العدد 5702
السبت 25 مايو 2024
banner
مخاطر الذكاء الاصطناعي
السبت 25 مايو 2024

كلما تطورت التكنولوجيا، كلما قلت الحاجة إلى بذل الجهد، وتعاظمت الاتكالية لدى البعض، وهو ما ازداد بشكل مضطرد ليفوق كل التوقعات، ويأتي شيئاً فشيئاً على ما تبقى، وكل ذلك بهدف الاستسهال وغياب المبرر الذي يقضي بالوصول إلى الهدف بقدر من المشقة أو العناء. أصابت التكنولوجيا في السنوات الماضية بمقتل الكثير من الأنشطة الحياتية، ومنها الأنشطة الحركية التي لم يعد لها مبرر، مثل الانتقال من مكان إلى آخر، أو التحكم بالأشياء في أي وقت وبأي مكان، كما أنها أصابت أبعد من ذلك بكثير ألا وهي الثقافة وشكل الشخصية المتعلمة بمكنوناتها المتعارفة، ولم يقتصر الاتكال كما الماضي على السيد (جوجل) والاقتباسات السريعة غير المدروسة وحسب - وهو ما كانت له تبعاته السيئة على حجم الحراك الثقافي لدى الأجيال المعاصرة لهذا التقدم - بل بات الاعتماد كلياً ولا مناص من الفرار منه مع الأداة الطاغية المسماة بالذكاء الاصطناعي.

قد بدأ الجيل اليافع هذا الاعتماد الذي يفوق المطلوب منه، ومن هذه الاعتمادات ما يدعى (chat GPT) الذي يجيب على كل الأسئلة، ويقوم بأية مهمة تكلفه إياها، وهو ما يستغل من بعض الطلبة، وتحاول بعض الجهات التعليمية تفادي الاستغلال السيئ لهذه التكنولوجيا بالسماح بتوظيفها بطريقة أو بأخرى في بعض الأنشطة والتكليفات، لكن الأدهى والأمر من ذلك كله هو الشكل الذي ستكون عليه الأجيال المتعاقبة، باعتبارهم متفردين بالاعتماد المبالغ وتقنين المجهود، وهو ما قد يتمخض عنه ما ليس مألوفاً في السابق، بل وقد يقصي فرضية الثقافة الكامنة في الشخصيات المتعلمة. في ناحية أخرى فإن أبسط استغلال لهذه التكنولوجيا قد يعزز ويزيد من عمليات النصب الإلكترونية، ومنها على سبيل المثال محاكاة الأصوات، وما قد يترتب عليها من ضحايا صنيعة هذا الاستغلال، وغيرها من الابتكارات الأخرى التي يخدمها هذا التطور.

يتطلب واقعاً الاستفادة قدر الإمكان من الذكاء الاصطناعي، مع التجنب الشديد لمخاطره، وذلك بالتوعية الجيدة، ودعم وتعزيز الاستخدام الأمثل له حتى تتشكل الشخصية المتعلمة مستقبلاً كما هو طبيعي ومطلوب، وألا يأتي يوم تكون فيه الثقافة عملة نادرة حتى بين المتعلمين.

كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية