العدد 5667
السبت 20 أبريل 2024
banner
د. محمود الأنصاري
د. محمود  الأنصاري
الرجل المناسب في المكان المناسب.. رشيد المعراج نموذجًا
السبت 20 أبريل 2024

في عالم الإدارة والقيادة، تُعدّ قاعدة “الرجل المناسب في المكان المناسب” من بين أهم المبادئ التي تؤدي إلى نجاح المؤسسات، وتحقيق أهدافها؛ فوضع الشخص المناسب في المنصب المناسب يضمن الاستفادة القصوى من خبراته، ومؤهلاته، مما يساهم في تحقيق الكفاءة والفعالية، ومع أن اختيار الشخص المناسب للمناصب القيادية يُعدّ أحد أهم التحديات التي تواجه الهيئات، والمنظمات، إلا أن توظيف الأشخاص ذوي المهارات، والخبرات المُناسبة يُعزّز فعالية الفريق، ويزيد فرص النجاح.
في هذا السياق، يُمثل تعيين رشيد المعراج رئيسًا لمجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي خطوة حكيمة، وصائبة، خاصةً في هذه الفترة الحرجة التي تواجه فيها الصناديق التقاعدية العديد من التحديات، والمشاكل؛ رشيد المعراج يتمتع بخبرة طويلة، وغنية في القطاع المصرفي والمالي، مما يجعله الشخص الأنسب لقيادة الهيئة، وإصلاح الخلل الموجود في الصناديق التقاعدية، وتحقيق الاستقرار المالي المطلوب.
وهناك ملفات هامة، وعاجلة تنتظر تدخل رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي لمعالجتها، وتصحيحها، ومن وجهة نظري، ينبغي أن ترتكز خارطة الإصلاح على أمرين أساسيين: 
أولاً: إصلاح الجهاز الاستثماري للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي: يتطلب ذلك إجراء تقييم شامل لأداء شركتي “أصول” و”أملاك”، اللتين تمثلان الذراع الاستثماري للهيئة، وهذا التقييم خطوة ضرورية لفهم مدى تأثيرهما على الاستثمارات والاستقرار المالي للصناديق التقاعدية، وتحديد ما إذا كانت الشركتان قد حققتا الأهداف المرجوة منهما، أم أصبحتا عبئًا ماليًا إضافيًا على الصناديق.
ثانيًا: إصلاح الجهاز الإداري للهيئة: يجب أن يبدأ هذا الإصلاح بتحسين الجهاز الإداري، بدءًا من مجلس الإدارة، والإدارة التنفيذية، من خلال اختيار أشخاص ذوي كفاءة عالية قادرين على إدارة الأصول التقاعدية بفعالية، وشفافية. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون من المفيد تعديل بعض القوانين ذات الصلة، مثل تعديل المادة الرابعة من قانون رقم (3) لسنة 2008م المتعلق بالهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، لضمان أن يكون مجلس الإدارة مؤلفًا من أعضاء ذوي خبرة في إدارة الأصول المالية. بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز آليات الرقابة والمتابعة للالتزام بأفضل المعايير في إدارة أموال الصناديق التقاعدية، ووضع آليات فعّالة لمراقبة أدائها وتقييم استدامتها؛ فالشفافية، والمساءلة هما الضامنان الرئيسان لحسن إدارة الأموال العامة، وحمايتها من الهدر أو الاستغلال.
في الختام، يظهر أن مهمة القيادة تعتبر تحديًا هائلًا نظرًا للقرارات التي يتعين اتخاذها، وإدارة الموارد لتحقيق الأهداف، ومع ذلك، فإن توفير البيئة الملائمة للقائد يعتبر أمرًا حيويًا لضمان نجاح عمله؛ فمنحه الاستقلالية ضمن إطار قانوني يمنحه الحرية في تطبيق خبرته وابتكار الحلول الفعّالة، في حين يمكن أن تعوق التدخلات الإدارية أدائه، وتقلل من إنتاجيته؛ لذا يجب توفير الصلاحيات الكاملة للقائد ضمن سياسات واضحة، مما يمكنه من استغلال قدراته بشكل أمثل، ويضمن نجاح الجهود المبذولة لتحقيق أهداف المنظمة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .