خلال أقل من أسبوعين بين عشية ذكرى نكبة 48 والأيام القليلة التي تلتها حقق الفلسطينيون مكاسب سياسية تاريخية بالجملة، ولن ندرك مدى دلالاتها الرمزية ما لم نتذكر بأن الفلسطينيين والعرب وعلى مدى أكثر من ثلاثة أرباع القرن ظلوا يذكّرون العالم بنكبة الشعب الفلسطيني وتشريده على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي، لكن صرخاتهم السنوية بدت وكأنها تُطلق في البرية دون مستجيب. الأوقح من ذلك ورغم أن كل المآسي التي عانى ويعاني منها هذا الشعب مصدرها الأول يتمثل في "وعد بلفور"، فإن رئيسة وزراء الحكومة البريطانية دشنت قبل سنوات قليلة الاحتفال بمرور قرن على هذا الوعد المشؤوم، دون أن يرف لها جفن.
أما أميركا الداعم الأول بقوة وبمختلف أشكال الدعم لإسرائيل بلا حدود، بما في ذلك استمرار حربها الإبادية الحالية على غزة، فإلى قبل شهور قليلة كان رئيسها جو بايدن لا يخجل من أن يردد اسطوانته بالغة الاستفزاز للفلسطينيين والعرب: "لو لم تُخلق إسرائيل لخلقناها"، لكن لننظر اليوم إلى حجم المكتسبات المذهلة، منذ هجوم "الطوفان"، في ترجمة عملية لمقولة الإمام علي: "ما ضاع حق وراءه مطالب"، وهو يعني أيضاً ما ضاع حق وراءه قضية عادلة ونضال عنيد طويل النفس، وصمود أسطوري لشعب مقاوم:
1- العاصمة البريطانية تجتاحها المظاهرات المنددة بالإبادة والمطالبة بالحرية للشعب الفلسطيني، وقبلها كانت ومازالت المظاهرات الطلابية والشعبية في مختلف المدن الأميركية.
2- جنوب أفريقيا تطلب من محكمة العدل الدولية استخدام سلطاتها لمنع إسرائيل من اجتياح رفح.
3- تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية كبيرة للاعتراف بعضوية دولة فلسطينية كاملة في الأمم المتحدة.
4- محكمة الجنايات الدولية تصدر مذكرات ملاحقة أمنية واستدعاء للمثول أمامها بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ووزير حربه يو آف غالانت وثلاثة من قادة حماس.
5- وأخيرا، وعند ساعة كتابة هذه السطور، أعلنت أسبانيا وأيرلندا والنرويج في وقت متزامن الاعتراف بدولة فلسطين على حدود 1967، والمدهش أن "حماس" التي كانت تعارض بشدة إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وتطالب بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، قد رحبت بهذا القرار.
فطوبى لك وألف طوبى أيها الشعب العظيم لتحقيقك هذه المكاسب وأنت تعيش في حالة أسوأ انشقاق بين قياداتك، وفي ظل أسوأ حالات العرب انقساماً.
كاتب بحريني