العدد 5725
الإثنين 17 يونيو 2024
عـيد الأضحى المبارك
الإثنين 17 يونيو 2024

عيد الأضحى أو العيد الكبير يُمثل ذكرى لقصة نبي الله “إبراهيم عليه السلام” عندما أمره الله بالتضحية بابنه “إسماعيل”. لذلك يقوم الحاج بذبح أحد الأنعام ويتم توزيع لحمها على فقراء المسلمين، وكذلك يفعل بعض المسلمين القادرين في بلدانهم وفي البلدان التي يعيشون فيها، وتحتفل بهذا العيد جميع الدول الإسلامية والمسلمين في الدول الأخرى تضامنًا مع وقفة الحجيج وانتهاء حجتهم المباركة. في هذا العيد كما في عيد الفطر يجتمع الأهل والأسر والأقارب والجيران ويحدوهم الشوق والحنين لمن غابوا عنهم ورحلوا، وتهفوا نفوسهم إلى لقاء الغائبين عنهم.

ولهذا العيد فلسفته وآدابه ومعانيه، ومنها قصة نبي الله “إبراهيم”، قصة مليئة بالإيمان والصبر، والامتثال لأوامر الله تعالى، وفي القصة نجد أيضًا الأدب الرفيع بين النبي وربه في طاعة ما أمر به، وبين الابن وأبيه الذي لم يعترض على ذبحه. ومن هنا جاءت الأضحية بالحج، إذ جعل الله ثوابها عظيمًا، ونفعها عميمًا للفقراء والمساكين والمحتاجين.

ففي كل عيد تتزين بيوتنا ونلبس الجديد من الأثواب ونقتني أفضل الأطعمة فرحًا وتبركًا بالعيد، ونوزع العيديات على الأطفال بدون استثناء وعلى أهل بيتنا أجمعين، ويكون احتفالنا بالعيد نموذجًا لفرحتنا، ولنظهر فيه عظم انتمائنا للدين، وقوة ترابطنا وثقافتنا وتعاطفنا، فالتعاطف مع الآخرين في هذه المناسبة الجليلة تمسكًا بقِيَم التساند والتآلف، وتأكيدًا لأواصر المحبة، وتعظيمًا لصلة الرحم. فالعيد له الكثير من الفضائل والمنافع والفرح والقُرب من الله والفوز برضاه. فالعيد يوحد الفرحة ويُحقق المساواة، ولا فرق في ذلك بين الغني والفقير.

ولنتذكر في هذه الأيام أهلنا في فلسطين، ولسان حالنا يُردد (عيد بأية حال عدت يا عيد)، حيث يتصاعد عدوان الاحتلال على قطاع غزة والضفة الغربية، وأهلها يبحثون عن مأوى، وعن لقمة تشبعهم، وعن دواء يُسعفهم، تشردوا من ديارهم والعدو يُلاحقهم لإبادتهم. فقد غاب العيد عنهم، فغابت معه ضحكات الأطفال وابتسامات النساء وفرحة الرجال، واستبدلوا رائحة حلوى العيد برائحة الدخان بعد أن دك العدو بيوتهم دكًا، فجعلها ركاما ومقابر تفوح منها رائحة الموت والدم. أطفالنا يستقبلون العيد بالبهجة والفرح، وأطفال غزة ورفح يموتون جوعًا ويٌقتلون ويبكون من هول ما يحدث لهم. ويتجه الرجال في العيد إلى المجالس ليتعايدوا، وفي فلسطين يقوم الرجال بدفن الشهداء، وبمداواة الجرحى، وتقضي النساء الوقت مع أمهات وزوجات وأخوات الشهداء ومع الأرامل واليتامى. إن في غزة عيدًا آخر غير عيدنا.

كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية