كانت مملكة البحرين أولى بلاد العرب تستقبل شمس عيد الفطر المبارك أمس الأول..
في ذلك رمزية جغرافية يؤيدها تاريخ المملكة، حيث كانت دائما أولى بلاد شبه جزيرة العرب التي يشرق عليها نور كل جديد.
دعنا الآن من كل شيء كانت البحرين سباقة فيه، وأشرقت عليها شمسه أول ما أشرقت في بلدان الخليج، من اكتشاف البترول للتحليق في السماء بأول أسطول للطائرات إلى أول صحيفة أسبوعية.. فليس ثمة مجالها، ولنركز على الروحانيات في هذه الأيام الدينية، ولنتأمل ذلك الموقف الذي وقفه الصحابي أبو هريرة أمام الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه في المدينة، يعتذر منه عن الاستمرار في ولاية البحرين، لأن أهلها ليسوا بحاجة لعلمه بعد، وقد جمعوا ووعوا وأوفوا، بعد وقت وجيز من دخولهم في الإسلام.
هي مروية مختلف عليها، بيد أنها تثير دهشة المرء من كل هذا الأثر الهائل العابر للتاريخ والجغرافيا، النابع من تلك اللؤلؤة الصغيرة المتلألئة في مياه الخليج العربي، مثل نقطة ضوء ساطعة متراقصة على أمواج المياه، حاملة بريقا ممتدا في جذور التاريخ الإنساني، بداية من حضارة دلمون، وملحمة جلجامش، مرورا بصدر الإسلام، حتى تلك الأحداث والشخصيات والجماعات المثيرة للجدل التي سكنت البحرين في وقت من الأوقات.
تختلف الروايات حول حقيقة ولاية أبو هريرة للبحرين، فمنها ما يذهب إلى أنه لم يكن واليا عليها قط، ولم يزرها يوما، بينما تقول روايات أخرى إنه جاءها مع الوفد الذي بعثه النبي عليه الصلاة والسلام إلى حاكمها آنذاك المنذر بن ساوي يطالبه بالإسلام، فأسلم الرجل من فوره، غير أنه بعث يسأل: لدي يهود ومجوس، فماذا أنا فاعل بهم؟ فرد عليه النبي بأن ادعهم للإسلام وإن ظلوا على ما هم عليه، فعليهم الجزية.
هنا تبدو البحرين في تلك الرواية كما كانت وكما هي عليه الآن: حاضنة للتنوع الثري.
في مرض المنذر الذي مات به، جاءه عمرو بن العاص فسأله عما يجب على المريض أن يتصدق، فأجابه، ليتصدق بجانب كبير من ماله حتى تعجب منه عمرو من كرم هذا الرجل وقومه، الذين استجابوا بحب لجمع فضل أموال أغنيائهم لإعانة المعوزين منهم، فيما كانت بعض العرب تحاول التملص من فريضة الزكاة، وقد حاربت الخليفة الأول أبابكر الصديق حينما طالبهم بها.
وها هي البحرين ساطعة كما كانت في التاريخ الإسلامي، أول ما يستقبل شموس أيام الله.