العدد 5705
الثلاثاء 28 مايو 2024
يقتلونهم لكنهم “لا يموتون”
الثلاثاء 28 مايو 2024

سبعة عقود كاملة، وأرض فلسطين ترتوي بدماء أبنائها الأبطال، قتل في كل مكان، قنابل، وصواريخ، ورصاصات قناصة، وتصفيات دنيئة طالت الجميع بلا رحمة، أو شفقة.
كل من يجهر بالقضية، ويطالب بحقه المشروع في وطنه، يقتل، وكل من له صوت، وآذان صاغية تنصت له يقتل، وكل من لا يُشترى بالمال يقتل، لا يهم من يكون، أو كم هو عمره، أو إذا كان مذنبا أو بريئا، المهم أنه أخرس الألسن، وقطعها، ودفنها للأبد، وفرض الوطن المزيف مكانها.
وعلى الرغم من كل ما يحدث، إلا أن الشهداء يعودون للدفاع عن أرضهم بكل مرة، يعودون بصورة هذا الطفل، وذاك الشاب، وهذا الأشيب، وهذا الكهل.
يعودون بصورة هذه المرأة العنيدة، وتلك الطاعنة بالسن، التي لا تخشى أصوات جنازير الدبابات المدوية، أو رصاص الغدر، أو إقبال جنود الاحتلال، ممن تمرغوا ونشأوا على قتل الأطفال، وسفك دمائهم، بمتعة السفاحين، والمرضى النفسيين. 
الموتى في فلسطين ليسوا جثثا خاوية، فعلاوة على أنهم “أحياء عند ربهم يرزقون”، فهم أحياء بنسل هذا الشعب البطل، الصامد، الذي لا يحتاج لأن يعلمه أحد ما يجب عليه فعله، وكيف ومتى وأين.. 
في فلسطين، هناك أبطال أستوديوهات “مارفل” الحقيقيون، ممن يلقنون المغتصبين، القادمين من البلدان البعيدة، دروسا لا تنسى في محبة الأوطان، والارتباط بالتربة، والأرض.
في فلسطين، نتعلم اليوم، وكل يوم، كيف هي البطولة الحقيقية، وكيف يكون الرجال فعلاً وقولاً ومكانة بين الناس، وكيف يتقزم هذا العدو الغاشم، بكل أرتاله، ودباباته، أمام الحجر الفلسطيني، وأمام صرخات المقبلين على الشهادة، وعلى الفرح بلقاء ربهم.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .