك الله في الجميع.. كذلك نعم، لكنه جاء في وقته حيث تنعم المملكتان الحبيبتان بنعمة الرخاء والازدهار والاستقرار، وحيث الحاجة لمزيد من التعاون والتكامل والتنسيق أصبحت مُلحة على الصعد كافة ولا تنحصر فقط على الجوانب السياسية والأمنية والثقافية والاجتماعية.
“تكامل” التكامل برنامج اقتصادي استثنائي يؤدي إلى تفعيل بل وتتويج كل ما تم الاتفاق عليه جماعيًا وثنائيًا، وننتظر التنفيذ الذي سيصب في مصلحة قطاع تجاري عريق، وصناعة وطنية تسعى للتحفيز، ونشاط اقتصادي أقرب إلى “تكامل التكامل”، وتطوير التبادل وسرعة التواصل.
*كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية